لأول مرة في تونس... وسيطات لتمكين النساء من حق الولوج للأرض
تحاول الوسيطات في تونس إقناع الأسر بضرورة تمليك بناتهن الأرض، عن طريق الوساطة دون اللجوء للتقاضي والتفكير الأسري الناتج عن النزاعات.
زهور المشرقي
تونس ـ لأول مرة في تونس، كونت جمعية نسوية مهتمة بالدفاع عن حقوق النساء في الولوج للأرض وسيطات في المناطق الداخلية المهمشة والتي تطغى فيها العقلية الأبوية التي تميز الذكور على الاناث، مهمتهن تتمثلُ في إقناع الأهالي بضرورة تمكين بناتهن من الحصول على حقوقهن في الميراث خصوصاً تملك الأرض للقيام بمشاريع فلاحية والعمل فيها.
تعمل الجمعية على دعم المبادرات في القطاع الفلاحي، وضمان حق النساء في الوصول إلى الإرث في الوسط الريفي وعملت منذ فترة ضمن مشروع تكوين وسيطات لهذه المهمة تجنباً للجوء إلى النزاعات القضائية والتقاضي الذي قد يأخذ زمناً دون نتائج، إضافة إلى أنه مكلف مادياً عليهن.
وبعد 12ورشة، ضمت 25 امرأة في ولايات بنزرت وقفصة والكاف والمهدية وسوسة والقيروان والقصرين، تمكنّت في فترة وجيزة من اقناع بعض الأسر بأهمية إعطاء بناتهن الإرث والأرض بالتساوي مع الرجال تجنباً لسيناريو التقاضي الصعب والمعبد.
وعلقت نعيمة بن منصور وهي من ضمن الوسيطات عن ولاية قفصة، على المشروع الذي اعتبرته "ثورة" في مجال تمكين النساء من الأرض والميراث، خاصة بعد تعطل مشروع قانون المساواة في الإرث، معتبرةً أن حق النساء في ملكية الأرض حق أخلاقي قبل أن يكون قانوني، فهن شريكات في صناعة الثروة وخدمة الأرض في الوسط الريفي، مؤكدةً أنهن تعملن على التواصل مع الأسر لأقناعهم بشكل سلسل.
وأوضحت أنه "تعلمنا آليات التواصل مع الأسر التي سنتوجه إليها للحديث معها حول ضرورة تمليك بناتهن الأرض الفلاحية، لأننا على دراية بالعقلية المجتمعية التي ترفض مشاركة النساء في تملك الأرض بالنصف لتعملن فيها، فتحرمن من الإرث، بالتالي من المهم أن نتعلم فنون التواصل قبل التوجه لها".
ولفتت إلى أن الوساطة وسيلة نضال جديدة ومهمة تفادياً للنزاعات القضائية التي قد تُعقد المسألة وتساهم في التفكك الأسري بسبب الأرض، مؤكدةً أنه في الريف لا يمكن أن تتمتعن بالقروض لإقامة مشاريع دون الحصول على وثيقة تملك لقطعة أرض تكون صالحة للزراعة لا أرض بور.
وأكدت أنهن كوسيطات نجحن في المرحلة الأولى في مساعدة الكثير من النساء لتملك الأرض بعد إقناع أسرهن، كما أنهن نجحن في إحداث زوبعة في أذهان النساء كون الأرض حقهن وأنهن أولى بيها وهذا أوسع هدف عملن من أجله.
أما فاطمة الصالحي، وهي وسيطة عن ولاية قفصة، قالت إن الوساطة وسيلة سلمية وسلسة تحافظ على تماسك العائلة وبها تتجنب اللجوء إلى القضاء ومساره الطويل "من المهم إيجاد حل سلمي بين الأخوة لتنال الأخوات حقهم في الإرث والأرض، وبشكل مبدئي تلقينا نجاحاً عبر الوساطة ويمكن الحسم أنها وسيلة ناجعة وسنواصل في هذا المشروع مع الفلاحات والنساء الريفيات وسننشر فكرة الوساطة بين الناس وخاصة المهتمين بموضوع التمكين الاقتصادي للريفية".
من جانبها قالت الدكتورة في علم الاجتماع اسمهان بن طالب، إنه في المناطق الريفية تعتبر مسألة تمكين النساء من العقارات عن طريق الإرث صعبة نتيجة العقلية الموجودة هناك، لافتة إلى أن الجيل الجديد لوحظ فيه بوادر تغيير في العقليات حيث أثبتت دراسة قامت بها جمعية دعم المبادرات في القطاع الفلاحي أن الاهالي باتوا يمكنون البنات من الأرث قبل الزواج برغم الاستقلالية التي حققتها الإناث السنوات الأخيرة.
وشددت على أن هناك عقليات في الريف تخشى تمليك البنت الأرض والإرث عموماً ظنا منه أنه بعد الزواج ستكون من نصيب الزوج بالتالي سيذهب الميراث وفق تلك العقلية للغريب، وهو ما يرفضها الأخوة الذكورة عموماً، مضيفةً "إن حدث وتم تمليك البنت تكون الأرض في مكان نائي أو بور لا تصلح للزراعة ولا تمون مورد استثمار أو تحصل عليها بعد فترة مطولة وفي مرحلة متقدمة من العمر فتحرم من استغلالها والانتفاع بها وتضطر أحياناً لبيعها للتداوي".