في ظل تصاعد الهجمات... تنظيمات وحركات نسائية توجه رسالة مفتوحة إلى الأمم المتحدة
أكدت التنظيمات والحركات النسائية في شمال وشرق سوريا على أن الهجمات التي تشنها الدولة التركية على المنطقة هي أيضاً هجمات ضد الحركة النسائية وهي تنبع من أيديولوجية أصولية كارهة للنساء.
مركز الأخبار ـ دعت 8 تنظيمات وحركات نسائية في شمال وشرق سوريا الأمم المتحدة إلى الالتزام بمسؤوليتها ومحاسبة تركيا على جرائمها وإلى إنشاء منطقة حظر جوي، كذلك وقف الاستخدام المنهجي للطائرات المسيرة التي تستهدف قيادات نسائية تعمل من أجل السلام وحرية المرأة وتقرير المصير وبناء مجتمع ديمقراطي.
وجهت مجموعة من الحركات والتنظيمات النسائية في شمال وشرق سوريا رسالة مفتوحة إلى الأمم المتحدة اليوم الاثنين 9تشرين الأول/أكتوبر، في ظل التصعيد الأخير الذي شنته الدولة التركية على مناطق شمال وشرق سوريا.
وجاء في الرسالة المفتوحة إن التصعيد الذي بدأ بتاريخ 4 أكتوبر 2023 من خلال العدوان التركي المتكرر على مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا التي يعيش فيها جميع المكونات على مبدأ التعايش المشترك هو ما دفعهم كحركات وتنظيمات نسائية من شمال وشرق سوريا إلى توجيه هذه الرسالة المفتوحة إلى الأمم المتحدة وإلى كافة الشعوب "إننا كحركات وتنظيمات نسوية من شمال وشرق سوريا ندعوكم إلى تحمل المسؤولية وفق مبادئ القانون الدولي وأهداف الأمم المتحدة ونصر على اتخاذ إجراءات فورية لضمان قيام الدولة التركية بإنهاء أعمالها العدوانية الحالية".
وأشارت الرسالة إلى أنه بحسب ديباجة ميثاق الأمم المتحدة والتي جاء في جملتها الأولى ما يلي "نحن شعوب الأمم المتحدة مصممون على إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب، لذلك نحن كنساء نعيش في شمال وشرق سوريا، نشهد حالياً ويلات الحرب مرة أخرى وبشكل أكثر مروعاً".
وأوضحت الرسالة "في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلنت تركيا الحرب على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في بيان علني لوزير خارجيتها، هددت بشن هجمات واسعة النطاق على البنية التحتية للمنطقة وفي تبريرها لعدوانها، أشارت تركيا إلى الهجوم الذي نفذه حزب العمال الكردستاني في أنقرة، في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واتهمت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بالارتباط به، وفي الفترات السابقة أيضاً استخدمت تركيا مراراً وتكراراً الهجمات لإضفاء الشرعية على حربها العدوانية على منطقة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، مثل التفجير الذي وقع في وسط مدينة إسطنبول المأهولة بالسكان في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 والذي ُنفذ من قبل مجهولين وبهذه الطريقة، فإنها تضمر نواياها العدوانية في زعزعة الاستقرار لإخلاء واحتلال المنطقة في شمال وشرق سوريا، وتسعى إلى تبرير انتهاكها لحقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة في هذا السياق".
ونوهت الرسالة المفتوحة إلى أنه "منذ ثورة عام 2012، اغتنمت تركيا كل فرصة لعرقلة تطوير نموذج ديمقراطي بديل للمجتمع من قبل الشعب الكردي في شمال وشرق سوريا، حيث يتيح هذا المشروع لجميع الشعوب إمكانية إدارة أنفسهم".
وأوضحت التنظيمات النسائية من خلال الرسالة أنه من إعلان الهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا في 4 تشرين الأول/ أكتوبر، ارتكبت تركيا بشكل متكرراً جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من خلال أعمالها العدوانية ضد شعب شمال وشرق سوريا ومن خلال الغارات الجوية وهجمات الطائرات المسيرة والأسلحة الثقيلة، نفذت حتى الآن أكثر من 70 هجوماً متعمداً على المدنيين ومؤسسات المدنية والقرى وأماكن المنشآت والخدمات والبنية التحتية الحيوية، بهدف إنهاك السكان نفسياً وجسدياً من خلال حرمانهم من الإمدادات الأساسية من الكهرباء والماء والطحين وهذا انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين والجرحى والمرضى على النحو المبين على سبيل المثال في اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي".
وأضافت الرسالة "تنفذ تركيا بانتظام هجمات على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية ومؤخراً تم تدمير مستشفيين مجهزين لمرضى كورونا، ويقدمان أيضاً الرعاية الصحية العامة للسكان، جراء غارات جوية بتاريخ 6 تشرين الأول/أكتوبر في قرية كري فرا بالقرب من ديريك وفي مدينة كوباني. تركيا تتعمد مهاجمة مخيمات حماية اللاجئين ففي5 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تعرضت المنطقة المحيطة بمخيم واشوكاني للاجئين الواقعة غرب مدينة الحسكة للقصف عدة مرات خلال ساعات قليلة، ونتيجة لذلك، أوقفت جميع المنظمات الإنسانية الموجودة في المخيم، وعددها 12 عملها داخل المخيم وقاموا بإجلاء موظفيهم وتركوا الناس وراءهم دون حماية".
وبينت الرسالة أن "تركيا تهاجم على وجه التحديد الأهداف الحيوية للمدنيين، وهذا يشمل على وجه الخصوص محطات مياه الشرب، حيث كان هناك هجوم على محطة مياه الحمة، التي تزود منطقة كبيرة من مدينة الحسكة بالمياه، وكان هناك هجوم على محطة مياه خانا سري في منطقة ديريك، كما تستهدف تركيا مرافق إنتاج الطحين، ومخازن المحاصيل، والمناطق الزراعية، حيث تعرضت مزرعة في مشيرفة شمال مدينة الحسكة لهجوم بطائرات مسيرة، وصوامع الحبوب في عامودا، كما هاجمت محطات توليد الطاقة للسكان المدنيين، والتي تعتبر ضرورية أيضاً، حيث تعرضت محطات ضخ المياه وإنتاج الطحين للقصف وتم تدمير وإتلاف أكثر من 30 منشأة للكهرباء والغاز والنفط بسبب هجمات الطائرات المسيرة والغارات الجوية وشملت محطة كهرباء في تربه سبيه ومحطة محولات الكهرباء في قامشلو والتي كانت حتى ذلك الحين توفر الطاقة لمصنع الدقيق المحلي، كما استهدفت الأماكن المأهولة بالسكان والقرى وأماكن السكن والمنشآت، حيث تضررت مدرسة في منطقة داد عبدال في زركان بقصف طائرات مسيرة وتعرض معمل القرميد في مدينة الحسكة لهجوم بطائرات مسيرة، وتعرض مصنع للنسيج في مدينة عامودا لهجوم وفي منطقة ديريك وكوباني وعامودا وتل تمر، وقعت عدة غارات جوية وقذائف أسلحة ثقيلة على القرى المأهولة".
ونوهت الرسالة إلى أنه "وبالإضافة إلى هذه الهجمات الحالية، نرى أنه من مسؤوليتنا أن نشير إلى أن حماية السكان المدنيين في مناطق عفرين وسري كانيه التي تحتلها تركيا في انتهاك للقانون الدولي لم يتم ضمانها حتى يومنا هذا، إن أعمال النهب والتدمير التي تمارسها الفصائل المسلحة المنتشرة هناك، والتعذيب والعنف الموجه ضد السكان المدنيين، وخاصة ضد النساء، واختطاف الأشخاص وتوطين مجموعات سكانية لا تعيش في الأصل هناك، هي أمثلة على انتهاك لحقوق الإنسان وجرائم الحرب التي تشكل جزءاً من المجتمع الدولي، إذ نعرف أكثر من 250 حالة لنساء مختطفات منذ عام 2018 في منطقة عفرين المحتلة كما أن هناك هجمات متكررة على المناطق المأهولة على سبيل المثال، قصف الجيش التركي ومرتزقته عدة قرى في شرا وشيراوا بتاريخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 2023".
وأدانت الحركات والتنظيمات النسائية من خلال الرسالة "انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ترتكبها تركيا ضد الشعب، ونشير أيضاً إلى خطورة تقييد حقوق المرأة وتدمير النموذج الاجتماعي الذي يضمن المشاركة السياسية والاجتماعية وحرية التعبير، فمنذ حوالي 20 عاماً بدأنا بتنظيم أنفسنا كنساء هنا في شمال وشرق سوريا، ومنذ الثورة عام 2012 تحملنا المسؤولية في بناء نظام ديمقراطي على أساس حرية المرأة لقد تطورنا حتى أصبحنا حركة نسائية قوية ومتعددة المكونات لقد بنينا هياكل ومجالس وجمعيات نسائية مستقلة، وحققنا وعياً في المجتمع بأن الحياة التي لا تتمتع فيها المرأة بالحرية لم تعد ممكنة ونحن نشارك ونناضل كل يوم في كافة الهيئات السياسية والمؤسسات الاجتماعية من أجل تحسين هذه الهياكل وتحقيق تقدم للنساء".
وأكدت الرسالة على أن "النظام الذي تم إنشاؤه بهذه الطريقة في شمال وشرق سوريا مع الاعتراف بحقوق المرأة ومشاركتها الاجتماعية والسياسية، هو فريد من نوعه في الشرق الأوسط ويعود بالنفع الكبير على جميع النساء وجميع الناس في المنطقة، لقد شاركنا كنساء في القتال ضد داعش وقدمنا تضحيات جسيمة لأنها كانت ولا تزال مسؤوليتنا الطبيعية لحماية مجتمعنا وجميع الشعوب التي تعيش هنا ولكن أيضاً بالنسبة لنا كنساء، يتعلق الأمر وجودياً بالدفاع عن حياتنا وحريتنا لأننا نعتبر أنه من الضروري حماية إنجازات الحركة النسائية ونضالاتنا من الاعتداءات الجسدية والأيديولوجية الأصولية الرجعية لداعش".
وفي إشارة إلى الهجمات التي تشنها الدولة التركية على الإدارة الذاتية وبنيتها التحتية، أوضحت الرسالة "هي أيضاً هجمات ضد الحركة النسائية القوية في المنطقة وهي تنبع من أيديولوجية أصولية كارهة للنساء تمثلها أيضاً القيادة السياسية في تركيا إنها استمرار وتكثيف لهجمات الطائرات بدون طيار التركية، المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، والتي أدت إلى استشهاد حتى الآن أكثر من 30 امرأة رائدة في السياسة والمجتمع وقوات الدفاع وبين المدنيين، ومن بين هؤلاء، خمس شابات في مركز تعليمي ترعاه الأمم المتحدة وزينب محمد الرئيسة المشتركة لمكتب العدل والإصلاح في الإدارة الذاتية لمنطقة الجزيرة ويسرى درويش الرئيسة المشتركة للإدارة الذاتية في مقاطعة قامشلو ونائبتها ليمان شويش وتم استهداف القيادية شرفين سردار التي شاركت في الحرب ضد تنظيم داعش، وذلك خلال الهجمات على منبج والرقة ودير الزور".
وأكد الرسالة على أن "زعزعة استقرار المنطقة من خلال الهجمات الحالية يمهد الطريق أمام تنظيم داعش لإعادة أحياء وإعادة التنظيم وترسيخ نفسه في المنطقة وهذا من شأنه أن يعرض المنطقة للخطر مراراً وتكراراً، ليس أمننا نحن النساء فحسب، بل أمن المجتمع العالمي بأسره، ولأن تنفيذ القانون الدولي والمعاقبة على انتهاك حقوق الإنسان وجرائم الحرب يقتصر فقط على الدول الممثلة كدول وأعضاء في الأمم المتحدة، وهو ملزم بالتصديق على الاتفاقيات ذات الصلة، فإننا كحركة نسائية وتنظيمات نسائية، كما أن ممثلي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا غير قادرين على اتخاذ الإجراءات القانونية لمنع تركيا من ارتكاب جرائم حقوق الإنسان وجرائم الحرب ومن أجل حقنا في السلام على أساس مبادئ المساواة وتقرير المصير والعدالة والامتثال للقانون الإنساني الدولي، لا يسعنا إلا أن نرفع صوتنا".
وقالت التنظيمات النسوية من خلال الرسالة أنه "حتى اليوم، لا ترغب أي دولة من دول الأمم المتحدة في تعريض علاقاتها السياسية ومزاياها للخطر من خلال اتخاذ موقف واضح أو توجيه اتهامات ضد الدولة التركية وإعطاء الأولوية للمبادئ الأخلاقية والقيمة للقانون الدولي وهذا متأصل فيهم بالفعل، إن هذا الصمت المستمر من جانب المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وفوق كل شيء، إفلات سياسة الاحتلال من العقاب، والذي يتعارض مع القانون الدولي، هو الذي شجع ومكن الدولة التركية من مواصلة ارتكاب جرائم حقوق الإنسان وجرائم الحرب ضد المدنيين لسنوات ومازال مستمر إلى الآن، وبناء على ذلك، كتبنا هذه الرسالة المفتوحة لنطالبكم بشكل عاجل بتحمل المسؤولية على أساس الأهداف المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والعمل على ضمان إنهاء تركيا لأعمالها العدوانية الحالية".
وطالبت الحركات من خلال الرسالة "بمحاسبة تركيا على جرائمها المتعلقة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب وندعو بشكل عاجل إلى إنشاء منطقة حظر جوي فوق شمال وشرق سوريا لمنع العدوان المستقبلي من قبل الدولة التركية وجرائم الحرب التي تحدث في هذا السياق، وكذلك وقف الاستخدام المنهجي للطائرات المسيرة القتالية في عمليات استهداف خارج نطاق القانون لناشطون وسياسيون وقيادات نسائية يعملون من أجل السلام وحرية المرأة وتقرير المصير وبناء مجتمع ديمقراطي في شمال وشرق سوريا".
وناشدت الحركات والتنظيمات النسائية في ختام الرسالة المجتمع الدولي وأعضاء الأمم المتحدة ومؤسساتها، ومجلس الأمن الدولي بشكل صريح، أن يتحملوا مسؤوليتهم في حماية الناس من جرائم الحرب وحقوق الإنسان وأن يتصرفوا وفقاً لذلك.