لبنانيات تطالبن بالتركيز على الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة
اختتمت ورشة العمل الإقليمية حول "تعزيز قدرات النساء المشاركات في الشأن العام"، بمناقشة الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، مشددة على أهمية ذلك في تطوير المشاريع ضمن موازنات محددة بما يتناسب مع طموحاتهن واحتياجاتهن وتحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ أكدت الناشطات والسياسيات المشاركات في ورشة العمل الإقليمية حول تعزيز قدرات النساء المشاركات في الشأن العام، على ضرورة تعريف النساء بحقوقهن وإشراكهن في مواقع صنع القرار، ليكون بإمكانهن المساهمة في تطوير مجتمعاتهن.
في ختام أعمال ورشة العمل حول "تعزيز قدرات النساء المشاركات في الشأن العام"، والتي أقيمت في العاصمة اللبنانية بيروت في الفترة الممتدة بين 13 و15 أيار/مايو الجاري، تمت مناقشة الموازنات المستجيبة لاحتياجات النساء، لا سيما ضمن عملهن في الشأن العام.
وعلى هامش الورشة قالت هند الصوفي "إننا نسمي الموازنة العادلة بـ "عادلة" لأنها مراعية لاحتياجات النساء والرجال والفئات المهمشة في المجتمع، وهي متبعة من قبل 160 إلى 170 دولة في العالم، وقد وجد الباحثون أنها من أهم الآليات للقضاء على الفقر، وهي آلية تعنى باحتياجات جزء كبير من المجتمع، فهي تعيد تقسيم الثروات بشكل يفيد الفئات المهمشة، وفي نفس الوقت تمكِّن النساء من معرفة مشاكلهن والمشاريع التي يجب العمل عليها، وقد أثبتت بالفعل نجاحاً عالمياً فعالاً جداً، وساهمت بنجاح كثير من النساء، وقد بدأت مع النساء في أستراليا وانتقلت إلى كل بلدان الكومنولث، وحتى في لندن لغاية الآن لديهم ما نسميه بـ (موازنة النساء)".
وأَضافت "الموازنة العادلة تخدم الشخص بذاته، تخدم المرأة التي اتبعت هذه الموازنة، وتخدم عائلتها ومجتمعها الصغير كذلك، إن كان في القرية أو المدينة، مجتمعها الأكبر الذي هو الوطن، والشيء الأهم أن تتفق أيضاً مع أهداف التنمية المستدامة، وهي تتطلب دقة متناهية في وضع البرامج و"فلترة" الضرائب، بحيث تتمكن من حل المشاكل الاقتصادية وأن تساهم في أهداف التنمية المستدامة، وأهداف التطور الوطني وسياسة الحكومات، لأن الموازنة وكما نعلم تعطينا صورة عما يحدث في البلد من دين خارجي إلى مشاكل أخرى اقتصادية وغيرها، وتطوير مجتمع المرأة المحيط فيها، يعني خدمتها وخدمة عائلتها وأن تتمكن من أن تنتج أكثر في المجتمع".
وأشارت إلى أن "كل المجتمعات قادرة على تطبيق الموازنة العادلة، وإجمالاً كل المجتمعات تطبقها، في لبنان يعدون بعض البرامج التي تُصرف للنساء ولكن دون تحديد أهداف محددة، ودون قياس الأثر بشكل جيد، يضعونها بشكل عشوائي، ومن المفروض أن لها تقنية معينة تعلمتها الفتيات وعرفن كيف توضع البرامج بالتوافق مع المجتمع المدني ومع نساء وبرلمانيات هن على دراية جداً باهتمامات الجميع، وخصوصاً حاجات النساء، بحيث يضعون الموازنة ويقيسون أثرها بشكل متناهٍ جداً وبدقة لتؤدي نتائج موجهة بالأهداف في المجتمع تخدم الألفية الثالثة وأهدافها وتخدم البلد وسياسته والمجتمع الضيق والعائلة النواة".
ولفتت إلى أنهم أخذوا الفلسفة الغربية لمفهوم هذه الموازنة المواكبة لاحتياجات النساء في مجتمعاتهم العربية "لم نتبنّ الأمور التي لم تتوافق مع مجتمعاتنا، بل خلقنا ديناميكية معينة لمناقشة البنود والقضايا التي تخص مجتمعنا، مثلا الحق في الحصول على القروض للنساء والرجال، وكم أن المرأة هنا مظلومة في القروض الكبيرة وليس القروض المتناهية الصغر، مثلاً تسجيل الأراضي التي ترثها المرأة من أهلها والكم من الحرمان الذي تعاني منه المرأة الريفية، في السابق كانت القوانين لدينا في لبنان تعيق وتدفع المرأة نحو حرمانها من حقوقها، وكان أسهل لها أن تضع الممتلكات باسم أخيها وهو يقوم بتسجيلها، لكن في النهاية كانت تضيع شيئاً من مكتسباتها، عدا عن أن هناك عقلية تعود قليلاً إلى الإقطاع القديم لجهة أن تكون الأرض لذكور العائلة، لذلك يستبعدون المرأة، وقد تم ايجاد الكثير من الحلول لتمكين المرأة الريفية، من بينها توفير تأمين صحي لها، وتمكينها من تسويق كل المنتجات التي تصنعها، وتعريفها بالقوانين".
وقالت المشاركة في ورشة العمل مادونا أبي حبيب من التيار الوطني الحر اللبناني "أعطتنا ورشة العمل هذه خبرات كثيرة للغاية، ومن ضمنها القوانين التي تحمينا كأشخاص والشفافية في العمل ضمن القطاع العام، وكذلك قانون الشراء العام في لبنان، وكيفية تطبيق الموازنة في البلديات بما يتناسب مع احتياجات النساء، والجميل أننا تعرفنا على الكثير من الناشطات، وتمكنا من التقارب وأن نتبادل وجهات النظر لنوصل أصواتنا بصورة أكبر كنساء فاعلات في المجتمع، وخصوصا أن الخبرات تختلف بين البلدان، وحاولنا كلبنانيات إيصال صوتنا بصورة أكبر، واطلعنا على قدرة النساء في الدول العربية الوصول إلى المجلس النيابي بصورة أكبر من لبنان، على الرغم من أن الأخير كان من الدول المؤسسة لحقوق المرأة".
وأضافت "لقد حصلت من خلال مشاركتي في الورشة على نظرة أوسع حول كيفية تنظيم الموازنة، وطرح المشاريع ودراستها، وأن أتمكن من إيصال صوتي مع تقارير دقيقة للمجلس النيابي ليتم تشريعه عبر التصويت عليها، وتوفير موازنة خاصة تتناسب مع النساء وحقوقهن وتعزيز قدراتهن في المجتمع اللبناني، لا سيما في الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، لنتمكن من إيصال صوت المرأة وأن نبرع في مجالات عديدة ونكون فاعلات أكثر في مجتمعنا".
من جهتها، أشارت عضو البرلمان السابقة وأمينة المكتب السياسي لتيار الحكمة الوطني في العراق ليلى الخفاجي إلى "أهمية وجود المرأة في حلقات صنع القرار على مستوى الأحزاب والتي ستمكن المرأة العراقية من ألاّ تكون إكمال للعدد في البرلمان، وإنما ستكون ناضجة سياسياً وحزبياً عندما تذهب إلى البرلمان، وأن تكون فاعلة في صنع القرار في التشريع، في الحياة البرلمانية، وكذلك في المجالس المحلية، أي أن الحزب يستطيع نتيجة التمييز الإيجابي أن يقدم نماذج نسوية كفؤة وقديرة في المجالس المحلية وفي الحياة البرلمانية في المستقبل، ونحن على أعتاب دورة برلمانية جديدة في 2025، وكذلك انتهينا من مجالس المحافظات وتشكيل الحكومات المحلية في المحافظات".
وحول التحديات التي تواجه المرأة العراقية تقول "من بين التحديات التي تواجه العراقيات حاجة القوانين والتشريعات إلى تعديل من أجل توفير غطاء وحماية أكثر لهن في التصدي لقضايا تتعلق بالشأن العام، والشأن العام أقصد به السياسي والاقتصادي التنفيذي أو البرلماني، بالإضافة إلى المجتمع العشائري الذي تتميز به بعض مدن العراق"، لافتةً إلى أنه "بعد عشرين سنة من التغيير نجد أنه حتى هذه المجتمعات العشائرية أصبح قبولها للمرأة أفضل من السابق، مع وجود نساء أكثر متصديات ما سيساعد على محو النظرة النمطية للمرأة".
وأكدت على أهمية "وجود المرأة في مراكز صنع القرار، باعتبار أن نظامنا برلماني، وفي "تيار الحكمة" خطونا خطوة إيجابية كبرى من أجل تمكين المرأة في حلقات صنع القرار، حيث تم وضع "كوتا" من أجل أن تكون المرأة ليس في الهيئة العامة عضوا فحسب، بل أيضا في حلقات صنع القرار، اليوم في المكتب السياسي لـ "تيار الحكمة الوطني" هناك 6 نساء من مجموع 25 عضوا، وهو أعلى حلقة لصنع القرار في هذا الحزب".
وشددت على أهمية الوقوف على واقع المرأة قبل تغيير النظام السياسي لتسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها العراقيات "عانت المرأة العراقية كما الرجل لثلاثة عقود من نظام ديكتاتوري بائد، كانت المرأة هي المضحية، فكثير من النساء قد لا يعرفها الشارع العربي مع الأسف لأنه تم تغييب صوت المعارضة وتغييب ما عانت منه المرأة، فخلال حكم صدام حسين تم إعدام وسجن العديد من النساء من بينهن من صديقاتي، وأنا نفسي تم سجني لـ 11 عاماً، وهذا يدفعنا لنسلط الضوء اليوم أكثر على الإنجازات التي تحققت خصوصا بما يتعلق بالنساء".
من جانبها عرضت نائبة رئيس مجلس عمالة الرباط هدى لخشين إنجازات المرأة المغربية "حققت النساء في المغرب العديد من الإنجازات خاصة بعد عام 2011، حيث أقر مبدأ المناصفة في الشأن العام، كما شهدت انتخابات عام 2022 تمييزاً إيجابياً بما يخص النساء، أي أن للنساء ثلث المقاعد في المجالس المنتخبة، ولكن ليس المهم أن تكون منتخبة فقط بل أن تصل إلى مواقع صنع القرار"، مشيرةً إلى أنه في عام 2021 وصلت 96 امرأة إلى البرلمان من أصل 696، وفي الغرفة الثانية في مجلس المستشارين هناك 14 امرأة من أصل 120 عضواً "لدينا نساء على رأس المدن الكبرى في ثلاث مدن كبرى وهي الرباط عاصمة المملكة والعاصمة الإدارية، الدار البيضاء وهي العاصمة الاقتصادية وطنجة، وفي المجالس المنتخبة، وهي سابقة في تاريخ المغرب، ومن ضمنهم رئيسات مجالس جماعية أي عمدة وهناك أول رئيسة بلدية في مراكش وهناك امرأة تشغل منصب رئيسة جهة ورئيسة جمعية الجهات في المغرب، ولدينا سبع وزيرات من أصل 24 ولكنها وزارات استراتيجية مثل وزيرة مالية، أي ليست وزارات شكلية بل وزارات مؤثرة بالشأن العام".
وعن التحديات التي تواجه المرأة المغربية تقول "الصورة النمطية هي التحدي الأكبر، حيث يعتبرونها مقصرة بواجباتها الأسرية فقط لأنها تخرج من المنزل، كما يتم يمنعها من تقلد مواقع صنع القرار، ولكن ثمة إجراءات ستمكن المرأة المغربية بشكل خاص والمرأة العربية من أن تكون في أحسن حال".
وقالت مساعدة أمين عام حزب عزم لشؤون المرأة والنقل من محافظة البلقاء الأردنية منار أبو رمان "تم إدخال تعديلات على الدستور الأردني من ضمنها قانون الانتخاب، وإضافة قانون الأحزاب، فضلاً عن اندماج الكثير من النساء في أحزاب، نحن اليوم في الأردن بحاجة لتوعية حقيقية بقانون الأحزاب وآلية عملها، نحن بحاجة للكثير من المعرفة والتأهيل العلمي حتى نصل إلى طموحات المرأة، وللعمل على توعية بعضنا البعض".
وأضافت "لدينا في الأردن معالي الوزيرة وفاء بني مصطفى التي شغلت منصب وزيرة الشؤون القانونية، بالإضافة لوزيرات في وزارات مختلفة، وعلى مستوى مجلس النواب حصلن على مقاعد بالتنافس وضمن الكوتا، واليوم مع تعديل القانون من حيث الانتخاب والأحزاب، فهناك شرط وجود امرأة في القوائم الحزبية، ترتيبها في المراتب الثلاث الأولى، وحتى في القوائم المحلية يمكن لامرأة أن تترشح ضمن الكوتا، وبالتالي تزيد فرص نجاحها ولا يمكن محاربتها من قبل الرجال".
ولفتت إلى أنه هناك معوقات كثيرة تواجه النساء "عملية تغيير المجتمع بشكل عام يتطلب وقتاً ولا يتم بين يوم وليلة، وليس بعصا سحرية بل تحتاج العمل والممارسة والتوعية، والمحافظات ليست كلها كالعاصمة عمان منفتحة وتعطي المرأة حقوقها، فالكرك والطفيلة والسلط ومعان ومادبا وغيرها تختلف عنها، فلكل محافظة خصوصية وطابعاً مختلفاً، وبعد المحافظة عن العاصمة يتطلب عملاً أكثر من النساء، فلا زلن تخضعن لتقاليد بالية"، مشيرةً إلى أن الأردنيات قطعن شوطاً كبيراً في السياسة والاقتصاد والمجتمع، وتتطور بطريقة نموذجية.