"فاتورة وطن" عرض مسرحي يعكس معاناة الفلسطينيات وصمودهن
كشفت مسرحية "فاتورة وطن" الثمن الباهظ الذي تكبّدته الفلسطينيات جراء العنف المستمر، مجسدة المعاناة والصمود وتعيد تعريف معنى البقاء وسط واقع مرير.
نغم كراجة
غزة ـ أطلقت جمعية "بسمة" للثقافة والفنون، أمس الخميس 15 تشرين الثاني/نوفمبر، عرضاً مسرحياً بعنوان "فاتورة وطن" يعكس بعمق وجوه المعاناة والبطولة الفلسطينية في ظل أكثر من عام من العنف المستمر، ليقدم صورة للمجتمع الفلسطيني الذي تكبّد خسائر جسيمة خاصةً على النساء اللواتي وجدن أنفسهن في قلب المأساة.
هذا العمل الفني يمثل مرآة للمشاهد، داعياً إياه لمواجهة الواقع الفلسطيني المعاصر وتحمل تكاليفه، خاصة فيما يتعلق بما تتحمله المرأة الفلسطينية من أعباء لم تُذكر، وكأنها المسؤولة الوحيدة عن بقاء الأسرة وسط تحديات صعبة.
ينقل العرض المسرحي "فاتورة وطن" واقع المرأة الفلسطينية التي تتحمل وحدها مسؤوليات الأسرة، مُجبرةً على توفير احتياجات أبنائها بأقل الإمكانات المتاحة حيث تبدع في الاستفادة من الموارد الشحيحة لتدبير قوت اليوم، كما يظهر محاربتها يومياً من أجل الصمود في ظل واقع يحرمها من حقوقها الأساسية، ويعاملها كمجرد وسيلة لتحقيق الأمان الغذائي للأسرة.
هذه المرأة التي تحملت صدمة الفقدان المتكررة، لم تُعفَ من العودة لتحمل العبء مجدداً بعد كل ضربة، وتجسد مشاهد المسرحية الصراع النفسي الداخلي للمرأة التي تتعرض للسيطرة الذكورية دون تقدير لتضحياتها، مما يعمق من أعبائها ويزيد من تحدياتها النفسية والاجتماعية.
وجسدت الممثلة دعاء عاشور دور "أم سليم" بقدرة عالية على إظهار معاناة المرأة الفلسطينية التي تحارب يومياً من أجل تلبية احتياجات أسرتها رغم قلة الحيلة، وتقول "مثلت دور المرأة المكافحة التي تظل شامخة رغم الجراح، تتحمل الألم وتبني حياة من حطام اللاشيء، فالنساء الفلسطينيات لا زلن يُعنّفن ويواجهن أقسى أشكال الضغوطات النفسية، ومع ذلك، لم تنكسر عزيمتهن".
وأضافت أن نساء فلسطين تمثلن أيقونات مؤثرة في الصمود "رغم الصعوبات، تمشي المرأة الفلسطينية مرفوعة الرأس، تسطر تاريخها الخاص من الصمود، تجعل من اللاشيء شيئاً عظيماً حيث مرت بأعنف حروب العالم، وواجهت أبشع الانتهاكات ولا زالت صامدة".
ويجسد العرض واقع الفتيات الفلسطينيات اللواتي تحملن شهادات جامعية، ولكنهن تجدن أنفسهن مجبرات على العمل الإغاثي بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه عائلاتهن، ولعبت الممثلة ناريمان الشوا دور الابنة الشابة التي تضطر رغم شهادتها الجامعية لتحمل مسؤوليات كبيرة، وتحاول تحقيق تغيير من خلال تقديم جلسات توعوية حول حقوق المرأة.
وأوضحت "يجسد دوري الفتاة المثابرة التي تقاتل من أجل تغيير النظرة التقليدية لدور المرأة، نحن نعمل في خطوط المواجهة الأمامية، نحمل الأعباء التي تفوق قدراتنا، ورغم ذلك يقال لنا إن دورنا يقتصر على المنزل".
وشرحت ناريمان الشوا أن الفتيات الفلسطينيات تضطلعن أيضاً بأدوار الرجال أحياناً "نجمع الحطب، نقف في طوابير المياه، نبحث عن أي فرصة عمل مهما كانت صعبة لتأمين احتياجات الأسرة، ونضطر رغم كل هذا لمد اليد في انتظار المساعدات، ما وصلنا إليه مأساوي يفوق الوصف".
بدورها ترى كاتبة نص المسرحية، شهد مشتهى، أن دور الفن في إبراز معاناة المرأة الفلسطينية يعد أمراً بالغ الأهمية، مؤكدة على أن النساء الفلسطينيات تمثلن عماد المجتمع في هذه الظروف القاسية "أردت من خلال النص المسرحي تسليط الضوء على التضحيات الكبيرة التي تقدمها المرأة الفلسطينية حيث يقمن بمهام جسيمة في ظل غياب الدعم، ولا يدرك المجتمع حجم الجهد المبذول منهن".
وأضافت "العرض المسرحي (فاتورة وطن) ليس مجرد عمل فني، بل هو صرخة من أجل الاعتراف بما قدمته النساء الفلسطينيات من تضحيات، وتكريم لكل امرأة فلسطينية واجهت القسوة، وصمدت رغم الخذلان".
وشددت شهد مشتهى على أهمية الفن كوسيلة قوية لتسليط الضوء على معاناة المرأة الفلسطينية من خلال المسرح "إن الفن المسرحي هو أفضل وسيلة لتكريم نساء فلسطين ونقل قصص صمودهن، الفلسطينيات بكافة شرائحهن أصبحن متساويات في المعاناة والألم، وتواجهن المأساة كل واحدة بطريقتها الخاصة، وعلى الجميع الاعتراف بتضحياتهن العظيمة".