غياب الأمن والحماية في إدلب... عائق يمنع المعيلات من العمل
تواجه المعيلات في إدلب، تحديات هائلة تمنعهن من دخول سوق العمل الأمر الذي يؤثر على سبل عيش أسرهن، حيث تعد إدلب واحدة من أكثر المناطق المتضررة من الأزمة، ويتعذر فيها تحقيق الأمن والاستقرار، مما يعكس آثاراً سلبية على النساء.
هديل العمر
إدلب ـ تشكل النساء نسبة كبيرة من عدد النازحين في إدلب، وتضطر الكثير منهن للعيش في مخيمات أو مساكن غير آمنة، ما يجعلهن يواجهن مخاطر متعددة، مثل الاعتداءات والتحرش، وهو ما يعيق قدرتهن على العمل أو التنقل بحرية، كما تظهر الدراسات أن فرص العمل المتاحة للنساء في إدلب تقتصر على وظائف محدودة، وغالباً ما تكون في مجالات غير آمنة أو غير مستقرة.
تتحدث سمر صليبي، وهي في العقد الثالث من عمرها وأم لثلاثة أطفال، عن تجربتها وهي المعيلة الوحيدة لعائلتها، لكن غياب الأمان يجعل من الصعب البحث عن عمل "أشعر بالخوف من الخروج وحدي، حاولت العمل في أحد المصانع، لكنني واجهت تحرش ومضايقات من أصحاب المصنع والعمال، مما جعلني أترك العمل".
وأضافت "كنت أحلم بافتتاح متجر صغير لأبيع فيه مستلزمات الأطفال، لكنني خائفة من الأوضاع هنا، والتي تجعلني أفكر مرتين قبل اتخاذ أي خطوة، أريد أن أكون قادرة على دعم عائلتي، لكن الخوف يسيطر علي من كل جانب".
أما مريم الحلو التي تعيش في مخيم للنازحين شمال إدلب، فتسرد معاناتها عن انعدام الأمن والحماية، وتقول "قبل النزوح، كنت أعمل كخياطة في المنزل، لكن الوضع الأمني المتقلب في الخيام جعلني أعيش في حالة من القلق المستمر، وأحياناً لا أستطيع الخروج للحصول على المواد التي أحتاجها بسبب القصف والاشتباكات وأخبار الجرائم والخطف والانتهاكات هنا وهناك، شعرت أنني محاصرة، وأحتاج إلى دعم متعدد الأوجه وحماية قانونية حتى أستطيع العمل بحرية".
وحتى المسنات تواجهن تهميشاً وظروفاً قاسية، فالاستجابة لا تزال غير كافية لمواجهة الأزمة، ولا زالت سبل الدعم محدودة وغير مجدية في تأمين بيئة عمل آمنة ومستدامة للنساء، ويعتبر توفير الأمن والحماية هو الخطوة الأساسية لإعطائهن الفرصة للمساهمة في المجتمع وتحسين ظروفهن المعيشية، وهو ما عبرت عنه الستينية حياة سفر التي تعيش بمفردها والتي كانت تعمل في الزراعة طوال حياتها وحين نزحت لم تعد تستطيع إيجاد عمل وتحتاج إلى الكثير من الدعم المالي والطبي والنفسي أيضاً.
وتابعت "لا يوجد من يساعدني، أشعر أنني فقدت كل شيء، والحياة أصبحت قاسية جداً ولا أعرف إلى من يمكن أن ألجأ، وخاصة وأن الشابات لا يجدن عملاً مناسباً فكيف الوضع مع حالتي وقد تقدمت بي السنين وأخذت من صحتي الكثير".
أما فاطمة عبد الكريم فهي تعمل في الأراضي الزراعية قائلة "أعمل في الزراعة لكسب القوت اليومي، لكن العمل شاق وخطر، أحياناً نحتاج الانتقال إلى مناطق أخرى بحثاً عن العمل، وهذا يعرضني لمخاطر أكبر، لا يوجد أمان ولا سبل حماية، وهذا يجعلني دائمة التفكير في مستقبل أطفالي، وكيف سأضمن لهم حياة كريمة وسط كل هذا الضياع".
وتأمل أن يجري العمل على إحداث تغيير إيجابي في حياة المعيلات في إدلب، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر شمولية واستقراراً، خاصة أنهن بحاجة إلى الدعم ليتمكن من التغلب على الصعوبات، وتقترح تفعيل برامج الحماية والتمكين الاقتصادي للنساء في مواجهة هذه التحديات المعقدة.
وتظل المعيلات في إدلب تسعين بكل ما أوتين من قوة لتأمين حياة كريمة لأسرهن في ظل ظروف قاسية، يسودها غياب الأمن والحماية ما يعوق تحقيق أحلامهن وطموحاتهن في توفير حياة أفضل لأبنائهن.