في يوم المرأة المصرية... ناشطات تؤكدن أن حماية النساء أولوية

تحتفل المرأة المصرية بيومها وسط أجواء صعبة بعد سلسلة من الأحداث التي جعلتها قلقة من فاتورة ارتفاع وتيرة العنف التي تحملت تبعاته خلال العام المنصرم.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت الناشطات والمحاميات في يوم المرأة المصرية على ضرورة إصدار قانون موحد لمناهضة العنف، وضرورة التكاتف والتفكير في آليات جديدة تدعم النساء، مشددات على أن التمكين يبدأ من الوعي بالحقوق.

احتفلت مؤسسة المرأة الجديدة أمس الخميس 16 آذار/مارس، بيوم المرأة المصرية تحت شعار "حماية النساء أولوية"، بحضور عدد من الجمعيات والمبادرات الشابة، مكرمين عدد من النسويات الفاعلات والمؤثرات في قضايا النساء خلال العام الماضي.

وشمل جانب من الاحتفال مناقشة مشروع الحماية التشريعية لمواجهة العنف ضد النساء والتطرق للتاريخ الطويل الذي عملت خلاله مؤسسة المرأة الجديدة على قضايا النساء.

وشارك الحضور في عدد من الورش الفنية التي أقيمت على هامش الاحتفال ومنها أفكار مختلفة لتدوير بعض المخلفات، ورسم جدارية من القماش، فضلاً عن مجموعة من العروض الفنية وعزف على العود وعرض أحد الأفلام المصورة كأحد مخرجات ورشة التصوير بالموبايل الأخيرة، وشاركت أيضاً مجموعة من المبادرات والجمعيات ببعض المشغولات اليدوية التي عملت على إنتاجها عدد من النساء المعيلات، وأطفال متسربين من التعليم.

 

سنوات من العمل على القضايا الشائكة

افتتحت الحفل المديرة التنفيذية لمؤسسة المرأة الجديدة وفاء عطية التي أكدت على اهتمام مؤسساتها بهذا التقليد القديم وسط عدد ليس بالقليل من المنظمات والجمعيات المعنيين بحقوق النساء منذ عام 1999، مشيرةً إلى أنه من الضروري الاستمرار بحملة "حماية النساء أولوية" في ظل عام عانت خلاله النساء من ويلات العنف ضدهن لحين إصدار قانون موحد لمناهضة مثل هذه الممارسات التي تحول دون قدرة المرأة على الحياة والنجاح وتعرقل مسيرتها.

وأشارت المحامية هالة دومة ومنسقة مكاتب المساندة بمؤسسة المرأة الجديدة إلى خطة عمل العام الجديد المستهدفين خلاله العمل أكثر من أجل تقديم الدعم للنساء في الأماكن المهمشة لتصل بذلك مظلة الحماية للمرأة أينما كان موقعها في قرية قريبة من المركز أو بعيدة عنه.

 

العنف إشكالية تحتاج لحماية تشريعية

وقالت مديرة مشروع الحماية التشريعية في مواجهة العنف ضد النساء منار عبد العزيز، أن اليوم احتفالي بالأساس وأنهم استهدفوا أن تتم خلاله إطلاق خطة عمل للعام الجديد، وأنهم التقوا مجموعة من ممثلي الأحزاب المصرية وكذلك المبادرات النسوية لبحث سبل العمل التشاركي من أجل استصدار قانون موحد لمناهضة العنف والتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190c، لافتةً إلى أن العمل على مشروع الحماية التشريعية يشمل المحافظات الثلاث القاهرة والاسكندرية وأسيوط لتغطية مناطق مختلفة وقطاعات أوسع سعياً من الجميع لإتاحة أكبر مظلة من الحماية للنساء.

وأوضحت أن مواجهة العنف تتطلب مجموعة من الآليات إلى جانب الضغط من أجل استصدار القانون نفسه وهو الأمر الذي تدركه المؤسسة وتعمل عليه بالتواصل مع عدد من المبادرات والجمعيات من أجل العمل على الحشد والمناصرة والتواصل مع مجموعات مختلفة للتحدث عن الحماية التشريعية، والجزء الثاني تمثل في مكاتب المساندة القانونية والدعم النفسي والتي تعتبر تجربة هامة للتمسك بآليات الحماية لضمانات أكبر في مواجهة العنف.

 

 

في يوم المرأة المصرية نساء تحتجن للدعم والمساندة

وأوضحت المحامية هيام الجنايني المتحدثة باسم وحدة الدعم القانوني بمبادرة "مؤنث سالم"، أنه ليوم المرأة المصرية أهمية حقيقية في دعم كل امرأة حملت على أكتافها الأعباء طوال عام كان غاية في الصعوبة على الجميع سواء على صعيد العنف المبني على النوع الاجتماعي أو جراء الأزمة الاقتصادية التي أعقبت جائحة كورونا.

وعن احتياجات النساء في يوم المرأة المصرية لفتت هيام الجنايني إلى أنهن بحاجة لحزمة تشريعات تجعلهن آمنات لأنهن تعانين فعلياً وهن بحاجة لإنصاف وحماية حقيقية، مؤكدةً على ضرورة التكاتف والتفكير في آليات جديدة تدعم النساء.

وعن عمل مبادرة "مؤنث سالم" خلال شهر آذار/مارس، أوضحت أن عضوات المبادرة تعملن على قضايا الصحفيات في الوقت الحالي وتسعين من أجل توفير بيئة عمل آمنة لهن، وتطرقن لمجموعة من الأزمات التي عانت منها الصحفيات ومنها إطلاق حملة "مش ذنبي إني أم" بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، معتبرةً أن معاناة الأمهات في هذا المجال مخيفة لعدم قدرتهن قبل التعيين من نيل "إجازة وضع" بسهولة وغيرها من الحقوق.

ولفتت إلى أنهن في مبادرة مؤنث سالم تلقوا شهادات مؤلمة للصحفيات الأمهات كشفت عن حجم التمييز الواقع على كاهل النساء، معتبرةً أن تلك التجربة واحدة من ألوان العنف الممارس على النساء في مختلف القطاعات ومنها الوسط الصحفي وغيره، مضيفةً أن العمل على تغيير الثقافة بات ضرورة إلى جانب الحماية التشريعية.

 

 

الصحة النفسية ضرورة وليست رفاهية

وأوضحت ألفت علام استشاري العلاج النفسي والإدمان، والخبيرة الدولية في الجندر، أنه رغم وجود عمل دؤوب على قضايا العنف الممارس على النساء، إلا أن المشوار لا يزال طويلاً لكونهن تدخلن في حلقة من العنف تبدأ من المنزل وتشمل بعده المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

وأشارت إلى أنه هناك قبول ضمني وتضامن من المجتمع مع المعنفين لأن الذهنية الذكورية تقلل من شأن المرأة وتحد من طموحها ويمنحها حقوق أقل، مؤكدةً أن القوانين هامة للغاية ولكن تفعيلها أهم خاصة إن كان للثقافة دور أقوى من القانون لذلك يجب أن يكون هناك عمل على أرض الواقع من خلال المؤسسات النسوية وغيرها من الجهات المعنية لجني ثمار حقيقية وملموسة لصالح النساء.

وفي يوم المرأة المصرية شددت ألفت علام على ضرورة أن تعي المرأة أهمية صحتها النفسية التي لا ينفصل عنها الجزء البدني فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وطالبتها بضرورة العمل على احتياجاتها وإعطاء الأولوية لسلامتها النفسية لأنه إن لم تقم بذلك فلن تجد من يقدمه لها طواعية.

 

 

المشغولات اليدوية أحد أدوات تمكين المرأة المعيلة

وقالت سمية حسين الممثلة عن جمعية البداية للنهوض بالتعليم والثقافة بمنشية ناصر، أنهم يتيحون فرص عمل في إنتاج المشغولات اليدوية للأطفال المتسربين من التعليم، للعمل في أيام الإجازة من الإنفاق على تعليمهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي حالت دون قدرتهم على مواصلة التعلم، فضلاً عن النساء المعيلات لأسرهن.

وأوضحت أنه لديهم نادي للطفل وحضانات لاستقبال الأطفال وعدد من البرامج الهامة ومنها "من حقي أن أتعلم"، فضلاً عن عملهم على تقوية الأطفال الذين يعانون من ضعف في التعلم بالمدارس لمساعدتهم وتأهيلهم بجهد إضافي حتى يتمكنوا من التحصيل العلمي، بالإضافة إلى قيامهم بإنشاء مطبخ يعمل يومين من كل أسبوع لتوفير وجبات للأسر الأكثر احتياجاً.

وتعتبر أن عرض المنتجات في الفعاليات ضروري للتسويق والترويج لمنتجات المشاركين معهم، مشددةً على ضرورة التمكين الاقتصادي للفتيات حتى تستطعن الاختيار بحرية ورفض مختلف الانتهاكات التي قد تتعرضن له مستقبلاً، موضحةً أن دعم النساء يبدأ من تملكهن لقوت يومهن وتوفير دخل دائم لهن وهو الأمر الذي يقويهن في مواجهة مختلف الأزمات التي تعانين منها.

 

 

الوصول للنساء المهمشات ضرورة والتمكين يبدأ من الوعي بالحقوق

وترى الباحثة وفاء عشري، أن العمل على قضايا العنف على أرض الواقع بات ضرورة يتطلبها الوضع الراهن لكونها قد حصلت على جانب كبير من الزخم الإعلامي خلال الفترة الأخيرة، وتم العمل عليها مركزياً إلا أن المحافظات الحدودية والقرى البعيدة مازالت بحاجة للعمل على هذا النوع من القضايا.

وأكدت على أن العديد من النساء تتعرضن للعنف تحت غطاء التربية وتقويم السلوك وهو أمر يحتاج لتفتيت ليرى الجميع حقيقة تلك السيطرة وهذا الاستحواذ المستهدف محو إرادة المرأة، موضحة أن العنف جريمة ويجب أن يواجه بكل الأدوات والآليات الممكنة والتكاتف ضروري الآن من أجل حماية النساء.