جبل كزوان... النساء تأخذن زمام المبادرة وتحمين أرضهن

المناطق التي احتلها داعش قبل سنوات قليلة، بعد أن تم تطهيرها واحدة تلو الأخرى، عادت إلى أصحابها، ونساء جبل كزوان تأخذن زمام المبادرة في كل المجالات وتحمين أرضهن.

سوركل شيخو
الحسكة ـ
يقع جبل كزوان في مقاطعة الجزيرة في إقليم شمال وشرق سوريا، وقد مرت 9 سنوات على تحريره من مرتزقة داعش وخلال هذه السنوات تمكنت النساء من التواجد في المجالات التي منعها داعش من دخولها، واتخاذ خطوات ملموسة وتعريف هذا الوضع بـ "خطوة نحو الاعتماد على الذات". 
عن المراحل التي مرت بها المرأة في المجال الاقتصادي قالت سوسن سليمان "في عهد نظام البعث، لم تكن المرأة حرة في المجال الاقتصادي، ولم تكن مستقلة، وكانت دائماً تحت تأثير النظام الحاكم الأبوي، ثم بدأت مرحلة احتلال جبهة النصرة لجبل كزوان، وحينها لم تسمح العائلات للفتيات والنساء بمواصلة نشاطهن كما كان من قبل بسبب الأوضاع الغير آمنة، ومنعتهن من الذهاب إلى الأراضي لجمع القطن، أو الزراعة وحتى الذهاب إلى جبل كزوان، كما لم يسمحوا لهن بالذهاب لجمع الكمأة، ومع هجوم داعش ومحاصرته الجبل اتضح أن المرتزقة فرضوا قوانينهم تحت مسمى حماية المرأة باسم دين الإسلام، حينها لم نعد نرى النساء في الأراضي الزراعية وفي الشوارع والمدن وأمام المنزل، لم يكن هناك سوى الرجال في تلك الأماكن، كان يظهر كأنه عالم يتكون من الرجال فقط".


تطوير وإدارة المشاريع والتعاونيات 
واستذكرت سوسن سليمان المرحلة التي بدأتها المرأة بعد تحرير جبل كزوان "أصبحت المرأة حرة في جميع المجالات، وخاصةً في المجال الاقتصادي. ومن كونها محاصرة ومقيدة إلى كونها حرة، إنه شعور لا يوصف. حينها بدأت النساء في تطوير المشاريع التي تحتاجها منطقتهن، مثل مشاريع صناعة الأفران والزراعة وتربية الدواجن والخياطة وغيرها. الآن تقوم النساء بتطوير المشاريع وإدارتها بأنفسهن، وخطت النساء خطوة نحو الاقتصاد المجتمعي".
ولفتت إلى أنه "في عهد النظام كانت المرأة مجبرة دائماً على الخضوع للرجل، وأثناء سيطرة جبهة النصرة وداعش كانت النساء محاصرات ومقيدات أيضاً، لكن في عهد الإدارة الذاتية، أصبح للمرأة الآن اقتصاد مستقل، وهي تطور المشاريع وتديرها بنفسها. كانت مراحل صعبة ولكن في كل مرحلة كان بإمكان المرأة أن تلعب دورها. إن بلادنا تتعرض لهجوم اقتصادي وحصار، ومن أجل تخفيف هذه الأزمة على المجتمع، يجب على النساء تطوير المشاريع والتعاونيات في كل مكان".


"سندعم بعضنا البعض ونحمي هويتنا"
وبينت جواهر محمد أن تنظيم نساء جبل كزوان أصبح ممكناً بأفكار القائد عبد الله أوجلان "بسبب إيماننا بأفكار القائد عبد الله أوجلان، وانطلاقاً من هذا الأساس فإننا نهدف إلى تنظيم المرأة في ندواتنا واجتماعاتنا. استطعنا كمنظمة مؤتمر ستار أن نحل العديد من القضايا الاجتماعية وتحقيق العدالة، وخاصة قضايا النساء، لأن المرأة هي الأكثر تعرضاً للعنف. لقد أصبح المجتمع الآن يعتبر المرأة كيان ولها حقوق، ولولا قائدنا لما عرفت أي امرأة نفسها، لذلك يجب على المرأة أن تعرف ما هي قضيتها وما يمكن أن تفعل من أجلها. نحن نعتبر الشهيدة بيريتان جودي، التي ضحت بحياتها لحماية النساء وشعب جبل كزوان من داعش قائدة لنا، لأن ما فعلته لا يستطيع أي شخص آخر أن يفعله. ونتيجة لنضال دام 9 سنوات، تقود النساء اليوم انتخابات 11 حزيران من أجل إنشاء بلديات ديمقراطية وبيئية. إن تصويت النساء للمرشحات هو تمكين لبعضهن البعض من أجل مستقبل أفضل. سوف نعتني بالخطوة التي خطيناها وسندعم بعضنا البعض ونحمي هويتنا".


خدمات المركز الصحي مستمرة من أجل صحة المرأة
كما لفتت شيماء أحمد إلى المجال الصحي "لقد حرمت النساء من الرعاية الصحية والخدمات الصحية التي هي من حقوقهن في ظل وجود داعش، وبالإضافة إلى الولادة فقدت عدد من النساء حياتهن بسبب الحصار والعقبات ومنع داعش ذهابهن إلى الطبيب أو إلى المراكز الصحية. في تلك الأيام لم يكن هناك أطباء ولا مراكز صحية ولا صيدليات، كانت النساء دائماً تحاربن آلامهن ومعاناتهن، وكانت مهمة لواء الحسبة تدمير النساء من الناحية النفسية. لقد تسببت التهديدات بالقتل والضغط النفسي بتنمية عدم الثقة لدى النساء. أما الآن فقد أصبح الوضع مختلفاً، حيث تقدم المراكز الصحية والأطباء الخدمات الصحية والنفسية للنساء. مقارنة بالماضي، فإن حالتهن النفسية جيدة الآن فبالإضافة إلى علاج المرضى، نقوم بتثقيف المجتمع والنساء حول الأمراض البسيطة والخطيرة التي تصيب النساء من خلال ندواتنا، وتستمر خدماتنا على هذا المنوال".