'فهم المجتمع الجنسوي السبيل لبناء مجتمع حر وديمقراطي'

أكدت كُردي خبات، مدرسة مادة المجتمع الجنسوي في أكاديمية التدريب بمقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا، أن تدريس مادة المجتمع الجنسوي مهم وذا معنى لبناء عقل ومجتمع حرّ، ديمقراطي، وصديق للبيئة.

برجم جودي

كوباني ـ في إقليم شمال وشرق سوريا، التي تعتمد على نظام الأمة الديمقراطية، تُستخدم طرق وأساليب مختلفة لمعالجة العقلية الذكورية السلطوية في مسألة تكيّف وبناء مجتمع خالٍ من التحزيب والتمييز.

لثورة 19 تموز بإقليم شمال وشرق سوريا جوانب متعددة، فكما أحدثت تغييرات وتحولات جوهرية في العديد من مجالات الحياة، أتاحت أيضاً فرصة كبيرة لتغيير وعي المجتمع، في هذا السياق، توجد عشرات الأكاديميات في المنطقة تُعلّم النساء والشباب والرجال والأطفال، لهذا التعليم مهامٌ عظيم في تغيير الوعي الجندري، والدولة القومية، والسلطوية، وبناء وعي الفرد والمجتمع الحر.

في مدينة كوباني بمقاطعة الفرات، تُنظم عشرات الدورات المهمة في أكاديمية الشهيدة شيلان للنساء وأكاديمية الشهيد هوكر لجميع شرائح المجتمع، ما يلفت انتباه الناس هو درس المجتمع الجنسوي، والتي تُدرّس كدورة رئيسية لجميع شرائح المجتمع.

 

"المجتمع المتعصب جنسياً هو العقل الذكوري السلطوي"

عرّفت كُردي خبات، معلمة في أكاديمية التدريب بمقاطعة الفرات، التعصب الجنسي بأنه "إذا أردنا تعريفه باختصار، فيمكننا القول إنه عقل الرجال، في عالمنا الحالي، يسود عقل الرجال ووعيهم، ومن الخطأ اعتبار هذا مقتصراً على الجنسين فقط، لقد أثر عقل الرجال على عالمنا بأكمله، بما في ذلك البشر والطبيعة والنباتات والمناخ، حتى انحدار البشرية يبدأ من هذه النقطة التي استقر فيها هذا الوعي في عقول الجميع".

وأوضحت أنه "لا يمكننا القول إن هذا يقتصر على عقل الرجال، فقد استقر أيضاً في عقول النساء، عقولنا، والعالم، وبيئتنا بأكملها متحيزة جنسياً، كل شيء خرج عن مضمونه، حيث تُرى النساء في هذا الأمر أولاً وقبل كل شيء، لقد أُبعدن عن جوهرهن وحقيقتهن، وهو أمر مختلف في المجتمع الذكوري المتحيز جنسياً، لقد تشكلت الحياة بعقلية الرجال، ووُضع أساس المجتمع بهذه الطريقة".

 

"العقل الذكوري مُدمر مُفترس ومُسيطر"

ولفتت كُردي خبات الانتباه إلى العقل الذكوري "إنه مُرتبط ارتباطاً مباشراً بالسلطة، يُظهر هذا العقل نفسه كمركز الحياة والكون، لقد فرض نفسه على المجتمع والطبيعة، ويرى الرجال النساء ملكاً لهم، يبدأ هذا النهج من أصغر مؤسسة، وهي الأسرة، ويمتد إلى أكبر مؤسسات الدولة، ومع القمع الذي يُعانيه الرجل في الخارج، فإنه عند عودته إلى المنزل، يتجاوز حدود رجولته، أسوأ ما في هذا الأمر هو أن النساء يقبلن به، لهذا السبب يُمارس هذا العقل السيادة على جميع الكائنات الحية ويعتبرها ملكاً له، إنه عقل خالٍ من المشاعر والرحمة والضمير والمنطق والتفكير، وكما يستطيع الحاكم أن يقتل آلاف الناس بطائرة، يستخدم الرجال نفس المنطق لارتكاب العنف ضد النساء والأطفال، وهكذا بدأ انحلال المجتمع وتدهوره".

 

"وعي الرجال لأنفسهم خطوة نحو الحل"

وعن تقييمات ومرافعات القائد عبد الله أوجلان حول هذه القضية، قالت كُردي خبات "في هذا الصدد، قال القائد أوجلان إن مشكلة التعصب الجنسوي ستعالج بيد النساء، لأن مجتمعنا في أمسّ الحاجة إلى تغيير الوعي والتحرر من العقل الذكوري المفترس والمدمر، مشيراً إلى هذه النقطة بقوله إنه قتل الرجولة في نفسه، وبالطبع، هدفه هنا هو تدمير العقل الذكوري، لذلك، يجب على جميع الرجال أن يشعروا بهذا ويتبعوه عن كثب، وعندما يواجه الرجال هذه الحقيقة، سيدركون نوع المرض الذي يعيشون فيه، نحن هنا نتحدث أيضاً عن الشخصية والنظام، إذا حدث هذا، فسيعود الرجال إلى رشدهم وبدأوا في بذل الجهود من أجل التغيير".

 

"توعية المجتمع ممكن من خلال التعليم"

وأكدت على أن فهم المجتمع الجنسوي يتحقق من خلال التعليم والتدريب "بالطبع، المجتمع الجنسوي من أهم الدروس، ولكن يجب على الناس أن يُعطوا معنىً له ويثقفوا به، نُدرّس هذه المادة في الأكاديميات العامة والنسائية، خاصةً في مجال التعليم حيث تنخرط النساء والرجال، وتنشأ بعض الأحيان صراعاتٌ وشجاراتٌ كثيرة نتيجة النضال التي يخوضها الطرفين، فيُمكنني القول بأن هناك استنكاراً شديداً، وهو ما ينطوي أيضاً على نقصٍ عميق في الفهم، على سبيل المثال، في مناطقنا، هناك العديد من حالات انتحار النساء، وحتى الآن لم يُنتقد أي رجل هذا الأمر أو يُفكّر فيه، فهو لا يعتقد أن هذه الحادثة نتيجة عقليته".

وأفادت "بالطبع، نتلقى توعيةً حول هذه القضايا منذ سنوات عديدة، وهم لا ينكرون التغييرات الإيجابية للغاية التي أحدثتها النساء والرجال، وهذا يُظهر أيضاً أن تغيير وعي الناس أمرٌ ممكن".

 

"سنبني عقلاً حراً وديمقراطياً وصديقاً للبيئة

ولفتت إلى أنه ستبنى شخصية ومجتمع يرفضان التمييز الجنسي من خلال التعليم والتدريب "إن التغييرات التي نشهدها غير كافية في الوقت الحالي، لذا يجب أن نُسرّع هذه التغييرات، فأسباب القمع والتدمير والنهب التي ظهرت تنبع من هذا العقل وهذا الوعي، لقد أصبح العقل الذكوري المتحيز جنسياً سجناً للنساء وللحياة، ومن خلال هذا التدريب التوعوي، نكشف ونناقش هذه القضايا والنقاط".

وختمت كردي خبات حديثها بالقول "برأيي، هذا هو أهم درس في أكاديمياتنا، ففي النهاية، يُبنى المجتمع الديمقراطي على أساس عقل حر وديمقراطي، إذا لم يكن الرجال والنساء أحراراً، فلن نتمكن من ضمان مجتمع ونظام ديمقراطي بديلاً عن المجتمع الجنسوي، وإلا، سنبقى في سياق الصراعات والحروب الكلاسيكية والمتخلفة والرجعية".