لبنان ... مشاركات في المؤتمر النسوي تؤكدن على ضرورة توحيد المفاهيم لمواجهة التحديات والأزمات

شددت المشاركات في المؤتمر النسوي الإقليمي على أهمية الاستفادة من تجارب النساء وانعكاس الأزمات في المنطقة على أوضاعهن، بهدف توحيد المفاهيم والخطوات لمواجهة التحديات والأزمات.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ أكدت ناشطات ونسويات شاركن في المؤتمر النسوي الإقليمي "تجارب الحركات النسائية في الخروج من أزمات المنطقة"، على ضرورة توحيد المفاهيم والمصطلحات لبناء حركة نسائية ديمقراطية، مشيرات إلى أن السياسات التي تلبي توجهات الرأسمالية العالمية أدت إلى ازدياد الفقر، وبلوغ العديد من الدول مستوى الفقر المدقع.

حول المؤتمر النسوي الإقليمي "تجارب الحركات النسائية في الخروج من أزمات المنطقة" الذي عقد على مدى يومي 18 ـ 19 آب/أغسطس الجاري في العاصمة اللبنانية بيروت، تحت عنوان "على هدى: Jin jiyan azadî"، وضم مشاركات من 12 دولة، أوضحت الناشطة الحقوقية والنسائية والسياسية الباحثة السودانية نعمات كوكو، التي شاركت في المؤتمر النسوي الإقليمي، أن هذا المؤتمر جاء في وقت تشهد فيها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منعطفاً مهماً جداً، في ظل تراجع كبير في الوضع الاقتصادي الذي انعكس سلباً على أوضاع النساء، لكن يبقى السؤال الذي يجب الإجابة عليه والعمل به قائماً وهو كيف سيكون للمرأة الدور المؤثر في هذا المنعطف، لافتةً إلى أن المؤتمر تطرق بشكل مفصل لدور الحركات النسائية في الخروج من الأزمات ولا سيما التي تمر بها المنطقة من المحيط إلى الخليج.

وأشارت إلى أن "اليوم الأول شهد على نقاشات مستفيضة جداً وبأوراق رئيسية حول تحليل الوضع في المنطقة، وسلط الضوء على مدى تأثير التدخلات الخارجية، وتوصل المؤتمر إلى ضرورة التوافق على مفاهيم عدة كالمساواة والديمقراطية والدولة المدنية، لبناء حركة نسائية ديمقراطية في كافة الدول في المنطقة"، لافتةً إلى أن "المؤتمر قد تطرق إلى أهم نقطة وهي تجارب النساء الكرديات الاستثنائية وكمية المآسي التي عشنها أثناء الحروب والنزاعات، وخاصةً الإيزيديات في شنكال".

وأضافت "لقد شددت المشاركات على ضرورة تأسيس ميثاق نسائي إقليمي مشترك يجمع بين الرؤى ويوحد المفاهيم والمصطلحات ويتصدى لمظاهر العنف بأشكاله المختلفة، والاستفادة من تجربة النساء في شمال وشرق سوريا"، لافتةً إلى أنه "تم الاتفاق على أن نكونّ أدوات العمل في مواجهة تبعات الإبادة الجماعية والحروب، خاصة وأن تجربة المرأة الكردية ونضالها في شمال وشرق سوريا، انتشرت في الأرجاء كافةً، ومن ضمنها السودان التي تشهد في الوقت الراهن نزاعاً كبيراً".

 

 

من جانبها قالت رئيسة جمعية وردة بطرس- مساواة للعمل النسائي ماري الدبس "لقد شاركت في المؤتمر الذي جمع نساءً مع 12 دولة لتسليط الضوء على قضايا النساء في العالم العربي وإيصال صوتنا، لطرح التحديات التي تعاني منها المرأة اللبنانية اليوم نتيجة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد والانهيار الكبير الذي حصل على كافة المستويات نتيجة الانقسامات الطائفية وقوانين الأحوال الشخصية التي تميز بين الجنسين وبين النساء أنفسهن أيضاً".

وأشارت إلى أنه "لدينا في لبنان خمسة عشر قانوناً طائفياً، وكل قانون يعتبر المرأة ثانوية وغير مستقلة، لذا هناك ضرورة لتعديل كل تلك القوانين، المسألة الأولى تتعلق بالعنف الأسري الذي يتسبب اليوم بمقتل الكثير من النساء والأطفال، بالإضافة إلى العنف في ميدان العمل فهناك تمييز كبير، عدد كبير من النساء تقعن خارج إطار العمل اليومي، إذ نسبة البطالة كبيرة جداً، وهناك تراجع في الأجور والخدمات المقدمة، وتراجع في تطبيق القوانين"، مؤكدةً على أهمية التشبيك مع النقابات ومع كل شخص يسعى لتغيير نظرة المجتمع للمرأة، لإحداث تغيير في واقع المرأة اللبنانية.

وترى ماري الدبس أن "السياسات التي تلبي توجهات الرأسمالية العالمية أدت إلى ازدياد الفقر، وبلوغ العديد من الدول مستوى الفقر المدقع، بالإضافة إلى البطالة خاصة بين صفوف النساء اللواتي شهدن تراجعاً كبيراً في دورهن على صعيد الانتاج وكذلك في الضمانات والتأمينات الاجتماعية".

وأكدت على أنه "لا بد من تصحيح بعض المصطلحات التي استخدمت في توصيف ما جرى عام 2011، انطلاقاً من الانتفاضتين الشعبيتين في تونس ومصر، وما أدتا إليه من انهيار الحكم الديكتاتوري في كلا البلدين ومن انعكاسات على العالم العربي، بل والعالم ككل. أول هذه المصطلحات الواجب تصحيحه هو إطلاق اسم "الربيع العربي" على تلك الانتفاضات، ربما تيمّنا بالاسم الذي أطلقته الدول الرأسمالية على التحركات التي انطلقت في تشيكوسلوفاكيا، أي "ربيع براغ"، أو ربما أيضاً بالتشبيه بين ما جرى في عدد من البلدان العربية وما سمي بـ "الثورات الملونة" في أوكرانيا وبعض بلدان أوروبا الوسطى والشرقية والتي أوصل بعضها حكومات يمينية متطرّفة، بينما بعضها الآخر استبدل الأنظمة ذات الطابع الاشتراكي باستعادة الرأسمالية، لتمحى معها الكثير من الحقوق التي استطاعت الطبقة العاملة والأحزاب الممثلة للبرجوازية الصغيرة من تحقيقها، خاصة على صعيد المساواة بين الناس، وبالتحديد بين المرأة والرجل، في مجالات الأحوال الشخصية والعمل والأجر والضمانات، وصولاً إلى المشاركة في صنع القرار".

وأوضحت أن أوضاع النساء في المنطقة تختلف من بلد وآخر، حيث سجلت نساء تونس تقدماً كبيراً على صعيد التعديلات التي أدخلت إلى مدونة الأحوال الشخصية وكذلك إلى نسبة تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار السياسي، بينما حصلت النساء في السعودية على بعض التقدم، أما اليمنيات الأكثر خضوعاً للعنف على كافة المستويات، بقين تراوحن مكانهن، مضيفةَ "بالنسبة إلى جرائم العنف الأسري، فحدث ولا حرج، الأمر الذي يتطلب تفعيل القوانين الوضعية المتعلقة بتجريم كل أشكاله، أما جرائم العنف والتحرش في ميدان العمل الآخذة في الازدياد فلا بد من معالجتها عبر الضغط على الحكومات من أجل إقرار وتنفيذ الاتفاقية الدولية 190، وكذلك كل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة".

وخلصت إلى أن "الحل الاستراتيجي لكل ما تعاني منه النساء في لبنان، يكمن أولاً وأساساً في إلغاء قوانين الأحوال الشخصية الطائفية، التي تشكل العائق الرئيسي أمام المساواة الفعلية، لتحل محلها قوانين مدنية قادرة على توحيد الحقوق والواجبات بما يساهم في توحيد مفهوم المواطنة والإنسان".