غزة... ورشة حوارية تدعو إلى تطوير التمكين السياسي للمرأة الفلسطينية

أكدت نسويات وقياديات على ضرورة السعي لرفع نسبة المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية من أجل إحداث تغييرات ديناميكية ومجتمعية في المنظومة الوطنية.

نغم كراجة

غزة - نظم مركز مسارات ورشة حوارية لمناقشة مسودة وثيقة العمل الاستراتيجي لتطوير التمكين السياسي للمرأة الفلسطينية، وتم التوصل إلى هذه الوثيقة في ضوء الحوارات والنقاشات التي جرت بعد سلسلة جلسات حوارية ضمن برنامج "المرأة في صنع السلام".

قالت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني خالدة جرار "انطلاقاً من الإيمان بأن السلام والأمن ناقصان في ظل غياب المرأة ودورها في المجتمع، فالمشاركة السياسية للنساء هي مدخلاً مهماً لإحداث التغييرات المجتمعية"، مؤكدةً أن "تمكين المرأة يجب أن يرتبط بمحاور أخرى أهمها تطبيق مبدأ المساواة بين الجنسين في كافة الحقوق والمهام".

ودعت إلى تشجيع النساء نحو المشاركة العامة في الشأن العام لتقويتهن دون الاكتفاء بالتدريبات، مضيفةً "الكوتا النسائية هي تمييز إيجابي حتى تصل المرأة إلى العدالة الكاملة باعتبارها وسيلة وليست مجرد هدف".

ومن جهتها قالت عضو الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ريما نزال إن "الموروثات الثقافية والاجتماعية لا زالت تعيق حركة النساء ومشاركتهن وتؤثر على ديناميكية تفاعل المجتمع معهن خاصة عندما تأخذ المرأة دورها في مواقع صنع القرار السياسي أو الاقتصادي أو الإداري، وبالرغم من مساهمتها البارزة في المجالات العامة إلا إنها لم تستطع إحداث أي تغييرات نوعية على هذه الموروثات". 

وأوضحت أن المفهوم الصحيح للتمكين السياسي للمرأة يتلخص بالالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الحكومية مثل اتفاقية سيداو، وإعلان منهاج بكين عام 1995 كذلك قرارات الأمم المتحدة التي تنص على ارتباط المرأة بالسلام والأمن.

وأضافت أنه حسب الدراسات والأبحاث التي أجرتها الأمم المتحدة تبين أن المرأة العربية تسجل أدنى مشاركة في الحياة السياسية على مستوى العالم بنسبة 15.2% وتنخفض إلى 11,7 في فلسطين حسب إحصائيات وزارة شؤون المرأة.

وبدورها بينت الدكتورة ختام عودة أن "دور المرأة الفلسطينية في الساحة السياسية والنضال الوطني ليس مستجداً حيث شكلت نموذجاً في بدايات القرن الماضي من خلال انخراطها في العمل النضالي مبكراً ومشاركتها في إنهاء الإنتدابات ورفض قرار تقسيم فلسطين والمطالبة باستقلالها"، موضحةً أنه "بالرغم من الجهود المبذولة إلا أن الحركة النسوية لم تنجح في دفع المجلس التشريعي في تبني قوانين عصرية تم إصدارها عام 1996 والتي دعت إلى عدم التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وتساعد على حماية المرأة وتمكينها مثل رفع سن الزواج للفتيات".

وأشارت إلى أن الحركة النسوية تفتقر إلى الثقل المطلوب في موازين القوى السياسية والاجتماعية، وتحتاج للوصول لمقاربة جماعية تتيح للنساء محاسبة ومساءلة المقصرين بحقهن من صناع القرار، وهذا يتطلب عملاً جماعياً وقدرة على التأثير في الرأي العام والمجرى السياسي على المستوى التنظيمي والمحلي والوطني.

وأكدت الناشطة النسوية نيروز قرموط أن "استمرار الاحتلال لا يزال الخطر الأساسي والداهم الذي يواجه المرأة الفلسطينية ويشكل منظومة مركبة من العنف والاضطهاد"، كما أشارت إلى إن "اتفقنا خلال الحوارات السابقة أن الجمود السياسي أصاب العمل النسوي والاجتماعي، لذلك اقترحنا التقييم النقدي للتجربة النسوية وآلياتها" مشيرةً إلى أنها لاحظت ضعف الحماية الاجتماعية للناشطات اللواتي تتعرضن للملاحقة الأمنية والتحريض المباشر، كذلك هنالك نقص في الحاضنات التي تمكن النساء من توفير الدعم لهن في مجالات مختلفة.

ومن أبرز نتائج سلسلة الحوارات الدعوة إلى تقييم وتقويم أداء الحركة النسوية الفلسطينية بما يضمن دمقرطتها وإشراكها بشكل فعلي للشابات، والمشاركة السياسية الفاعلة في غياب الحياة السياسية أمر مستحيل، ولذلك يصبح لزاماً على المرأة الفلسطينية أن تكون صوتاً عالياً وفعالاً في النضال لإزالة العقبتين الذاتيتين وهما الانقسام وغياب الحياة السياسية الطبيعية.

وأوصت المشاركات بإدماج النوع الاجتماعي في السياسات العامة بشكل فعلي، بما في ذلك في برامج الفصائل والتنظيمات السياسية وأنظمتها الداخلية لضمان تأصيل المشاركة السياسية للمرأة، وتتطلب توفير بيئة حاضنة اجتماعية وتعزيز ثقافة قبول الآخر في المجتمع، بالرجال والنساء، وتكريس قيم الاحترام المتبادل ومعايير الكفاءة والشفافية وتغيير الصور النمطية المتجذرة حول الجنسين وعدم التمييز والحق في الاختلاف والتعددية ومفاهيم النوع الاجتماعي ومبدأ تكافؤ الفرص.

كما طالبن بضرورة وجود شبكات دعم نفسي وتقني وحماية للناشطات في العمل العام، وإدماج الشابات في العمل النسوي والسياسي، والعمل على تعريف النساء بحقوقهن لا يكفي لتغيير المفاهيم الاجتماعية ويفترض أن معرفة الحقوق تكفي لإحداث تغيير اجتماعي عميق من النوع المطلوب، وتعزيز جهود تمكين المرأة يجب أن تأخذ السياق الاجتماعي والاقتصادي بالحسبان وأن يتم العمل على برامج تبتعد عن النخبوية والعموميات وذلك لإعادة التواصل مع القواعد النسوية المختلفة.

وشددت الناشطة نيروز قرموط على بناء تحالفات اجتماعية عابرة للنوع الاجتماعي والقضايا بحيث لا تقتصر مشاركة السياسية للمرأة في القضايا التي تخص النساء، وتوفير الدعم المالي والإعلامي للنساء المنخرطات في الشأن العام، لتخطي عقبات تحول دون مشاركتهن في الانتخابات كمرشحات أو تحد من قدرتهن للتواصل مع المجتمع تنسيق الجهود والبرامج التي تستهدفهن بما في ذلك برامج إعداد القياديات والتدريب على المهارات المختلفة، وذلك لضمان الوصول لأعداد أكبر من النساء.