خريطة تفاعلية لجرائم قتل النساء في تونس

تسعى الخريطة التفاعلية لجرائم قتل النساء إلى تسليط الضوء على مقتل النساء والفتيات في تونس، وستكون بمثابة الداتا للناشطات والصحافة.

زهور المشرقي

تونس ـ نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، المحكمة الصورية الثالثة ومحورها "قتل النساء"، كما أعلنت عن إطلاق خريطة تفاعلية لجرائم قتل النساء والفتيات، من أجل مناهضة العنف ضد المرأة.

تعتبر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، أن المحكمة التي عقدت أمس الأحد 26 تشرين الثاني/نوفمبر، تأتي في وقت يُهدر فيه حق الضحايا وحرمانهن من حقوقهن الأساسية وعدم احترام ذكراهن لتنصب منبراً للدفاع عنهن تضامناً مع أهاليهن لتجاوز مآسيهم.

وكانت قد تناولت الجلسة الثانية من المحكمة الصورية الحديث عن الخريطة التفاعلية لجرائم قتل النساء في تونس التي تعتبر انجازاً استثنائياً، والأول من نوعه في المنطقة والثاني في شمال أفريقيا بعد تجربة النسويات في الجزائر.

وعن مشروع إنشاء خريطة لجرائم قتل النساء، قالت عضو المكتب التنفيذي بالجمعية نبيلة حمزة لوكالتنا، إنه في إطار استراتيجية مناهضة العنف ضد المرأة، أطلق المشروع الذي سيعرض على الأنترنت وسيحاول تحديد الأماكن التي فقدت فيها النساء والفتيات حياتهن بعد تعرضهن لأبشع أشكال العنف، ويسلط مشروع خريطة "تونس النساء القتيلات" الضوء على مقتل النساء ويوفر المواد والأدوات التعليمية التي يمكن أن تساعد في عملية التغير النوعي في المجتمع التونسي.

ولفتت إلى أن الخريطة تسعى إلى رفع مستوى الوعي وتحليل وفهم خطورة وحجم ظاهرة قتل النساء، فضلاً عن مساعيها للضغط على السلطة من أجل تحمل مسؤولياتها في حماية النساء والوقاية من جرائم القتل، مؤكدةً أن الخريطة أيضاً تهدف إلى استعادة إنسانية جميع المقتولات.

واعتبرت أن الخريطة التي كانت نتاجاً لعمل نسوي مكثف ستزود الناشطات والصحفيات والحقوقيات بآلية مناصرة مدعومة بالأدلة المتنوعة والشهادات وقصص الحياة المؤثرة لوضع حد لجرائم قتل النساء والفتيات وإدانة إخفاقات الحكومة في حمايتهن.

وعن أهداف الخريطة، أكدت أنها ستعمل على تحديد الضحايا، سرديتهن وأسمائهن وموقعهن الجغرافي حسب المحافظة والمنطقة وذلك وفق مقاربة تقاطعية، وللإجابة على الأسئلة "أين حدثت جرائم قتل النساء؟، كيف تمت جرائم القتل؟، العلاقات مع الضحايا؟، عدد الضحايا حسب الفئة العمرية؟، الأشهر الأكثر دموية، الحالة الاجتماعية: متزوجة، عزباء، لديها أطفال".

وستتناول أيضاً وفق لنبيلة حمزة، السياق القانوني والسياسي بمعنى توفير معلومات حول التشريعات المعمول بها فيما يتعلق بقتل النساء القانون 58 الصادر عام 2017، لمناهضة العنف ضد المرأة مرحباً به والتحديات التي تواجهها في مكافحة هذه الفئة، إضافة إلى توفير الدراسات والوسائل الإعلامية المتعددة وستكون الدراسات التي أجرتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وغيرها من الجمعيات الشريكة حول العنف المسلط على النساء، فضلا عن ما تنتجه الوسائط الإعلامية  لكل مستخدمي الخريطة.

وقالت إن الخريطة والبيانات التي ستتوفر سيكون من الضروري التعامل معها باحترام وأخلاق وإنسانية بإخفاء المعلومات الشخصية والهوية لحماية الضحايا وأسرهن، معتبرة أن الخريطة ستكون رائدة في المنطقة ككل "إن تونس كانت سباقة في هذا الأمر، وكانت سباقة أيضاً في إقرار قانون لمكافحة العنف ضد المرأة".

وخلصت إلى القول أن المشروع هو حصيلة لعمل سنوات وجهد مكثف من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، لافتةً إلى أن جزء من الوثيقة سيبين الوقفات الاحتجاجية التي قامت بها والبيانات والدراسات المنجزة لمناهضة العنف الذي يفتك بالنساء في تونس.

 

 

 

وأكدت رئيسة الجمعية نائلة الزغلامي، أن المحكمة الصورية لجرائم قتل النساء تعتبر من أول التجارب في المنطقة ويتم تسليط الضوء عليها في المحكمة الثالثة، حيث كانت الأولى حول العدالة الانتقالية والثانية حول المساواة في الإرث والأخيرة حول جرائم قتل النساء، معتبرة أن الجديد هو الخريطة التي سيتوزع فيها قتل النساء حسب المحافظات مع تقديم المعطيات لكل الحالات مع مراعاة الخصوصية وعدم الكشف الكامل عن الاسم  والعائلة.

وأضافت أن الخريطة ستكون بمثابة المرجعية للجمعيات والناشطات والصحفيات والمنظمات لأخذ المعلومة والاستفادة منها في التحاليل والدراسات المنجزة.

وذكرت نائلة الزغلامي حادثة امرأة محافظة القصرين التي حاول زوجها قتلها بإلقائها في البئر واتهمت بمحاولة الانتحار وبعد شهرين اتضح أنها محاولة قتل بعد أن تدخلت الجمعية لاستعادة حق الضحية، مشيرةً إلى أن "حلقة العنف إذا دخلت فيها المرأة لن تخرج منها لهذا نريد أن نقول لها من منبر المحكمة الصورية نحن معك وسنكون مساندات لك كي لا تكوني الضحية المقبلة".

 

 

 

من جانبها، قالت مديرة منظمة كفى عنف واستغلال في لبنان زويا روحانا، إن جرائم قتل النساء في لبنان أو تونس ليست ظاهرة جديدة، ولكن المجتمعات كانت تتستر عليها، وبعد الحملات التي قامت بها الجمعيات النسوية في المنطقة ككل بدأ توثيق الحالات ونشرها للعلن بمساعدة وسائل الإعلام.

وأضافت أنه في فترة ما كان خبر مقتل امرأة في بيروت يتصدر نشرات الأخبار  بسبب كثرتها، وكان القضاء اللبناني بطيئاً في التعاطي مع الملفات ما دفع بتزايد الحالات، مؤكدةً أنه تم رصد مقتل 16 امرأة في لبنان منذ بداية العام الجاري، نتيجة الذهنية الذكورية التي تعتبر المرأة ملكية خاصة.

وتحدثت زويا روحانا عن مطالب الجمعيات اللبنانية بإنشاء محاكمات خاصة بهذه الجرائم، إلا أن ذلك لم يتحقق نتيجة تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وحتى الأمنية.