المرأة في الريف المصري... واقع التحديات وفرص التمكين

في الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الريفية، كمحاولة للاعتراف بدورها المحوري في المجتمع، وتمثل النساء الريفيات قوة إنتاجية كبيرة، رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تواجه النساء في الأرياف العديد من التحديات التي تعيق مشاركتهن الكاملة في التنمية، من بينها محدودية الوصول إلى الموارد الإنتاجية مثل الأرض والمياه والتمويل، بالإضافة إلى ضعف فرص التعليم والرعاية الصحية، ومؤخراً تأثرت أوضاعهن سلباً بالتغيرات المناخية التي كان لها أثر على الزراعة ومصادر الدخل الخاص بهن، مما يضاعف أعباء العمل المنزلي والزراعي عليهن.

رغم الصعوبات تواصل النساء في الريف أداء أدوار جوهرية في الزراعة والحفاظ على التنوع البيئي ودعم الأسر، فهنّ يقدن مبادرات محلية لتطوير الإنتاج الزراعي، وتحسين سبل المعيشة، والمشاركة في الجمعيات التعاونية والمشاريع الصغيرة، وتظهر تجاربهن قدرة عالية على الابتكار والصمود، خصوصاً في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمناخية التي باتت تشكل معوق جوهري أمام قدرتهن على مواصلة عملهن.

ويستلزم تمكين النساء في الريف سياسات شاملة تراعي العدالة الجندرية في الحصول على الموارد والخدمات، كما يجب دعم التعليم والتدريب المهني، وتوفير بنية تحتية تسهل مشاركتهن الاقتصادية، مثل شبكات النقل، ومراكز الرعاية، وبرامج الحماية الاجتماعية.

 

"لا يستطعن التقرير لذواتهن أو التحكم فيما يحصلن عليه من أجور"

قالت هناء محمد، رئيسة نقابة صغار الفلاحين في مدينة سمالوط، أن يوم المرأة الريفية هو عيد لكل امرأة تعمل في القطاع الزراعي، مضيفة أن العادات والتقاليد والأفكار السائدة تجعل النساء بعيدات عن المناصب وتولي نقابات وغيرها من المسارات.

واعتبرت أن واحدة من أكبر الأزمات التي تواجه النساء تتمثل في عدم قدرتهن على التقرير لذواتهن على أي مستوى حتى فيما يحصلن عليهن من أجور، مؤكدة أن المرأة في الريف تعمل من أجل إرضاء جميع من حولها (أب وزوج وأطفال)، إلا أنها لا تفكر في ذاتها أو تضعها أولوية، مؤكدة أنها لا تمتلك أي قدر من الخصوصية.

ولفتت إلى أن المرأة الريفية تعمل بلا أجر كونه يذهب كاملاً للأسرة وتحاسب عليه ولا تستطيع التحكم فيه "معرفة المرأة ووعيها الحقيقي يبدأ من إدراكها أنها تتعرض لعنف ومن ثم ستتمكن من كسر الحاجز وتخرج من تلك القوقعة التي يتم خلالها السيطرة عليها بالكامل".

وكشفت أن الواقع تحسن بنسبة تصل لـ 30% ولكن النساء حتى الآن يخضعن لتقييم المجتمع وقراراته فهناك الـ "العيب والسمعة" ما زالوا يتحكموا في تحركات كل النساء فلا يمتلكن الجرأة للتغيير الذاتي والتعرف أكثر على القوانين والتشريعات التي تدعمهن وتجعلها ممسكة بزمام أمورها ولا تسمح لأحد أن يتعدى حدوده معها وممارسة أي انتهاك ضدها.

 

 

العمل الجماعي في الريف له دور في تحقيق مكتسبات أكبر للنساء

بدورها أكدت لمياء لطفي، المديرة التنفيذية لمبادرة المرأة الريفية، أن الصعوبات التي تواجه النساء في الريف تتغير بحسب كونهن يعشن في الريف فقط أو كونهن يعملن بالزراعة وإن كن يعملن باليومية أو يقمن بصناعات تقليدية غذائية ريفية.

وأكدت أن النساء اللواتي تعشن في الريف معظم الصعوبات التي يتعرضن لها مرتبة بالخدمات سواء في الانقطاع الدائم لمياه أو مشاكل قطاع الكهرباء أو صعوبات الطرق والمواصلات وبُعد المؤسسات التعليمية وكذلك مختلف الخدمات المتوفرة فقط في المدن بجانب صعوبات الصحة والتسرب من التعليم وعنف متوطن كتزويج القصّر والختان وغيره.

واعتبرت أن العاملات في الزراعة تتعلق معاناتهن بالأساس بعملهن وقانون العمل الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في أيلول/سبتمبر الماضي، وأصبح شاملاً لعاملات الزراعة ويطبق عليهن لائحة عمل النساء، كما أنه في شهر نيسان/أبريل الماضي تم الاعتراف بنقابة المزارعين كنقابة عامة وفيها عدد كبير من النساء ومازالت هناك صعوبات بحق النساء في العمل والتنظيم والأجر العاجل ومظلة التأمين الاجتماعي والحماية الصحية وغيرها.

وأكدت أنهم أثناء احتفالهم باليوم العالمي للمرأة الريفية تحدثوا حول حق النساء في المشاركة السياسية واتخاذ القرار وسبل مشاركتهن في عمل الخطط والاستراتيجيات وسبل عملهن بشكل جماعي مما يمكنهن من الحصول على ائتمان بشكل جماعي، فضلاً عن قدرتهن على المطالبة بحقوق واضحة وتعويض الخسائر حال حدوثها.

واعتبرت لمياء لطفي أن التنظيم داخل النقابة يمكنه أن يساعد "بما أن فيه نقابة عامة فيمكن تشكيل نقابات فرعية قوية في المدن تضم نساء واعيات بفكرة النقابة ولها دور أكبر في تنظيم العمل بين العاملات في الزراعة وأصحاب العمل والمزارع وغيرها".

 

 

النساء في صعيد مصر يعانين من عنف مركب

وأكدت برلنت عبد الحميد، الأمينة العامة لنقابة صغار الفلاحين في سملوط بمحافظة المنيا، أن المرأة الريفية في الصعيد تواجه العديد من الصعوبات في بيئة العمل والمنزل فهي لا تحصل على حقها في أي شيء ولا توجد مقارنة تذكر بينها وبين الرجل وهو الأمر الذي جعل من توعيتهن بحقوقهن ضرورة.

وشددت على أن هناك تحد يخنق المرأة في الريف متمثل في العادات والتقاليد التي تجعلها حبيسة تلك الأفكار، معتبرة أن للنقابات دور كبير في دعم النساء كونها تقدم المساعدة المعرفية خاصة من خلال تبادل الخبرات فيما بينهم.

ولفتت إلى أنها في يوم المرأة الريفية تتمنى أن تصل المرأة للمكانة التي تستحقها لأنها تبذل جهد كبير على مختلف الأصعدة سواء في المنزل أو العمل وجميعها أمور تحاصر النساء، مؤكدة أن وضع المرأة في الصعيد غاية في الهشاشة وهناك جانب متعارف عليه ضمنياً وهو أن المرأة تتحمل "عائلة زوجها وأبنائها ومسؤولية المنزل بالإضافة إلى أنها تذهب للعمل".

يوم المرأة الريفية هو تذكير بأن التنمية الحقيقية لا تكتمل دون الاعتراف بمكانة النساء في الريف وإشراكهن في صناعة القرار، فتمكينهن يعني دعم أسر أكثر استقراراً.