لبنان... مائدة مستديرة حول مناهضة العنف ضد المرأة

ضمن فعاليات عدة منضوية تحت حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة في لبنان، عقدت لجنة حقوق المرأة اللبنانية مائدة مستديرة لتسليط الضوء على العنف الذي تتعرض له النساء، فضلاً عن التحديات والإنجازات في واقع المرأة والفتيات.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ عقدت لجنة حقوق المرأة اللبنانية مائد مستديرة تحت عنوان "المرأة اللبنانية بين عنف الدولة وقيود الأعراف والموروثات"، ضمن فعاليات حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بمشاركة باحثين وناشطين وناشطات من المجتمع المدني.

تخلل المائدة المستديرة عرض يسلط الضوء على مسيرة لجنة حقوق المرأة اللبنانية وتاريخها الممتد على مدى 75 عاماً، والتحديات التي واجهتها، كما تم التطرق لواقع النساء وسط أزمة اقتصادية خانقة، واعتكاف قضائي يساهم في هشاشة واقع المرأة.

 

"لا حقوق للنساء في ظل النظام الطائفي التحاصصي"

وعلى هامش المائدة المستديرة قالت الدكتورة عايدة نصر الله لوكالتنا أن "عقد المائدة جاءت على إثر مناسبتين الأولى إطلاق حملة الـ 16 يوماً لمناهضة هذا العنف بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي يصادف الخامس والعشرين من تشرين الثاني، والثانية احتفالاً بالذكرى السنوية الخامسة والسبعون لتأسيس لجنة حقوق المرأة اللبنانية التي تصادف الـ 2 من نوفمبر".

وأوضحت أن "عنوان المائدة المستديرة يطرح الإشكالية الأساسية لواقع العنف والتمييز ضد المرأة في لبنان. واليوم غداة عيد الاستقلال التاسع والسبعين نستذكر أن الاستقلال عام 1943 ارتكز على قاعدة دولة، حيث الفرد (رجلاً أو امرأة) لا يستطيع أن يكون مواطناً متساوياً مع غيره في الحقوق والواجبات، فكل أموره منذ الولادة تمر عبر الطائفة وهو لا يستطيع أن يفلت من الانتماء إلى طائفة أو مذهب".

وحول مفهوم عنف الدولة قالت "الدولة القائمة على توليفة طائفية ومذهبية تحاصصية محسوباتية، بالتأكيد سيتم تصنيفها بالدولة العنيفة بعد أن أغرقت البلد في خمس حروب أهلية وتعد بالمزيد، فلا نستغرب أن تكون المرأة ضحية عنف الدولة الرافضة لتغييرات قانونية جذرية تنقذ النساء والفتيات من قهرهن وإذلالهن وتعنيفهن إلى حد استسهال قتلهن على يد ذهنية ذكورية سلطوية تجب مداواتها بفرض قوانين رادعة ولاجمة للعنف الممارس على النساء".

وأكدت على أن "العنف الذي تتعرض له النساء في لبنان كما في مختلف الدول يعتبر مكوناً من مكونات الثقافة وجزءً من نظام القيم والتقاليد التي يتوارثها الناس والذي ينتج خطاباً يبرر العنف ويفسر نظرة الرجل إلى المرأة كحيز خاص يصبح معه الكلام على العنف أمراً لا معنى له، فالقضية الأساس أن عالمنا هذا ومنه لبنان لا يساوي بين الجنسين من حيث الحقوق والواجبات، ما يجعل المرأة في لبنان في الماضي والحاضر وداخل الأسرة وخارجها في مرتبة دونية، كما ولا تتمتع بالحماية الكافية من جانب النظام القانوني، وتتعرض للانتهاكات والتمييز والعنف في مراحل حياتها المختلفة".

ولفتت إلى أن "أحد هذه الأسباب النظام الطائفي في لبنان فهناك 15 قانوناً للأحوال الشخصية لـ 18 طائفة ومذهب، وهذه القوانين تميز وتظلم النساء، كما تسهم في تبرير وتشريع العنف، ولا ننسى تساهل المجتمع مع العنف الممارس على النساء والفتيات، والصورة النمطية للمرأة الضعيفة الخاضعة المحصور دورها في المنزل، في وسائل الإعلام وفي المناهج التربوية والكتب المدرسية، وما ساهم به الفقر والجهل والأوضاع الاقتصادية الصعبة خصوصاً على النساء"، مؤكدةً أنه "دون زوال النظام الطائفي التحاصصي فلا حقوق لأي شخص عموماً والنساء بشكل خاص".

 

دور التربية في مناهضة العنف

وقالت رئيسة المجلس النسائي اللبناني عدلة سبليني الزين إلى أنها خلال مداخلتها تطرقت إلى دور التربية والمواطنة والتوعية حول حقوق المرأة ضمن حملة مناهضة العنف ضد المرأة وتعميمها "حق المرأة مقدس ضمن حقوق الإنسان، وعدم نيلها حقوقها يعتبر عنفاً ضدها، لذا يجب توعية الأطفال والفئة الشابة بحقوقها من خلال تنشئة الأطفال على مبادئ المساواة".

 

 

المساواة في الحقوق والواجبات

من جهتها أشارت عضو الهيئة التنفيذية في الاتحاد النسائي التقدمي المحامية لبنى المشطوب إلى أنهم "يؤمنون بالمساواة في الحقوق والواجبات، فنحن ندافع عن حقوق النساء والمساواة بين الجنسين دون اختلال بالعلاقات"، لافتةً إلى أنه "من خلال عملنا، وجدنا تقصيراً من قبل العائلات بعدم احتضان بناتهم اللواتي تتعرضن للعنف والتحرش، فعلى إثر ذلك تضطر الفتيات إلى التزام الصمت خوفاً".

وأضافت "شاهدنا على أبواب المحاكم أمهات تودعن أطفالهن، ولا تستطعن رؤيتهن، وليس ذلك فحسب، بل لا تستطعن الحصول على نفقة لأطفالهن وخصوصاً مع اعتكاف القضاة لفترة تجاوزت 8 شهور، هناك كثير من الظلم سكتت النساء عنه، ونحن كاتحاد نحاول دعمهن والوقوف إلى جانبهن".

 

قانون مدني موحد للأحوال الشخصية

وقالت مقدمة المائدة المستديرة الدكتورة نجوى كمال الدين "تعمل لجنة حقوق المرأة على تعديل القوانين المجحفة بحق النساء، فمثلاً تم المطالبة بتعديل قانون الانتخاب لعام 1953، والذي يطلب من اللجنة اعتماد النساء المتعلمات فحسب في الاقتراع".

وأضافت "توصلنا من خلال النقاشات إلى أنه هناك تحجيم والعديد من القوانين التي نصتها عليها السلطات لا يتم تنفيذها، ومنها المتعلقة بالعنف ضد المرأة، فلا زالت هناك نساء تحرمن من رؤية أطفالهن وحتى لو كانت القضية لصالحها"، مؤكدةً على أن "الحل يكمن بوضع قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، يمكن المرأة من الحصول على حقوقها، وتحقيق العدالة".