Jin Jiyan Azadî' تحول إلى مفتاح للتحرر والمساواة'

على مدى السنوات الثلاث الماضية، وخلال الانتفاضة التي اجتاحت إيران، تحولت مدينة جوانرو إلى رمز بارز لحضور المرأة التي عانت من القمع ودفع سكانها أثماناً باهظة، إلا أن هذه المرحلة شكلت نقطة تحول في نظرة المجتمع وساهم في تعزيز مكانتها في المجتمع.

سوما كريمي

جوانرو ـ أكدت تينا عظيمي أن شعار "Jin Jiyan Azadî" لم يكن مجرد كلمات، بل كان دافعاً لتحرر المرأة وكسر القيود المفروضة "منحت الانتفاضة النساء فرصة لإثبات وجودهن في المجتمع والعمل بثقة أكثر في مجالات كانت مغلقة أمامهن".

"Jin Jiyan Azadî" شعارٌ انبثق من اللغة والثقافة الكرديتين، وتجاوزت الحدود لسنوات وأصبح رمزاً للمقاومة والعدالة، لا يُبرز هذا الشعار مكانة المرأة فحسب، بل يُذكرنا بالحرية والحياة والتحرر من أي نوع من التمييز، واليوم أصبح هذا الشعار جسراً بين مختلف الهويات القومية واللغوية في إيران، وجسّد رسالة التضامن واحترام التنوع، وبات الإيمان بالمساواة في الحقوق بين المرأة والقوميات والأديان وجميع المواطنين طريقٌ واضحٌ نحو بناء مجتمع حرّ وموحد.

وخلال السنوات الثلاثة الماضية، أصبحت جوانرو من أهم ساحات الانتفاضة الشعبية، مدينة صغيرة محدودة السكان، لكن صوتها كان أعلى من حدودها، في شوارعها هتفت النساء والرجال من أجل الحرية جنباً إلى جنب، وارتفع شعار Jin Jiyan Azadî من قلب أزقتها التي أحمرت بدماء من فقدوا أرواحهم في سبيل الحرية، لم يُعبّر هذا الشعار عن إرادة النساء فحسب، بل كان أيضاً صرخة شعب سئم التمييز والقمع، ورغم شدة القمع وقسوته، إلا أن هذه الانتفاضة استطاعت كسر حاجز الصمت وتغيير وضع المرأة في المجتمع، ما ترويه تينا عظيمي، إحدى فتيات جوانرو، هو جزء من هذه التجربة الجماعية.

تقول تينا عظيمي (اسم مستعار) "عندما أتذكر تلك الأيام، يملؤني الخوف والأمل، تلك الأيام التي ناضلنا فيها بأمل من أجل الحرية، تلك الأيام التي وقف فيها الشباب والشابات معاً مرددين شعار الحرية وإن لم يتحقق إلا أنه سهّل حياة النساء قليلاً"، لافتةً إلى أنه في تلك الأيام كان "والداي يحبسني أحياناً في المنزل خوفاً علي لكنني مع ذلك شاركت في الاحتجاجات عدة مرات، كانت العديد من الفتيات معي في الاحتجاجات وكنا نغطي وجوهنا حتى لا يُكشف أمرنا، لأن صرامة السلطات كانت شديدة وكان من يُبلغ عنهم يُعاقبون بأشد العقوبات".

وأوضحت أنه على الرغم من أن جوانرو كانت بلدة صغير إلا أنها شهدت مقتل العديد من الشباب وإصابة الكثيرين "لن أنسى أبداً أن إحدى الفتيات اللواتي كنّ معنا أُصيبت، لكن والدها خوفاً من أجهزة المخابرات لم يأخذها إلى المستشفى، بل أحضرا قريباً  لهم إلى المنزل لمعالجتها".

 

"تغير نظرة المجتمع للمرأة بعد الثورة"

وتستحضر تينا عظيمي الماضي وتلتفت إلى الحاضر قائلةً "رغم أننا لم نبلغ بعد الحرية الكاملة، إلا أن هذه الانتفاضة أحدثت تحولاً كبيراً في نظرة المجتمع تجاه المرأة، وبات حضورها أكثر وضوحاً في مختلف الميادين لاسيما في البلدات الصغيرة مثل جوانرو حيث كانت القيود المفروضة عليها أشد وطأة".

وتتابع حديثها عن مسألة الملابس "قبل الانتفاضة كانت ملابس النساء تخضع لرقابة شديدة، وكان يُحكم على شخصية المرأة من خلال مظهرها، على سبيل المثال إذا ارتدت الشادور كانوا يعتبرونها امرأة صالحة، أما إذا كانت ملابسها قصيرة أو ضيقة بعض الشيء، فكان المجتمع ينظر إليها نظرة مختلفة، ورغم أن هذه الآراء لا تزال قائمة إلا أنها أصبحت أقل شيوعاً وخاصة بين الجيل الجديد، الذي يعتبر الملابس خياراً شخصياً، وقليلون هم من يجرؤون على الحكم عليها".

 

وجود المرأة العاملة على قدم المساواة مع الرجل

ولفتت إلى أنه بعد الانتفاضة الشعبية اكتسبت النساء ثقةً أكبر بأنفسهن، وتمكن من العمل في وظائف كانت مُحرّمة عليهن سابقاً، حتى في بيع الملابس النسائية اليوم عندما تذهب إلى السوق ترى أن أكثر من 40% من البائعين نساء والكثيرات منهن ناجحاتٌ في عملهن، كانت هذه الانتفاضة حافزاً للنساء للسعي نحو التقدم وتحقيق الاستقلال الاقتصادي "لا تزال الضغوط الاجتماعية على المرأة قائمة، وينظر إليها البعض بعقلية تقليدية وتتعرض النساء الأكثر نشاطاً في المجتمع، على وجه الخصوص، لضغوط أمنية ونظرة أبوية أكثر من غيرهن ولكن الشابات تؤكدن على أنه لا يجب أن ينسوا شعار Jin Jiyan Azadî لأنه ليس مجرد شعار بل مفتاح تحرير المرأة وطريق إلى أيام أكثر إشراقاً".