كونفرانس وحدة الموقف يختتم أعماله بدعوة إلى مؤتمر وطني سوري شامل

أكد المشاركون والمشاركات في كونفرانس "وحدة الموقف لمكوّنات شمال وشرق سوريا"، على أهمية الدور الفعال للمرأة والشباب والمجتمع المدني في قيادة عملية إعادة البناء، وترسيخ قيم السلم الأهلي، والحوار، ونبذ الكراهية.

الحسكة ـ دعا كونفرانس "وحدة الموقف لمكوّنات شمال وشرق سوريا"، في ختام أعماله، إلى عقد مؤتمر وطني سوري جامع وشامل، تشارك فيه مختلف القوى الوطنية والديمقراطية، بما يساهم في رسم الهوية الوطنية الحقيقية الجامعة لكل السوريات والسوريين.

اختتمت أعمال كونفرانس "وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا"، الذي أنطلق صباح اليوم الجمعة 8 آب/أغسطس، تحت شعار "معاً من أجل تنوع يعزز وحدتنا، وشراكة تبني مستقبلنا".

وجمع الكونفرانس الذي شهد مشاركة أكثر من 400 مندوب ومندوبة مثلوا مختلف مكونات المنطقة؛ ممثلين عن الكرد، العرب، السريان - الآشوريين، الأرمن، الإيزيديين، التركمان، والشركس، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعايش المشترك وتوحيد الرؤية السياسية لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية.

وندد المشاركون والمشاركات في الكونفرانس بالهجمات التي استهدفت المكون الدرزي والعلوي في مناطق الداخل السوري والسويداء كذلك، وشددت النقاشات على ضرورة تطبيق المساواة الفعلية بين جميع المكونات على أرض الواقع، والعمل بها في كافة الأراضي السورية.

وعبر المشاركون والمشاركات عن تقديرهم العالي للتضحيات التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية في الدفاع عن المنطقة وكرامة شعوبها، واعتبارها نواةً ضرورية لبناء جيش وطني سوري جديد، مهني تطوعي، بما يمثل حقيقة المجتمع السوري، ويحمي حدود البلاد وسلامة أراضيه.

ويرى المشاركون والمشاركات أن الإعلان الدستوري الراهن لا يلبّي تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة الإنسانية، مما يستدعي إعادة النظر فيه بما يضمن تشاركية أوسع وتمثيلاً عادلاً في المرحلة الانتقالية، ولفتوا الانتباه إلى العمق التاريخي والثراء الثقافي للمكونات في إقليم شمال وشرق سوريا؛ إلى جانب حالة التهميش والإقصاء التي تعرضت لها من قبل الأنظمة المركزية المتعاقبة خلال عقود طويلة من الزمن، لا سيما في ظل حكم النظام البائد، الذي اتبع سياسات ممنهجة لقمع الهويات، وإضعاف البنى الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، وفرض مشاريع تغيير ديمغرافي، وحرمان السكان من حقوقهم الأساسية في التمثيل والمشاركة، والتنمية العادلة.

وناقش الكونفرانس الاتفاقية التي أبرمت ما بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس الحكومة المؤقتة أحمد الشرع (الجولاني)، وكذلك مخرجات كونفرانس "وحدة الموقف الكردي"، وأكد على الالتزام بها كخطوات بنّاءة نحو توافق وطني شامل، يعيد للسوريين ثقتهم بوطنهم ومستقبلهم المشترك.

وشدد المشاركون والمشاركات في الكونفرانس على أن تحقيق المصالحة الوطنية يتطلب إطلاق مسار فعلي للعدالة الانتقالية، يقوم على كشف الحقيقة، والمساءلة، وجبر الضرر، دون تمييز، وضمان عدم التكرار، بما يهيئ البيئة الملائمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للمهجّرين، ورفض كافة أشكال التغيير الديمغرافي، وإعادة النظر في التقسيمات الإدارية الحالية، بما ينسجم مع الواقع الديمغرافي والتنموي لسوريا، ويعكس الخصوصيات الجغرافية والتاريخية والثقافية للمجتمعات المحلية.

وجاء في البيان الختامي "انعقد كونفرانس مكونات شمال وشرق سوريا في مرحلة وطنية وحساسة، وبدافع من المسؤولية المشتركة تجاه حاضر البلاد ومستقبلها، حيث اجتمعت إرادات ممثلي مختلف مكونات المنطقة، من كرد وعرب وسريان آشوريين وتركمان وأرمن وشركس وسواهم، للتعبير عن التزامهم المشترك بمسار وطني ديمقراطي جامع، قائم على التنوع والشراكة والمواطنة المتساوية".

وأكد البيان على إن "ما يجري اليوم في هذه المرحلة التاريخية المفصلية من سلوكيات وممارسات يومية بحق أبناء الشعب السوري؛ لاسيما ما جرى بحق أبنائنا في الساحل والسويداء والمسيحيين ترتقي إلى مصاف جرائم ضد الإنسانية تحتاج إلى تحقيق حيادي تعمل بشفافية ونزاهة لتحديد الجناة الفاعلين كائناً من كان، والتي نعدها جريمة بحق النسيج الوطني برمته".

ونوه البيان إلى أن التعدد القومي والديني والثقافي في إقليم شمال وشرق سوريا هو مصدر غنى وقوة، وشدد على ضرورة ترسيخ هذا التعدد في البنى السياسية والإدارية، وعلى ضمان تمثيل كافة المكونات بما يعزز من وحدة المجتمع. وأن نموذج الإدارة الذاتية هو تجربة تشاركية قابلة للتطوير والارتقاء، ومثالٌ حيّ على الحوكمة المجتمعية الديمقراطية.

وأكد البيان أنه "إيماناً منا بوحدة سوريا وسيادتها، فإننا نرى أن الحل المستدام يمر عبر دستور ديمقراطي يكرس ويعزز التنوع القومي وَالثقافي والديني، ويؤسّس لدولة لا مركزية تضمن المشاركة الحقيقية لكافة المكونات في العملية السياسية والإدارية، بما ينسجم مع حرية المعتقد، والعدالة الاجتماعية، والحوكمة الرشيدة".

ودعا البيان إلى عقد مؤتمر وطني سوري جامع وشامل، تشارك فيه مختلف القوى الوطنية والديمقراطية، بما يساهم في رسم الهوية الوطنية الحقيقية الجامعة لكل السوريات والسوريين "تعبّر الوثيقة المنبثقة عن كونفرانس مكونات إقليم شمال وشرق سوريا ومضامينها عن إرادة حرة، ووعي جماعي مشترك، وإصرار على بناء سوريا حرة وموحدة ديمقراطية، تعددية، لا مركزية، يسودها القانون، وتُصان فيها الكرامة الإنسانية، ويعيش فيها الجميع أحراراً ومتساوين".