غزة... مبادرة لتعليم النساء الإسعافات الأولية

أطلق مركز شؤون المرأة بأحد مراكز الإيواء شرقي مدينة غزة مبادرة تمكن النساء والفتيات من المساعدة في إنقاذ عوائلهن وأنفسهن خاصة في ظل الحصار وتأخر الإسعاف.

رفيف اسليم

غزة ـ نظم مركز شؤون المرأة، مبادرة للنساء بعنوان "أنقذي روح"، ضمن مشروع الاستجابة العاجلة لاحتياجات الحماية وسبل العيش للنساء والفتيات المتأثرات من التصعيد في قطاع غزة وجنين.

حول مبادرة "أنقذي روح" التي انطلقت أمس السبت 26 تشرين الأول/أكتوبر، والتي كانت بإشراف مركز شؤون المرأة بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، قالت رنين عوض، منسقة مشروع في مركز شؤون المرأة، أن المركز يقدم خدمات متعددة القطاعات في منطقتي شمال وجنوب قطاع غزة، متعلقة بالدعم النفسي والاجتماعي والإسعاف النفسي الأولي، وأيضاً خدمات الدعم النفسي للأزواج والدعم القانوني، مضيفةً أنه استجابة للحاجة الملحة لحماية النساء المتأثرات من الهجوم المستمر على قطاع غزة تم إطلاق مبادرة "أنقذي روح" بهدف تدريب النساء والفتيات على الإسعافات الأولية.

وأضافت أن مبادرة "أنقذي روح" تتضمن تقديم 9 ورشات توعية للإسعافات الأولية استهدفت 180 امرأة من مراكز الإيواء والمنازل المجاورة، لافتةً إلى أن المبادرة تهدف إلى تمكين النساء اللواتي تعايشن النزاعات والحروب لتتمكن من تقديم التدخلات والمساعدات الممكنة لإنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ، وعدم تركهن وحدهن في ظل انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة.

وتكمن أهمية المبادرة بحسب رنين عوض، بكون الكثير من المنازل اليوم تحاصر من قبل القوات الإسرائيلية ولا تتمكن فرق الإسعاف من الوصول إليها على الرغم من كثرة المناشدات، مشيرةً إلى أن الجانب العملي من تلك الورشات تدرب النساء وتمكنهن على مساعدة المصاب في حال تأخر سيارات الإسعاف أو لم يستطيع الحضور إلى حين التمكن من الذهاب لأقرب مستشفى.

وأوضحت أنه يتم تقديم جانب الدعم النفسي الأولي خلال الورشة، وذلك بهدف مساعدة النساء على التخلص من الضغوطات، مضيفةً أن هناك صعوبات وتحديات تواجه المركز منها عدم وجود بيئة تراعي خصوصية المرأة عند تلقي الدعم النفسي وتواجدها مع الأخصائية، وعدم توفر بيئة صحية في مراكز الإيواء، والنزوح المتكرر للنساء والفتيات الذي يؤدي إلى تأجيل عدد من الأنشطة.

وتردف رنين عوض، أن هناك إقبال كبير من النساء على المشاركة في الورشات التوعوية الخاصة بالإسعاف الأولي وذلك لرغبتهن في مساعدة أنفسهن وعوائلهن بل وطالبن بجلسات أخرى تخص الموضوع ذاته، لافتةً إلى أنه خلال نهاية الورشة تم تقديم حقائب خاصة بالإسعافات الأولية لمساعدتهن على تأدية دورهن في التدخل العاجل، كما تم التطرق لأكتوبر الوردي والحديث حول زيادة الوعي حول سرطان الثدي.

 

 

بدورها أوضحت الطبيبة شيماء لافي، أن الورشة التدريبية جاءت بوقتها مع إحكام الحصار على منطقة شمال قطاع غزة، كون المرأة أصبحت خط الدفاع الأول عن أسرتها في تقديم الرعاية الأولية بالتزامن مع حالات الاعتقال المتزايدة للرجال من قبل القوات الإسرائيلية، بالتالي تحول تعلم أساسيات الإسعافات الأولية واجب كي يتم التعامل مع الإصابات الشائعة في الحروب كالحروق والكسور وإرشادهن للمواد الأساسية المتوفرة بحقيبة الإسعاف الأولي.

وأضافت أن "اكتظاظ المشافي بالمصابين الذين يفترشون الأرض في الكثير من الأحيان، وتأخر وصول الإسعاف بسبب كثرة المناشدات تجعل للنساء دور فعال كي تنقذن الأرواح وتخففن الأعباء عن فريق طبي كامل، وذلك من خلال تقديمهن بعض الخدمات الطبية الضرورية التي إذا لم تتم في الوقت المناسب قد نفقد العديد من الأرواح".

 

 

فيما أفادت رضا المبيض إحدى المشاركات في المبادرة ونازحة بمدرسة شعبان الريس، أنها قبل حضور المبادرة كانت تظن أن القيام بالإسعاف الأولي مهمة صعبة ومستحيلة، لكن بعد تناقل الروايات عن حصار العائلات في مخيم جباليا وجدت أنها تحتاج لمعرفة ذلك، وبالفعل التحقت بالحضور ووجدت الأمر أبسط مما تصورت، لكنه يحتاج فقط إلى بعض التركيز وسرعة البديهة في التعامل مع الموقف.

وأضافت أنها وضعت نفسها مكان العائلات المحاصرة في الشمال متسائلة "كيف سأنظر لأخي أو أمي هم ينزفون أمامي، خاصة أن سيارات الإسعاف تتأخر وربما لا تأتي، والأدوات الطبية مرتفعة الثمن في ظل الفقر المدقع الذي تعاني منه العائلات في قطاع غزة"، مبينةً أن التدريب وفر لهن الكثير من المعلومات إلى جانب الحقيبة، كما تم تدريبهن على التعامل في حال لم تكن تلك الأدوات معهن من خلال استخدام ما هو متوفر كخشبة أو سلك أو قطعة قماش نظيفة وغيرها.

وأوضحت رضا المبيض، أن خلال وقتي السلم والحرب تحتاج المرأة لتعلم الإسعافات الأولية خاصة عندما تكون المعيل للأسرة، لافتةً إلى أنها تعلمت كيف تساعد المصابين من خلال التأكد أولاً فيما إذا كان فاقد للوعي أو لا، ومن ثم تثبيت الجسم بالطريقة الصحيحة، أو إذا كانت حالة كسور يجب تثبتها بجسم صلب كخشبة مثلاً، مع الامتناع عن وضع البن في حالة الجروح والطحين للحروق.

 

 

فيما أفادت المدربة ماجدة البلبيسي، أنه بعد تقديم الإسعاف الأولي والتأكد من سلامة الجسد يجب تقديم الإسعاف النفسي الأولي وهو خدمة تقدم للناجيات من الكوارث الطبيعية أو البشرية بعد 24 ساعة من الأحداث الصادمة، وتتضمن ثلاث محاور أساسية منها النظر لمكان أمن، ومن ثم الاستماع للمواقف الصادمة خلال الهجوم، وأخيراً ربط الحالات بالمؤسسات التي تقدم الخدمات النفسية أو القانونية أو الاقتصادية.

وأردفت أن تلك الخدمة مكنت عدة حالات من التفريغ عن نفسها مخففة من حدة الصدمة على الضحايا، مستدركةً أنه يجب اتباع تلك الخدمة بحديث موسع مع أخصائية نفسية، لكن ذلك البند من الصعب تحقيقه بسبب عدم توفر الأماكن الملائمة خاصة في مراكز الإيواء التي يتم استهدافها باستمرار والمكتظة.

وعن أهمية تلك الخدمة لفتت ماجدة البلبيسي، أن تلك الخدمة حسنت من الظروف النفسية للحالات وتعاملهن مع المواقف المختلفة، مشيرةً إلى كون الخدمة ضرورة ملحة للنساء ضحايا العنف سواء في الحرب أو الأسري خاصة وقت الأزمات لمنع الانتكاسات النفسية وتدهور أوضاع الصحة النفسية لمرحلة يصعب السيطرة عليها.