'لغتنا هي هويتنا التي لا يمكن صهرها'

يحتفل أهالي إقليم شمال وشرق سوريا بيوم اللغة الكردية الذي يصادف الخامس عشر من أيار/مايو، من خلال تنظيم العديد من الفعاليات الترفيهية والثقافية المختلفة، بحضور جميع المكونات من طلبة ومعلمين/ات.

الحسكة ـ أكدت المشاركات في احتفالية يوم اللغة الكردية، أن اللغة هي هوية الإنسان وعملت الإدارة الذاتية منذ تأسيسها في إقليم شمال وشرق سوريا على إحيائها بعد أن كانت مهددة بالاندثار في ظل نظام البعث.

يصادف الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام يوم اللغة الكردية ويتم الاحتفال به من خلال نشاطات وفعاليات ترفيهية وثقافية مختلفة، وبات الاحتفال بشكل رسمي منذ ثورة 19 تموز/يوليو 2012، وتأسيس العديد من المراكز التعليمة باللغة الكردية وافتتاح المدارس والجامعات الخاصة بها ووضع مناهج حديثة لتدريسها في المراكز التعليمية، بعدما أن كانت ممنوعة.

ونظمت هيئة التربية ومعهد أعداد المدرسين في مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا اليوم الثلاثاء 14أيار/مايو، احتفالية بهذه المناسبة تحت شعار "اللغة هي هوية الشعوب وكرامتها" بحضور المئات من الطلبة والمعلمين/ت، وتضمنت الاحتفالية معرض فن تشكيلي لاختصاص الرسم، وتكريم الطلاب الأوائل وعرض مسرحي وتقديم الفرق الفنية مجموعة من الأغاني الفلكلورية.

وعلى هامش الاحتفالية قالت الادارية بمعهد إعداد المدرسين في مدينة الحسكة جيندا أحمي إن "أول مجلة كردية أصدرت باسم هاوار في 15أيار/مايو عام 1932 على يد جلادت بدرخان في مدينة دمشق، ومنذ ذلك الحين نحتفل بهذه المناسبة وأصبحت عيداً لنا، رغم جميع الضغوطات والمحاولات لصهر لغتنا وثقافتنا"، موضحة أن "أجدادنا ناضلوا من أجل الحفاظ عليها ونقلها إلى الأجيال القادمة، وعلى هذا الأساس ومنذ انطلاقة ثورة روج آفا عملنا على تطوير اللغة الكردية وافتتاح المدارس والجامعات الخاصة".

وأشارت إلى أن هذه الاحتفالية نظمت من قبل معهد إعداد المدرسين، وسيتم تكريم الطلبة الأوائل وافتتاح معرض خاص بطلاب قسم الرسم "نحث شعبنا الكردي بضرورة المحافظة على لغتهم الأم ومنعها من الانصهار من قبل الأنظمة التي تحاول قمع هوية الشعوب، ونعمل من أجل تطوير اللغة الكردية وتدريس كافة المناهج الدراسية فيها، لأنها ميراثنا وحضارتنا وهويتنا".

وأكدت أن المرأة هي من تحافظ على اللغة وتعلمها لأطفالها والأجيال القادمة، وهي اليوم معلمة وأم بنفس الوقت ولهذا تقع المسؤولية الكبرى على عاتقها من أجل المحافظة عليها ولأن اللغة هي هوية الإنسان والكثير من الشعوب حافظت على تاريخها وثقافتها عبر التاريخ عبر اللغة فهناك الكثير من اللغات انصهرت ولكن الشعب الكردي ناضل من أجل الحفاظ عليها.

ومن جهتها أوضحت المعلمة لافا أحمد "في السابق لم نكن نستطيع الاحتفال بيوم اللغة الكردية بسبب سياسة حكومة دمشق التي كانت تضطهد الشعب الكردي والمكونات الأخرى وتمنعهم من حقوقهم الثقافية، أبارك هذا اليوم على جميع المعلمين/ات الذين ناضلوا وعملوا من أجل تطوير اللغة الكردية وحافظوا عليها".

ودعت لافا أحمد الشعب الكردي للحفاظ على لغته الأم "اللغة هي هويتنا وثقافتنا ويجب علينا المحافظ عليها، فلغتنا هي حضارتنا وتاريخنا وميراثنا الذي تركه لنا الأجداد، وبفضل ثورتنا والإدارة الذاتية تحقق حلم آلاف السنين وأصبحنا نتعلم لغتنا وتم بناء الأكاديميات والجامعات والمدراس الخاصة بها، ونتكلم بها دون خوف وقيود وبكل طلاقة".

 

 

"اللغة تمثل هوية الإنسان"

وفي مدينة منبج أقام مكتب تعليم اللغات، بالتعاون مع لجنة التربية والتعليم في مقاطعة منبج احتفالية وخلالها تم تخريج 6 دورات لثلاثة مستويات لتعليم اللغة الكردية من قبل مكتب تعليم اللغات، إلى جانب تكريم الطلاب/ات الأوائل، وتخللت الاحتفالية مشاركة واسعة من جميع المكونات وفقرات غنائية وحلقات دبك، مع ارتداء الزي الفلكلوري الكردي.

وعلى هامش الاحتفالية قالت الرئيسة المشتركة للجنة التربية والتعليم في مقاطعة منبج نقشيفان محمد "لأن اللغة تعتبر هوية الإنسان عملت الإدارة الذاتية منذ تأسيسها على إحيائها بعد أن كادت تندثر في ظل الأنظمة الحاكمة سابقاً"، لافتةً إلى أن ما يميز مناطق الإدارة الذاتية هي حفاظها على كافة اللغات والثقافات وخلقت التناغم والتآخي بين جميع مكونات المتواجدة على جغرافيتها".

وأكدت أن "الاحتفال بهذا اليوم مع جميع مكونات الشعب يعتبر كالفسيفساء تفتقده كافة دول الشرق الأوسط بينما نحن نتميز به، فليس الكرد والعرب فقط يتعلمون ويكتبون بلغاتهم كذلك التركمان والشركس والأشور جميعهم يمارسون لغاتهم بحرية كاملة".

كما عبرت شريفة إبراهيم والدة إحدى الشابات الأوائل في دورة المستوى الأول لتعليم اللغة الكردية عن فرحتها بهذا اليوم قائلةً "نحن سعداء بهذا اليوم الذي يعبر عن هويتنا"، مؤكدةً أنه "في ظل الأنظمة السابقة كحكومة دمشق والفصائل التي تلتها كنا ممنوعين من التحدث بلغتنا الأم، كما عانى أطفالنا كثيراً في المدارس بسبب عدم قدرتهم على التحدث باللغة العربية".  

وأشارت إلى أن ابنتها كانت تتعرض للكثير من الصعوبات أثناء دراستها في المدرسة والتحدث باللغة العربية "لعدم قدرة ابنتي على الفهم والتحدث باللغة العربية كانت تتعرض للضرب من قبل المعلمين وبسبب ذلك لم تكمل دراستها، كما تعرض ابني أيضاً للضرب من قبل معلميه نتيجة ارتداء قبعة بلون يرمز للثقافة الكردية ولكنه أصر على إكمال تعليمه".

وأكدت أن الشعب الكردي عانى كثيراً حتى وصل إلى هذا اليوم "الآن وبفضل التضحيات وثورة 19 تموز نتحدث وندرس بلغتنا بكل فخر واعتزاز وقد كرمت ابنتي لأنها كانت من الأوائل، أما ابنتي الأخرى تدرس في الجامعة بلغتها الأم، فهذا اليوم يعتبر بالنسبة لنا يوماً مقدساً نحيي فيه لغتنا".

من جانبها قالت دنكيمان رمضان الإدارية في مكتب تعليم اللغة وإحدى معلمات اللغة الكردية "نحن كمكتب تعليم اللغات دورنا هو إعادة إحياء اللغة الكردية عبر افتتاح دورات للمستويات الثلاثة، وفي يوم اللغة الكردية نحتفل ونخرج الطلبة الذين خضعوا لدورات تعليم اللغة الكردية عبر توزيع الشهادات عليهم ونكرم الأوائل منهم"، موضحةً أن مكتب تعليم اللغات ابوابه مفتوحة لجميع المكونات لتعلم اللغة الكردية فتعليم اللغة الكردية ليس حكراً على الشعب الكردي فبإمكان الجميع تعلمها والتحدث بها".