'حان وقت سن قانون خاص بحماية النساء والفتيات من العنف الرقمي'

من أجل حماية النساء والفتيات المغربيات من العنف الرقمي، أعلنت جمعية التحدي للمساواة وللمواطنة عن صياغة مشروع قانون خاص بالعنف الرقمي، لدفع البرلمانيين والأحزاب بتبنيه، بهدف المصادقة عليه.

حنان حارت

المغرب ـ تؤكد الإحصائيات والدراسات أن العنف الرقمي، يستهدف النساء والفتيات بشكل أكبر بسبب جنسهن، حيث أخذ يبرز كمشكلة عالمية ذات آثار خطيرة على المجتمعات والاقتصادات في جميع أنحاء العالم، سواءً في الأحوال العادية أو خلال فترات الأزمات والكوارث الإنسانية.

قدمت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، خلال ندوة صحفية عقدت أمس الثلاثاء 14 أيار/مايو، في مدينة الدار البيضاء بالمغرب، مسودة مقترح قانون لحماية النساء والفتيات من العنف الرقمي.

وأوضح المتدخلون/ات أن هذا المقترح جاء في ظل التطور المتسارع في المجال الرقمي، مع ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وما صاحب ذلك من انتشار سريع للهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى ظهور نمط جديد من العنف بات يطلق عليه العنف الرقمي.

وأكد المشاركون/ات في الندوة أن مقترح القانون يهدف إلى وضع التدابير الكفيلة لحماية النساء والفتيات من العنف الرقمي، وذلك باتباع مقاربة شمولية تقوم على مواجهة كل أفعاله بالوقاية منه، ومتابعة مرتكبيه، ومعاقبتهم، وحماية ضحاياه والتكفل بهم، وجبر الضرر اللاحق بهم.

ومن جهتها قالت مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو، إن العنف الرقمي يعتبر من أخطر أنواع العنف الممارس على النساء والفتيات في مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف التطبيقات خاصةً بعد ظهور الذكاء الاصطناعي، لافتةً إلى أن ضحايا هذا النوع من العنف تحاولن الانتحار، ومنهن من تركن مقاعد الدراسة، ومن النساء من تخلت عن مكانتها الاجتماعية بسبب تعرضها للعنف الرقمي.

وأوضحت أنه أمام كل تلك الوقائع، بات يحتم علينا سن قانون خاص تكون حاضرة فيه كل أشكال العنف المرتكبة في الفضاء الرقمي، وأن يتم فيه التنصيص على العقاب والوقاية وكذلك جبر الضرر وكيفية التبليغ بشكل واضح.

ولفتت إلى أن الضحايا اللواتي تتعرضن للعنف الرقمي لا تبلغن على الأفعال الممارسة عليهن في الفضاءات الرقمية "هناك من تتكتم على المعتدي لأنها تخاف من التهديدات ومن نظرة المجتمع، مشيرةً إلى عدم وجود حماية من طرف الشركات المسؤولة عن الاتصالات والانترنيت يزيد من تفاقم المشكلة".

وقالت بشرى عبدو إن الوقت قد حان من أجل سن قانون خاص لحماية النساء والفتيات من العنف الرقمي يجرم كل الأفعال الرقمية "اليوم لم نعد نتحدث عن اغتصاب في الفضاء العام والخاص، ولكن نتكلم عن الاغتصاب الرقمي والذي يعتبر الأخطر"، مضيفةً أن هناك مطاردات رقمية وتعليقات مسيئة تحمل الكراهية والعنصرية وترفض تواجد النساء في الفضاءات الرقمية.

وأكدت على أهمية وجود قانون خاص بالعنف الرقمي "وجود قانون سيمكننا من المضي قدماً، من أجل تواجد رقمي آمن للنساء وخال من كل أشكال العنف الممارس عليهن".

 

 

وحول الآثار النفسية التي يخلفها العنف الرقمي على الضحايا أوضحت الأخصائية النفسية الاكلينيكية شيماء الأبلق أن هناك آثاراً وخيمة على النساء والفتيات اللواتي يمارس عليهن العنف الرقمي فهن تعانين من جلد الذات وبأنهن خالفن التقاليد المجتمعية "نحن نعرف الوقع النفسي للتقاليد المجتمعية، فهن تخفن كسر جدار الصمت  وتخفن من لوم الآخر لهن، كما تطاردهن أفكاراً حول كيفية تقبلهن في المجتمع خاصةً عندما يتعلق الأمر بتسريب صور حميمية لهن".

ولفتت إلى أن ضحايا العنف الرقمي تستفدن داخل جمعية التحدي والمساواة من جلسات العلاج النفسي بالمجان" نحاول معهن كسر الخوف، وتوعيتهن بأن العنف الذي تعرضن له مُجرم قانونياً وله آثار نفسية مثل اضطرابات الاكتئاب ومشاكل النوم وعدم التأقلم وأنه عليهن تجاوز ذلك".

وأضافت أن الجلسات لا تقتصر فقط على العلاج النفسي، ولكن أيضاً هناك التمكين الاجتماعي والاقتصادي، من أجل إعادة بناء حياة الضحايا بعد الصدمة التي تعرضن لها".

ويعرف مقترح القانون الذي تم تقديمه خلال الندوة، العنف الرقمي بأنه كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي يستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئياً أو كلياً تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كالهواتف المحمولة والهواتف الذكية، أو الإنترنت، أو منصات التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني، أو الذكاء الاصطناعي، والذي يستهدف المرأة لأنها امرأة، أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب.

كما تطرق المقترح ذاته إلى التحرش الجنسي الرقمي، إذ جاء فيه "يعتبر مرتكب جريمة التحرش الجنسي في الفضاء الرقمي كل من ضايق الغير في الفضاء الرقمي، أن كان من الرسائل المكتوبة أو الهاتفية أو الإلكترونية أو تسجيلات سمعية أو بصرية أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية؛ تعليقات أو تدوينات أو كتابات أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".

أما فيما يتعلق بالتنمر الرقمي فعرفه مقترح القانون، بأن كل تنمر رقمي بالقول أو استعراض قوة أو سيطرة للفاعل أو استغلال ضعف للضحية أو لحالة في الفضاء الرقمي يعتقد الفاعل أنها تسيء للضحية بسبب الجنس أو العرق أو الدين، أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي أو أي اعتبار آخر بقصد السخرية أو الحط من الكرامة أو الإقصاء من المحيط الاجتماعي.