فرصة تاريخية للسلام والديمقراطية في تركيا... هل يغتنمها الإعلام والسياسة؟

أكدت الصحفية بانو جوفان أن عملية السلام في تركيا تمثل تحولاً غير مسبوق، بدأت بخطوات ملموسة كإتلاف السلاح، مشددةً على أهمية التعديلات القانونية، ودور الإعلام المسؤول، ومساهمة القائد عبدالله أوجلان، لضمان نجاح المسار الديمقراطي.

أليف أكجول

إسطنبول ـ في أعقاب نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي"، تم تشكيل لجنة برلمانية تحت اسم "لجنة التضامن الوطني، الأخوة والديمقراطية"، بهدف دعم مسار التحول السياسي والاجتماعي، ومع ذلك، لم تبادر اللجنة حتى الآن لاتخاذ خطوات عملية، واكتفت بعقد جلسات استماع لبعض الشخصيات وممثلي منظمات المجتمع المدني، ورغم تكرار الدعوات والمطالبات، لم يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية تخص القائد عبد الله أوجلان، كما لم تُبذل جهود فعلية لإنهاء عزله.

عن المرحلة التي بلغها مسار السلام في تركيا، إلى جانب موقف الإعلام من هذا التحول، أكدت الصحفية بانو جوفان أن الخطوات المتخذة نحو التخلي عن السلاح والسلام تتميز بتصميم مختلف ومسار عملي واضح مقارنة بالمراحل السابقة، مشيرةً إلى أن المجموعة التي أتلفت سلاحها عرفت نفسها باسم "مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي"، وإقدامها على تلك الخطوة في مراسم رسمية، يُعد حدثاً غير مسبوق في تاريخ تركيا الحديث من حيث الوضوح والرمزية.

 

إتلاف السلاح خطوة تاريخية

وتطرقت بانو جوفان إلى التأثيرات الاجتماعية والسياسية لهذا المسار الجديد، متناولةً أعمال اللجنة البرلمانية ومواقف كل من الحكومة والمعارضة تجاه العملية، مؤكدةً أن نجاح هذا المسار يتطلب تعديلات قانونية ومشاركة فعالة من مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك الإعلام الذي يلعب دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام ودعم جهود السلام.

وأوضحت أن مسار السلام الذي تنتظره تركيا منذ سنوات بدأ بخطوات ملموسة مثل إتلاف السلاح، وهو ما يمثل خارطة طريق مختلفة تماماً عن المراحل السابقة "هذا المسار، الذي يحمل تسميات متعددة، يتميز بتصميم مختلف عن المراحل السابقة، مشيرةً إلى أن بداية هذا المسار تُعد خطوة واضحة ومحددة للغاية.

وأشارت إلى أن قيام "مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي" بإتلاف أسلحتها في مراسم رسمية، يُجسد إيمانها بالسلام، ويُعد خطوة ملموسة تحمل وضوحاً غير مسبوق حتى الآن.

 

اللجنة البرلمانية والجانب القانوني للعملية

وأوضحت بانو جوفان أن اللجنة البرلمانية التي تم تشكيلها تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، وقد استمعت إلى أسر الضحايا وممثلي منظمات المجتمع المدني "من المتوقع اتخاذ خطوة ملموسة بشأن إتلاف الأسلحة قبل الأول من الشهر القادم"، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة تُعد محطة مفصلية في مسار السلام، ورغم ذلك، لا تزال تفاصيل التطورات القادمة غير واضحة "يبدو أن ما تم التخطيط له يسير كما هو، ولم يصدر حتى الآن أي تصريح يناقض ذلك".

كما شددت على أن دمج مقاتلي ومقاتلات المجموعة في الحياة المدنية وتحديد حقوقهم السياسية يمثلان عنصرين أساسيين لضمان استمرارية العملية، داعيةً الأحزاب السياسية واللجنة البرلمانية إلى بذل جهود أكبر في هذا المجال "اللجنة لم تناقش حتى الآن أي مقترح قانوني بهذا الخصوص"، ما يعكس غياب الترتيبات التشريعية الضرورية حتى اللحظة.

وأكدت بانو جوفان أن إشراك المتضررين ومختلف شرائح المجتمع في الحوار من شأنه أن يدفع العملية نحو مسار ديمقراطي أكثر انفتاحاً، متوقعة أن يشهد الشهر القادم تطورات أكثر وضوحاً، خاصة مع استعداد حزبي الحركة القومية والعدالة والتنمية لتقديم مقترحات قانونية قد تفتح الباب لنقاش واسع حول مستقبل العملية.

 

"تجاهل دور السيد أوجلان يُضعف مسار السلام"

وقيّمت الصحفية بانو جوفين مساهمة القائد عبد الله أوجلان المحتملة في العملية، مشيرةً إلى تصريحاته التي أكد فيها أن "قرار القوى الديمقراطية في سوريا بالتخلي عن السلاح ومسألة تقرير مصيرها هي شأن داخلي خاص بها".

وشددت على ضرورة أن تنظر تركيا إلى هذه العملية ليس فقط من خلال ديناميكياتها الداخلية، بل أيضاً من خلال العوامل الإقليمية المحيطة، موضحةً أن القائد عبدالله أوجلان أعرب عن استعداده لتقديم مساهمة أكثر بنّاءة في هذه المرحلة، إلا أن الظروف اللازمة لتحقيق ذلك لم تتوفر بعد.

وانتقدت بانو جوفان موقف الإعلام من العملية، مؤكدةً أن وسائل الإعلام التابعة لكل من الحكومة والمعارضة اتخذت مواقف منحازة بشكل واضح، حيث أن إعلام الحكومة يتحرك غالباً ضمن الإطار الذي ترسمه السلطة، بينما لم يخرج إعلام المعارضة عن أنماطه التقليدية.

ولفتت إلى أن تجاهل الإعلام لدور القائد أوجلان كمُهندس لعملية إتلاف السلاح، والتركيز على تفاصيل سطحية مثل "قميص لاكوست"، يُعد تقليلاً من جدية العملية، مشددةً على أن مقارنة ظروف اعتقال أكرم إمام أوغلو بظروف اعتقال القائد عبد الله أوجلان ساهمت في انحراف الإعلام عن القضايا الجوهرية المتعلقة بالعملية.

وشددت على أن نجاح العملية يتطلب من الإعلام والسياسة تبني موقف أكثر مسؤولية، مشيرةً إلى أن رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP) أوزغور أوزال أظهر موقفاً قوياً تجاه السلام خلال هذه المرحلة "رغم الصراع الكبير بينه وبين الحكومة، اتخذ أوزغور أوزال موقفاً واضحاً لصالح السلام وإرساء نظام ديمقراطي حقيقي"، مؤكدةً أن هذه العملية تمثل فرصة مهمة من أجل الديمقراطية والسلام.

وفي ختام حديثها، نقلت الصحفية بانو جوفان حواراً دار في إحدى الحافلات يوم إتلاف الأسلحة، حيث قيل "إذا تمسّكنا بالقضايا الأساسية والمبادئ، فإن هذا الطريق سيقودنا حتماً إلى نتائج جيدة"، مشددةً على مسؤولية الإعلام والسياسة في اغتنام هذه الفرصة التاريخية.