جلسة تفاعلية حول قضايا النساء في مناطق النزاع

في جلسة تفاعلية افتراضية قدمت المؤسسات لمشروع "نساء ربحن الحرب" منصتهن حول سرديات النساء في مناطق النزاع من وجهة نظر نسوية، حول تغطية قضايا النساء في الحروب والنزاعات والابتعاد عن تنميط النساء وحصرهن في خانة الضحايا.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تناولت جلسة تدريبية تفاعلية قصص وسرديات النساء في الحروب والأزمات من وجهة نظر نسوية، تزامناً مع إطلاق منصة "نساء ربحت الحرب" ليتم تفعيلها من مشاركات وإعلاميين، بحيث يتم الابتعاد عن التنميط في السردية وحصر النساء في خانة الضحايا.

قدم فريق من الإعلاميات يوم أمس الأربعاء 11 أيلول/سبتمبر مشروع لمنصة "نساء ربحن الحرب" ضمن جلسة تدريبية تفاعلية بمشاركة حوالي 60 إعلامياً، وقدمت الجلسة التدريبية الصحفية والمدربة المتخصصة بالصحافة الاستقصائية في مناطق النزاع ميس قات، بالتعاون مع الصحفيات نور الأحمد، حنين السيد من سوريا، ووفاء خيري من مصر، اللواتي عرضن تجاربهن في مجال الصحافة الحرة والاستقصاء.

 وتضمنت الجلسة عرضاً لأهم الأدوات البصرية والصوتية وتنسيقات الفيديو والبودكاست والنماذج الإبداعية التفاعلية عبر الإنترنت التي استخدمت بالقصة مثل الوسائط التقاطعية cross media والموارد، وتحليلاً لقصة "على ضفاف الفرات والحرية" في المنصة، وهي قصة للصحفية نور الأحمد حول نساء من سوريا منهن المزارعة والعاملة في المجال الصحي والناشطة النسوية والصحفية، وكيف واجهن تغير المناخ المتمثل بالجفاف والحرب والنزوح والمساواة وغيرها، وقد تم تنظيم هذه الجلسة بموجب منحة صوت سوري للإنتاج المشترك، وبالتعاون مع منظمة العدالة من أجل الحياة.

وتقدم المنصة الدعم للصحفيات من مناطق النزاع في دول الشرق المتوسط وشمال أفريقيا عبر خدمة "مرسال الدعم"، من خلال الإرشاد والتدريب والفرص، فضلاً عن فرد مساحات للقصص الصحفية النوعية، التي تضيء على تجارب النساء، ومساعدة الصحفيات للحصول على المنح والاستكتاب من بعض المواقع.

وقالت الصحفية والمدربة المتخصصة بالصحافة الاستقصائية في مناطق النزاع ميس قات إن "منصة "نساء ربحن الحرب" موقع تم إنشاءه في العام الماضي بالشراكة مع المركز الدولي للصحفيين، الذي ساهم بمساعدة الكثير من الصحفيين، وتم تقديم هذه المنحة للأشخاص الذين يستطيعون إنجاز التغيير في المشهد الإعلامي والصحفي في مناطقهم".

وأوضحت أن "سرديات النساء تتكرر في مناطق النزاع والحروب، سواءً في سوريا، فلسطين، اليمن، السودان ويتم تنميط هذه السرديات لذا كان من الضروري فرد المساحات للمحتويات الإبداعية، ودعم الصحافيين في مناطق النزاع والسياقات الحرجة التي تواجهها المناطق بمختلف خلفياتها الأثنية والعرقية والثقافية، وحتى في بلاد أخرى لا يوجد فيها حروب، حيث تعاني فيها النساء من ظروف وسياقات حرجة بسبب الحكم والضغوط الداخلية والخارجية والتاريخ وغيرها، وتقديم خدمات الإخراج الصحفي الإبداعي والتحرير للمساعدة في المشاريع والعروض الصحفية للحصول على المنح، والتعاون في تطوير المشاريع المختلفة، ولتوفر المنصة النشر لهم، ومحتواها لا يشمل التقارير الإخبارية أو مقالات الرأي وتقتصر على التحقيقات الصحفية الاستقصائية والمعمقة والتي تمس النساء، فضلاً عن التعاون عبر الحدود لإنتاج قصص صحفية".

وأشارت إلى أن التركيز "على النوع الاجتماعي والجندر في السياقات المختلفة، وإلى وضع الثقافة والتراث في تنميط الأدوار الاجتماعية المختلفة بين البلدان، منها على سبيل المثال في مجال الفنون مثل الغناء في السودان مسموح للنساء وليس للرجال، وفي روسيا يسمح للنساء بشرب الكحول ولا يسمح لهن بالتدخين، وكذلك في مجال العمل المنزلي في البلاد العربية حيث لا يمكن للرجل القيام بها على سبيل المساعدة".

ولفتت إلى "دراسة لـ "وكالة تطوير الإعلام الفرنسية" CFI أن المحتوى الصحفي للرجال يصل إلى 80 % مقابل 20 % للنساء، وعندما تمنح الكلمة للنساء تعطى على أساس أنها ضحية ونادراً كخبيرة، ومن هنا التركيز على استضافة النساء كخبيرات وصاحبات رأي كالرجال تماماً، وليس بعملهن كصحفيات في غرف الأخبار بل ميدانياً، فهن تختفين عن الميدان لصعوبة مرافقة الفرق الصحفية في التغطيات مثل ما يحدث في غزة، ما يحيد من وجود النساء في التحقيقات التي يمكن لهذه المنصة تقديمها ليتغير شكل العمل بالمجمل ويشمل قصصهن".

وقالت الصحفية من مدينة الحسكة في إقليم شمال وشرق سوريا نور الأحمد عن قصتها "على ضفاف الفرات والحرية" عملت بالبودكاست والتحرير الكتابي، وكان طموحي أن أكتب قصة متعددة الوسائط حول الحرب والتحقيق الإستقصائي وكنت على الأرض حتى رحيلي من سوريا، وفكرتي كانت حول النساء وإظهارهن في بيئتهن على ضفاف الفرات بطريقة مختلفة، كالنساء اللواتي بقين قويات رغم النزوح واللجوء".

وأشارت إلى أنها عملت مع الصحفية ميس قات في مجال التقنيات ومنهجية العمل "بدأنا من فكرة صغيرة وبالتدقيق في التفاصيل المختلفة، وبعدها تم نشر القصة بصورتها النهائية على منصتين نساء ربحن الحرب ومنظمة العدالة من أجل الحياة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهي قصة تتميز بأنها متعددة الوسائط، وتتناول موضوع عن حرية نساء عشن على ضفاف نهر الفرات خلال فترة الحرب في شمال وشرق سوريا".

وأكدت أنهم ركزوا على التقارب في العادات والتقاليد على الرغم من الاختلاف في القوميات والأديان والفكر السياسي، وقد شملت قصص ثلاث نساء، أحداهن أم ومزارعة تعرضت للنزوح عدة مرات، أما الثانية فهي القابلة والعاملة في المجال الصحي، أما الثالثة كانت صحفية من مدينة الرقة استمرت بعملها خلال الحرب على المدينة رغم كل الصعوبات التي واجهتها، وشملت القصة الوسائط التقاطعية مثل صور الدرون لنهر الفرات".

وأضافت أنه "شاركنا مع المنظمة بأسئلة لـ 15 امرأة من المنطقة واستخدمنا إجاباتهن عن واقع النساء، فضلاً عن استبيان لـ 100 امرأة حول واقعهن والزواج المختلط من قوميات مختلفة من المنطقة والاختلافات من 10 سنوات حتى اليوم".

بدورها قالت الصحفية المصرية وفاء خيري إن العمل البصري على هذا المشروع في منطقة نزاع مقابل العمل في مناطق أكثر استقراراً، فقد كانت القصة مسودة ولا تفاصيل أخرى مع بعض الفيديوهات التي تم العمل عليها فضلاً عن بعض الصور التي لا تتمتع بالجودة الفائقة، وهو أمر متوقع من صور من مناطق النزاع، وحاولت التوفيق بهذه الوسائل وبما يخدم القصة، حيث عملت على دراسة روح القصة، وإيصال القصة بالصورة الأفضل، فيما يخص الألوان مع التوفيق مع القصة ومحتواها القوي، والابتعاد عن الألوان النمطية للنساء مثل الزهري والبنفسجي، واخترنا تدرجات من اللون البرتقالي ومشتقاته، وهو أمر مهم ويعكس وجهة النظر النفسية للقصة، أما صورة الغلاف فاعتمدنا على المواد التي لدينا".

وأضافت "اخترنا صور محترفة من منطقة الفرات، وكوني بعيدة عن المنطقة، وقد اخترنا صورة عدة فتيات، وعملنا على إظهار الصورة حية، وبما يمثل هذه المنطقة وثم إخراج القصة واختيار مقتطفات من فيديوهات بالساعات، مع تأثيرات لونية ونصوص والعنوان الشامل وللفيديوهات، وهو أمر وجهد صعب ولو أنه قد يبدو سهلاً، وهو ما يسمى بالصحافة التقاطعية والتفاعلية وبقوالب فنية متعددة من محتوى صوتي ونظري، والتي تخدم القصة لجهة الإبداع والتطور، فضلاً عن جزئية ترويج القصة على مواقع التواصل الاجتماعي".

بينما الصحفية والمختصة بتغطية قضايا النساء في مناطق النزاع ميدانيا في سوريا حنين السيد قالت "كصحافية ميدانية لدي صعوبات كبيرة وخصوصاً في بيئة النزاعات والحروب، بما يخص النساء في هذه البيئات وما تواجههن من تهميش مزدوج سواء في ظل النزاعات والحروب، بالإضافة إلى البنود الاجتماعية والقانونية التي تزيد من معاناة النساء، ومن الضروري أن نكون على دراية عميقة بالسياقات التي نعمل فيها، والعمل بحذر لنتفادى تعريض أنفسنا والمصادر للخطر".

ولفتت إلى أن "هناك حالات تعرض فيها زملاء للخطر، وكون الرقابة في الميدان من عدة جهات منها الفصائل والمجتمعات المحلية وغيرها، وتحاول التحكم في السرديات الإعلامية التي نحاول العمل عليها وتوجهها لصالحها، ووسط هذه الضغوطات، من الضروري القيام بالتغطية بصورة مبدعة، ونحاول كصحفيات الاعتماد على تكتيكات عدة، مثل العمل بأسماء مستعارة، وليتقبل المجتمع العمل الصحفي النسائي، فكل منطقة صحفية واحدة وهو دور محظور نمطياً من قبل المجتمع، فضلاً عن تجنب لفت الانتباه خلال التغطية في المناطق الحساسة كالمظاهرات، وحيث لا مشكلة بوجود الصحفي الذكر، في الشارع والسوق وحتى ولو في المناسبات السعيدة والفرح".

وأكدت أنه "من التكتيكات الأخرى بناء علاقات قوية مع المجتمعات المحلية، خصوصاً بما يخص قضايا النساء والأطفال، مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي عملت عليه لمدة 4 سنوات تقريباً، لأتمكن من الحديث عن هذه القضايا بشكل كامل، وهذا العمل الجانبي ساعدني للوصول للقضايا التي أعمل على تغطيتها بصورة شاملة وبطرق مختلفة بحيث لا نجذب انتباه الجهات الرقابية، وهي أمور والتفافات فكرنا فيها واتبعناها خارج الصندوق، وحيث لا تضطر الصحفيات في مناطق أخرى لاتباعها".