هيلين قره جوخ... رحلة الحرية من بريطانيا إلى ثورة المرأة

قالت بيريفان قره جوخ أن المقاتلة في وحدات حماية المرأة هيلين قره جوخ التي استشهدت خلال هجمات الاحتلال التركي على مدينة عفرين في 15 آذار/مارس عام 2018، أصبحت جزءاً من ثورة روج آفا.

سوركول شيخو

قامشلو ـ شرارة ثورة 19 تموز/يوليو التي انطلقت من روج آفا بشمال وشرق سوريا، نشرت نورها على جميع نساء كردستان والشرق الأوسط ودول العالم التي كانت تطالب بالديمقراطية والحرية. وعلى الرغم من أن  العديد من الناشطات كن تناضلن في بلدانهن ضمن حركات ومنظمات نسوية، إلا أن قلوبهن كانت تنبض من أجل ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا. آنا كامبل هي واحدة من النساء البريطانيات، اللواتي توجهن للنضال ضمن ثورة المرأة، إن ثورة 19 يوليو هي اليوم ثورة أممية. هناك نضال أممي ودولي ضد أعداء الإنسانية على أرض روج آفا.

 

من هي آنا كامبل التي انضمت إلى ثورة المرأة في روج آفا

آنا كامبل ناشطة بريطانية نسوية ولدت في مدينة لويس بالمملكة المتحدة. شاركت في العديد من الحركات السياسية، بما في ذلك احتجاجات الطلاب البريطانيين عام 2010، والصليب الأسود وغيرها من المنظمات الأنارشية والمناهضة للعبودية. كانت دائماً في خضم النضال من أجل التغيير ضد عقلية الدولة القومية والسلطة.

تأثرت بآمال وخيال مقاتلات وحدات حماية المرأة، وفي أيار/مايو عام 2017 توجهت إلى شمال وشرق سوريا واختارت اسم هيلين قره جوخ. وناضلت ضد مرتزقة داعش، إلى جانب المقاتلين الكرد والعرب والآشوريين والسريان، وقاتلت من أجل حياة آمنة للنساء والمجتمع. وشاركت في العمليات العسكرية ضد داعش في الرقة ودير الزور.

في عفرين رست سفينة أحلامها وتوقفت، حيث فقدت هيلين قره جوخ حياتها في 15 آذار/مارس 2018 في هجمات الاحتلال التركي على مدينة عفرين.

 

التزمت بريطانيا الصمت واحتضنتها قامشلو

تقدم ديرك كامبل والد آنا كامبل، بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للضغط على تركيا وتأمين الظروف المناسبة لنقل جثمان ابنته إلى بريطانيا. وقال إن الحكومة التركية تجاهلت حتى الآن جميع طلباته والقى باللوم على الحكومة البريطانية لعدم دعمها لقضيته.

على الرغم من كل جهود الأسرة، التزمت الحكومة البريطانية والدولة التركية الصمت ولم تستطع نقل جثمان ابنتهم إلى مكان ولادتها. ودُفن الجثمان في مقبرة الشهيد دليل صارخان في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا.

وعن شخصية وكفاح رفيقة دربها هيلين قره جوخ، قالت بيريفان قره جوخ عضوة مركز الجنولوجيا في أوروبا، أن روح الحماية لدى هيلين قره جوخ كانت عالية للغاية "في مواجهة الأنظمة الحاكمة التي تنتهك حقوق الإنسان والحيوانات، نظمنا أنفسنا مع مجموعة من النسويات والشابات في كل الميادين. كانت هيلين تمتلك شخصية تجعلها تناضل من أجل حماية حقوق المرأة والحياة والمهاجرين واللاجئين وحتى حقوق المزارعين وبناء بيئة صحية. لقد قامت بتنظيم العديد من الأنشطة في العديد من الدول من إسبانيا وفرنسا واسكتلندا وبريطانيا. لقد أدت واجباتها ومسؤولياتها بطاقة كبيرة وحماسة وحب لا ينتهي. كانت متواضعة جداً ومتفائلة".

 

"كانت تقول سأذهب وأصبح جزء من الثورة"

وقالت بيريفان قره جوخ إن تعرفها على هيلين قره جوخ كان سبباً في وعيها السياسي "ربما لم يكن فهمنا عميقاً من قبل فيما يتعلق بمشاكل الأنظمة والسياسة والثورة. لكن تجمعنا شكل خطوة إلى الأمام. حاولنا جاهدين أن نصبح ثوريين، ولكن بعد عدة سنوات من النضال، وصلنا إلى مرحلة لم نعد نعرف كيف نتقدم في نضالنا وتنظيمنا ونتخذ خطوة جديدة. لقد علقنا في فخ الذهنية الليبرالية ولم نعد قادرين على الخروج من ذلك الإطار. وأصبحت هناك حاجة إلى طرق جديدة. في ذلك الوقت، توجهت هيلين قره جوخ إلى الثورة في روج آفا. لكننا لم نكن نعرف عن كثب حركة النساء الكرديات اللواتي انتفضن مع الثورة، قلنا إن الثورة بدأت هناك، وهذا أمر جيد وسندعمها فقط. لم نكن نعرف إلى أي مدى تعتبر الحركة الكردية حركة أممية وتحتضن جميع نساء العالم. كانت قراءة رؤية هيلين لثورة روج آفا عميقة جداً. ولم تقل أنني سأجري الأبحاث عن النساء الكرديات أو سأكتب شيئاً حيال ذلك. قالت فقط سأذهب إليهم وسأكون جزءاً من الثورة في شمال وشرق سوريا".

ولفتت بيريفان قره جوخ الانتباه إلى نقطة مهمة "وصول هيلين قره جوخ إلى شمال وشرق سوريا فتح الطريق أمام العديد من النساء للانضمام إلى الثورة. كان من المهم جداً بالنسبة لنا أن نكون جزءاً من هذه الثورة. هيلين كانت تشاركنا تجربتها وتقول دائماً أنه عليك أن تأتي وتكوني جزء من هذه الثورة، تعالي زوري الثورة النسائية وتعرفي عليها. وبعد أن قررت الذهاب الى شمال وشرق سوريا توقفت المطارات بسبب الظروف السياسية. وفي ذلك الوقت بدأت هجمات الدولة التركية ومرتزقتها على عفرين، وهناك فقدت رفيقتنا هيلين قره جوخ حياتها في سبيل الدفاع عن عفرين. لم يتسنى لي أن أرى هيلين مرة أخرى، لكنني نفذت ما كانت تدعو إليه، لقد شاركت في الثورة، وأصبح لنا تاريخ مشرق أيضاً في كردستان وشمال وشرق سوريا، وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها".

ونوهت بيريفان قره جوخ إلى أن ثورتهم هي ثورة أممية "بعد أن قدمت إلى روج آفا أدركت جيداً أن ثورتنا هي ثورة أممية. لأن النظام الذي نحارب ضده هو نظام شامل ومنظم للغاية، وعليه فإننا لسنا ضيوفاً بل نحن جزء من ثورة المرأة".

 

"الهجمات متعددة الأوجه والدفاع الأممي ضروري"

وتطرقت بيريفان قره جوخ إلى هجمات الدولة التركية ومرتزقتها على المنطقة "إن النظام الذي يتم بناؤه في روج آفا مختلف تماماً، لذا فإن الدولة التركية تهاجم مع مرتزقتها. وليس هم فقط، بل بريطانيا وأمريكا وكل قوى العالم تعارض تطور حركة الحرية الكردية والثورة في شمال وشرق سوريا. مصالحهم واحدة هنا. إنهم يظهرون أمام المجتمع أن تلك القوى تقاتل ضد بعضها، ولكنهم لا يحاربون ضد الفكر والعقلية، ويتصرفون بما ينسجم مع تلك العقلية لأن ذلك يناسب مصالحهم. فهم يرون شمال وشرق سوريا كتهديد لهم ولنظامهم. لهذا السبب علينا، كنساء أمميات، حماية النظام والثورة في شمال وشرق سوريا، من خلال السياسة والدبلوماسية".