دورة تدريبية من أجل التصدي للعنف الرقمي الموجه ضد النساء

تحت عنوان "نساء وشابات ليبيا وتونس في طليعة التصدي للعنف الرقمي"، نظمت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس وليبيا، برنامجاً تدريبياً للمدربات، في مدينة الحمامات التونسية، وشاركت فيه 30 ناشطة في الحياة العامة من تونس وليبيا.

هندية العشيبي

بنغازي ـ رغم المطالبات المحلية والدولية بإيقاف العنف الموجه ضد المرأة في ليبيا، يظل العنف الإلكتروني أخطر أنواعه، خاصةً في ظل الفوضى التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي مع غياب وجود تشريعات صارمة تحد من هذه الظاهرة.

يعرف العنف الرقمي ضد النساء، بأنه جزء من العنف الموجه ضدهن، ويتضمن مجموعة من الأفعال القائمة على النوع الاجتماعي، والتي ترتكب أو تحرض أو تتفاقم باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهاتف والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ويشمل هذا النوع من العنف التتبع الإلكتروني، التحرش الإلكتروني، خطاب الكراهية ، السب، الشتم، التشهير، وغيرها.

ولأهمية هذا الموضوع شاركت عدة نساء وفتيات ليبيات في ورشة عمل تدريبية نظمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الثامن من آب/أغسطس الجاري، حول آلية التصدي للعنف الرقمي الموجه ضد المرأة في ليبيا وتونس، والذي شاركت فيه أكثر من 30 امرأة من كلا البلدين وبأعمار مختلفة، بهدف تنمية قدرات النساء من خلفيات مختلفة، ومن مناطق عدة من تونس وليبيا للتصدي للعنف الرقمي ضد المرأة، وتمكينهن من مهارات لتمرير القدرات والمعرفة المكتسبة إلى نساء وفتيات في محيطهن الشخصي والمهني.

وتضمنت الورشة والتي استمرت على مدى سبعة أيام، عدة محاور شملت المخاطر والتهديدات السيبرانية، والأدلة، والمؤيدات الرقمية، والنوع الاجتماعي، والأطر القانونية، للتصدي للعنف الرقمي ضد النساء والفتيات.

 

تدريبات عملية ونظرية

وحول مشاركتها كمدربة في ورشة العمل قالت عايدة عبد الهادي التي تعمل في مجال التكوين المستمر والمرافقة سواء كانت شخصية أو مهنية، إنها شاركت في تدريب النساء على آلية إعداد دورة تدريبية تستهدف نساء وتحثهم على التصدي للعنف الموجه ضد المرأة، حيث تلقت المشاركات خلال الورشة عدة موضوعات حول إعداد الدورة التدريبة وتجهيزها وتنفيذها، والمحور الثاني تضمن الإطار العام للدورة وآلية إعدادها ثم عناصرها والتي تتمحور حول المدرب والمتدرب والمحتوى التدريبي.

وأضافت أنها أعطت عدة تدريبات عملية ونظرية للنساء المشاركات في الورشة حول خصائص المتدرب وآلية إيصال المعلومة إليه، وكذلك الأدوات والأساليب التي على المدربة أن تستخدمها لتسهيل وصول المعلومة للمشاركات والمتدربات في أي دورة تدريبية تقوم بإعدادها والتحضير لها.

وأكدت عايدة عبد الهادي على أهمية الورشة للنساء والفتيات الليبيات والتونسيات على حد سواء، للتوعية من مخاطر العنف الرقمي الموجه ضد النساء في كلتا البلدين، مشيرةً إلى أن التفاعل والنقاش بين المشاركات كان ثري وفعال جداً خلال الجلسات.

 

 

العنف الموجه ضد النساء ذوات الاحتياجات الخاصة

من جانبها قالت زينب الفاخري المديرة التنفيذية لمنظمة الميزان للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ومديرة مكتب الخدمة الاجتماعية بجامعة بنغازي، أنها اكتسبت مهارات ومعارف جديدة تمكنها من إعداد وتنظيم تدريبات تساهم في التوعية من مخاطر العنف الرقمي الموجه ضد النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة في ليبيا.

وأضافت أن التنوع الجغرافي للمشاركات الليبيات والتونسيات أثرى من التنوع الفكري داخل جلسات الورشة، الذي انعكس بالإيجاب على مستوى التحصيل العلمي والثقافي للمشاركات اللواتي اتفقن على ضرورة التصدي للعنف الرقمي الموجه ضد النساء في ليبيا وتونس.

وشددت زينب الفاخري على ضرورة تعديل النصوص القانونية في ليبيا المتعلقة بالمرأة وفقاً للمواثيق والمعاهدات الدولية بما يضمن حقوقها وحمايتها من أي عنف أو اعتداء، خاصةً النساء ذوات الاحتياجات الخاصة، مؤكدةً على دور المشاركات في التوعية وإعداد البرامج للمساهمة في التصدي من العنف الرقمي.

ويذكر أن العنف الرقمي الموجه ضد المرأة جريمة تخطت حدود الدول، وارتبطت بعدة موضوعات منها وعي النساء بحماية بياناتهن الشخصية ووعي المجتمع بفداحة هذه الجرائم الإلكترونية، وسماع شكوى الناجيات وتشجيعهن على التبليغ عنها دون جعلهن هدفاً للوم والاتهام.

 

 

ومن أقصى الجنوب الليبي شاركت الناشطة زينب مصباح، في الورشة وأكدت على تبادل الخبرات والمعارف بين المشاركات من كلتا الدولتين خلال الجلسات التدريبية العملية والنظرية، مثنية على المحتوى التدريبي الذي تم تقديمه حول التعريف بمفهوم العنف الرقمي وأشكاله والاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي تعنى به.

وعن الاستفادة المتحصلة من هذه الورشة قالت إن آلية تعليم الكبار وتوعيتهم كان من أهم محاور الجلسات من خلال الأدوات المستخدمة في التدريب والتعليم، بالإضافة للطرائق التي على المدرب استخدامها عند تنظيم وإعداد ورش عمل تدريبية تتناول العنف الرقمي الموجه ضد النساء.

 

 

منصة إلكترونية

العنف الإلكتروني يعد شكل من أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي أي أنه تمييز ضد المرأة وموجه إليها. أحياناً يكون بإساءات لفظية وإباحية وجنسية ونشر صور وتلفيق تهم وتهديد وقد يصل إلى التحريض على القتل خاصةً للنساء في المجال السياسي والحقوقي.

لهذا حرصت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومن خلال وحدة دعم المرأة على إطلاق منصة إلكترونية تعنى برصد العنف الرقمي الموجه ضد النساء والفتيات الليبيات خلال العمليات الانتخابية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد بدأت في تدريب عدد من سفيرات التوعية الانتخابية المعنيات بحث النساء على المشاركة في العملية الانتخابية في كل المدن الليبية، على آلية التصدي للعنف الموجه ضد النساء خلال فترات ومراحل العملية الانتخابية كمرشحات أو ناخبات.

صفاء بهاء الدين من مدينة المرج في ليبيا، سفيرة توعية انتخابية، ومفتشة تربوية ورئيس قسم التمييز المؤسسي بمصلحة التفتيش التربوي، أوضحت أن عملها كسفيرة توعية انتخابية بمفوضية الانتخابات يتطلب إلمامها بمخاطر العنف الرقمي الموجه ضد النساء وأشكاله، للتوعية من مخاطره خاصةً خلال الانتخابات في ليبيا.

وعبرت عن سعادتها بهذه المشاركة التي أضافت إليها الكثير من خلال تبادل الأفكار والمعلومات بين النساء الليبيات والتونسيات، بالإضافة للمنهج التدريبي الذي تحصلت عليه خلال الورشة سواء في جانبه النظري أم العملي، مؤكدةً على عزمها تنظيم وإعداد عدد من التدريبات وورش العمل التدريبية للتوعية من مخاطر العنف الرقمي في ليبيا تحت إشراف مباشر من المفوضية العليا للانتخابات.

 

 

وكان قد طالب تقرير أعدته منظمة "محامون من أجل العدالة" في ليبيا عام 2021، الدولة الليبية بضرورة الاعتراف العلني بانتشار ممارسات العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف على شبكة الإنترنت، والالتزام بمنع العنف المبني على النوع الاجتماعي الموجه ضد المرأة والتحقيق فيه ومكافحته والمعاقبة عليه، وذلك كجزء من تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة المساواة بين الجنسين، والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 حول المرأة والسلامة والأمن.