جمعية مغربية تطالب بقوانين عادلة وردعية للقضاء على العنف ضد النساء

تنطلق الجمعيات النسوية والحقوقية في المغرب كسائر دول العالم في الحملة الأممية الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة.

حنان حارت

المغرب ـ يخلد العالم الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء التي انطلقت في الـ 25 تشرين الثاني/نوفمبر، وتستمر إلى10 كانون الأول/ديسمبر، في ظل ظروف تتسم باحتدام النزاعات المسلحة في العديد من مناطق العالم (أوكرانيا، السودان، فلسطين)، مخلفة خسائر مهولة في أرواح المدنيين لاسيما في صفوف النساء والأطفال.

تتزامن هذه الذكرى مع تصاعد الآثار للكوارث المناخية والأزمة الاقتصادية الخانقة والتي تساهم في تأزيم مضاعف لأوضاع النساء وتوفير البيئة الملائمة لاستدامة كل مظاهر التمييز والعنف إزائهن.

أطلقت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة الحملة الأممية مؤكدة على موقفها الثابت على التضامن مع مختلف نساء العالم بغض النظر عن اعتبارات الجغرافيا أو الدين أو العرق، حيث وجهت تحية خاصة للمرأة الفلسطينية، بوصفها أيقونة عالمية للكفاح من أجل التحرر ورمزاً إنسانياً للتحمل والإقبال على الحياة على الرغم من هجمات إسرائيل ورغم صمت العالم الرسمي "المتحضر" وموقفه المتواطئ والمتخاذل أمام بشاعة جرائم القتل والتهجير والإبادة الجماعية للمدنيين.

وسجلت الجمعية من خلال التقارير الرسمية والرصد الميداني لمراكز الاستماع، استمرار ارتفاع وتيرة العنف ضد المغربيات، بشكل مهول لاسيما العنف الاقتصادي الناتج أساساً عن استفحال الأزمة الاقتصادية وتأثيرها غير المتناسب على النساء، مما يشير إلى عجز القانون 13 ـ 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء في التصدي للظاهرة بعد خمس سنوات على دخوله حيز التطبيق، ويذكر بفشل المعالجة المجتزئة المبنية على الترقيع وسد الثغرات، ويفرض أكثر من أي وقت مضى ضرورة تبني رؤية شاملة متعددة الأبعاد في مقاربة الظاهرة.

ولفتت الجمعية في بيان لها الانتباه إلى احتمال زيادة تفاقم الأوضاع الهشة للمغربيات في المناطق التي تضررت من الزلزال الذي وقع في المغرب في أيلول/سبتمبر الماضي، اللواتي تعانين أصلاً من الفقر والاستغلال بسبب الأعمال غير المأجورة والتي ينتظر أن يزيد حجمها مع تزايد أعباء الرعاية من طهي وتنظيف ورعاية الأطفال وكبار السن بالإضافة إلى ذوي الإعاقة من أفراد الأسرة التي تقتضيها مسؤولية استعادة "الحياة الطبيعية" ما بعد الزلزال والتي تقع بشكل أكبر على عاتق النساء والفتيات.

وأكدت الجمعية على أنه "نحن اليوم بأمس الحاجة لإبراز مدى أهمية مقاربة النوع الاجتماعي لفهم كيفية إدامة الفقر وكيفية تأثير الأزمات على النساء على نحو غير متناسب".

ودعت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة إلى ضرورة تنزيل مقتضيات دستور 2011، الخاصة بإحداث هيئة المناصفة والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتفعيل حماية النساء لاسيما داخل الفضاء العام بما فيه الفضاء الرقمي، لما يتطلبه هذا الأمر من مراجعة شاملة لمضامين القانون 13 ـ 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والتي تعمل على احترام الآليات والمعايير المتفق عليها دولياً، لاسيما الأمر بالحماية وعكس عبء الإثبات بالإضافة إلى تفعيل معيار العناية الواجبة، وتضمن تواجد المكونات الأربع الأساسية المتمثلة في الوقاية والحماية والزجر وجبر الضرر.

وطالبت بتغيير جذري وشامل للتشريع الجنائي بما يضمن الكرامة الإنسانية للمرأة ويحميها من التمييز والعنف، وتجميع النصوص المتفرقة المتعلقة بالعنف الرقمي ضد النساء والفتيات في قانون خاص، وهو "قانون لمحاربة العنف الرقمي، وإصدار قانون ينظم حالات الطوارئ، مع ضرورة مراجعة نظام التغطية الاجتماعية، حتى يتسنى لفئات واسعة من العاملات المنزليات، والعاملات في القطاعات غير المهيكلة، الاستفادة من خدماته و تفعيل القانون رقم 19.12 الخاص بتحديد شروط العمل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين والمراسيم المتعلقة به وبصفة خاصة المرسوم رقم 2.18.686 المتعلق بتحديد شروط تطبيق نظام الضمان الاجتماعي على العاملات والعمال المنزليين، وإصدار تقارير منتظمة بهذا الخصوص، وضرورة وضع العلاقات بين الجنسين في صميم قضية التنمية ومكافحة الفقر وفي المقررات التعليمية وفي المادة الإعلامية.

وقالت رئيسة جمعية التحدي والمساواة والمواطنة بشرى عبدو لوكالتنا إن الجمعية ستواكب تخليد الأيام الأممية للقضاء على العنف ضد النساء، بإطلاق حملة ترافعية على مواقع التواصل الاجتماعي للتوعية بخطورة العنف الرقمي.

وأشارت إلى أن التوعية بخطورة العنف الممارس على النساء ليس موسمياً، وإنما الجمعية طوال السنة تعمل على استقبال المعنفات وتقدم الدعم النفسي والارشاد القانوني لهن؛ مضيفةً أنه بالإضافة إلى ذلك تقوم الجمعية بحملات توعوية في المدارس والجامعات، من أجل ترسيخ ثقافة حقوق النساء والتوعية بمخاطر العنف، وغرس قيم المساواة واحترام الآخر "نستهدف المؤسسات التعليمية والتربوية باعتبارها النواة الأساسية لاكتساب سلوكيات المواطنة والمناهضة لكافة أشكال من أجل بناء مجتمع أكثر إنصافا بين الجنسين".

وعن الحلول التي تقترحها من أجل القضاء على ظاهرة العنف الممارس على النساء في المجتمع المغربي، أكدت على أن "اقتلاع ظاهرة العنف من جذورها لن يتأتى إلا عبر قوانين عادلة وردعية، فكلما كانت لدينا قوانين رادعة وتحسيس وتوعية بخصوص هذه الظاهرة، فإننا سنقلص من العنف ولن يظل بنفس الحدة".

وفي ختام حديثها دعت كل المؤسسات المدنية والسياسية إلى وضع استراتيجية واضحة ودقيقة من أجل القضاء على العنف بكل أشكاله.