حرفيات الجنوب التونسي بين الابتكار والحفاظ على التراث

تواصل حرفيات الجنوب التونسي بعرض منتجاتهن التقليدية بقاعة الأخبار في العاصمة التونسية حتى 29 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، في ظل إقبالٍ كبير من الزوار.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تعد المعارض من أهم المناسبات التي تروج من خلالها الحرفيات منتجاتهن، وفي هذا الإطار تمكنت 16 حرفية من محافظات جنوب تونس من عرض منتجاتهن بمعرض للصناعات التقليدية الذي انطلق منذ 24 تشرين الأول/أكتوبر.

منذ 22 عاماً تعمل مصممة الأزياء نجاة الكور في مجال تصميم وخياطة الأزياء التقليدية، وتمكنت من تصميم العديد من الأزياء الحديثة ولكن باستخدام أقمشة وتصميمات تقليدية خاصةً ملابس الحفلات، ولاقت إقبالاً كبيراً من الفتيات على ارتداء تصاميمها من داخل تونس وخارجها.

وأضافت أنه لديها محل للترويج ويعرفها الجميع بجودة منتجاتها خاصةً في ظل ازدياد ظاهرة الغش في المنتجات، كما لديها صفحتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتها إلكترونياً.

وأشارت إلى أنها تحرص على تطوير تصاميمها، ولكن ما يمثل إشكالاً بالنسبة لها ارتفاع كلفة التصاميم واستغراقها وقتاً طويلاً في المقابل لا تجد لها الترويج المطلوب، مشددةً على ضرورة التكثيف من تنظيم المعارض وأن تكون مستمرة على مدار العام.

 

 

مهن كانت حكراً على الرجال

من جانبها قالت جواهر بن لاغة وهي حرفية في صناعة الفضيات "شاركت في هذا المعرض للعام الثاني على التوالي وكل عام أفضل من الذي سبقه"، مضيفةً حصلت على شهادة في الكفاءة المهنية بصناعة الفضيات في عام 2015، ودرست عامين مع التدريب بالتعاون مع الصناعيين بمدينة جربة، مشيرةً إلى أن الإقبال على هذه المهنة في تراجع ملحوظ.

ولفتت إلى أنها أضافت أشياء أخرى للفضة كالعنبر والمرجان لتشكيل قطعة أجمل وأفضل، ويتم استعمالها بشكل يومي وليس في المناسبات والأعراس، لكنها تعاني من ارتفاع أسعار المادة الأولية خاصةً بالنسبة لمادتي الفضة والذهب، بينما أجور اليد العاملة ثابتة منذ خمسة أعوام.

وأشارت إلى أن المرأة تكافح في هذه المهنة التي كانت حكراً على الرجال، داعية الجهات المعنية إلى المزيد من الإحاطة بالحرفيين الصغار لأن الصناعيين الكبار هم من يستفادون من شراء منتجاتهم بأسعار زهيدة ويبيعونها بأسعار باهظة.

 

 

بدورها قالت لطيفة بن داق حرفية في العرجون من ريف جربة، إن هذه الحرفة كانت منحصرة فقط في صناعة الغربال وبعض الأدوات التقليدية، لكنها قررت القيام بالتدريب عليها برفقة تسع نساء أخريات، ولكن واصلت هي وامرأة أخرى فقط العمل نظراً لأنها مهنة متعبة وتتطلب القوة الجسدية.

وأضافت أنها انطلقت في تطوير استعمالاته إلى تحف للديكور وأواني للمطبخ خاصةً وأنها مواد صحية وبيولوجية ولا تكسر بسرعة، وكانت أول من حصلت على شهادة في هذا الاختصاص، لافتةً إلى أنها كانت تصنع البساط لكنها تخلت عن صناعتها بعد زواجها وإنجاب ابنائها لأنها تستغرق وقتاً طويلاً.

وأوضحت لطيفة بن داق أنها في بداية عملها لذلك لم تتلقى الإقبال المطلوب على منتجاتها بعد، ووجهت رسالة للمرأة بألا تبقى مكتوفة الأيدي وأن تسعى لتطوير ذاتها في أي مجال من مجالات الحياة.

 

 

الحفاظ على حرفة الأجداد

من جانبها تقول حياة مسيطة وهي حرفية من منطقة دويرات بمحافظ تطاوين تمتهن صناعة الـ "مرقوم" حول المجال الذي تحترفه "أشارك  في المعرض عن طريق مندوبية الصناعات التقليدية بتطاوين حيث أردنا التعريف بالمنتج التقليدي للجهة كتراث يجب أن نحافظ عليه".

وذكرت أنها "متمسكة بالمرقوم التقليدي والأغطية والكليم والبخنوق والوسادة رغم أن تجار الأسواق طلبوا مني تطويره في استعمالات أخرى على غرار الحقائب النسائية والأحذية الصيفية".

وأشارت إلى أنه بعد 20 عاماً في المهنة لاحظت ارتفاعاً كبيراً في الكلفة ما أدى إلى تراجع الحرفاء عن شرائه ما عدى الميسورين أو المقبلين على الزواج، بالإضافة إلى تراجع الإقبال على التدريب من قبل الفتيات.