ذهنية الرجل المهيمن تُهزم أمام نضال المرأة ـ تحليل

ستستمر حرب الحكام والسلطات المهيمنة مالم يخوض الشعب حربه الثورية، لذلك من الضروري أن ينظم المجتمع نفسه بكافة شرائحه وخاصة النساء.

ليلى واشوكاني

العصر الذي تعيشه البشرية اليوم يهيمن عليه الوعي الحاكم للرجل المهيمن، لقد أصبح هذا الوعي نظاماً متسلطاً ومتطرفاً، وأصبح اليوم مرضاً عضالاً، وفي هذا الصدد يجب على الفرد أن يعتني بنفسه دائماً، وأن يحميها من هذا المرض المتفشي كالحمى وألا يقع في فخه، يقول القائد عبد الله أوجلان عن السم الذي يقوم النظام الرأسمالي بجعل الناس يشربونه مثل الشراب، على مدى خمسة آلاف عاماً الماضية، عانت البشرية من الكوارث بسبب السلطات وأصبح عالمهم مثل الجحيم. ولكي يكون المرء واعياً بالذهنية السيئة للسلطة، عليه أولاً أن يكون واعياً بنفسه ويتمعن في تفاصيلها لكي يدرك سوء وعي الحكومة، ومن الضروري أن ينتبه لنفسه وينتقدها.

 

على مدى خمسة آلاف عام، المجتمعات لا تزال مضطهدة

تجدر الإشارة إلى أن السلطة والإدارة مختلفتان، من الضروري فهم هذا الموضوع جيداً وتوضيح هذه الميزة للناس، يفهم الكثير منهم موضوع السلطة والإدارة على أنه نفس الشيء ويتصرفون على هذا الأساس، ولكن في الواقع فإن الموضوعين بعيدان عن بعضهما البعض مثل بعد السماء عن الأرض، وخاصة أصحاب الوعي والذهنية المتسلطة يتقصدون خلط هذه القضية ويشوشون عقول الناس، في الواقع موضوع الإدارة فيه بعض التشويش، وهو مناسب للتفسير والتحريف، كما يقوم الحكام بخلطه وتعكيره، منذ خمسة آلاف عام ظلت المجتمعات تتحمل ظلم الحكومة تحت اسم "إدارة الدولة المقدسة" وأصبحت حياتهم أسوأ من الجحيم.

إن وعي الرجل المهيمن يتمركز ويؤسس نفسه مع مرور الوقت، وعلى هذا الأساس تصبح دولة استبدادية،  وجهاز الدولة يكبر أكثر فأكثر، ويصل إلى حجم لا يعود أحد يستطيع منعه، وما ينبغي معرفته هو أن وعي الدولة أصبح كالسرطان وانتشر في ثنايا المجتمع واتخذ مكانه في أذهان الناس، لقد أقنعوا المجتمع بالفعل بأنه لا حياة بدون دولة، وأنه بدون الدولة سيكون الناس أعداءً لبعضهم البعض، واستمر الأمر على هذا النحو حتى يومنا الراهن، إن السلطة خطيرة جداً لدرجة أنها تشوش عقول الناس وتقودهم إلى الضلال، والأسوأ من ذلك أن النظام يعلم المجتمع بهذه العقلية ويجعلهم يؤمنون بها.

 

شركاء النظام هم البراغماتيون والمرتزقة والخونة والعبيد

إذا قام الناس بدراسة وفهم هذا الوعي بكل تفاصيله، وردود أفعالهم أيضاً تجاه النظام ستكون بالتأكيد قوية وصارمة للغاية، لكن للأسف لا تزال معرفة ذلك الوعي ضعيفة في المجتمع وهذا أيضاً يخدم نظام الدولة الوحشي، ومن المعروف كيف يجعل النظام المجتمع شريكاً مرناً له تحت اسم القومية، وتتحرك السلطات دائماً لزيادة عدد الشركاء والاستناد والاعتماد عليهم، وتجدر الإشارة إلى أن الشركاء الرئيسيين للنظام هم البراغماتيون وعبيد المال، وهؤلاء الأشخاص هم مرتزقة وخونة وعبيد.

هؤلاء البراغماتيون من المسار الأوسط، يحددون دائماً نهجم ويصطفون وفقاً لمن هم في القوة والسلطة، إنهم دائماً ضد الثورة، ويرتدون ملابس البيروقراطيين ويريدون بناء مكانة لأنفسهم، ينفذ النظام سياسة الحرب الخاصة على المجتمع، وعلى وجه الخصوص يقومون بتنفيذ ألاعيبهم على النساء والشباب، وتتمثل سياسة النظام في الاستفادة من هذين المجالين وجعل نفسه مستداماً، يشعر النظام الحاكم دائماً بالقلق بشأن استدامة نظامه، ويعاني على أيدي النظام الحاكم والقمعي منذ 5000 سنة والآن يزداد الأمر سوءاً، إن سبب الأزمة والوضع السيء للمجتمع والطبيعة والكون كله هو النظام المتسلط والمتطرف.

 

"يتم استعباد الناس عقلياً وفكرياً أكثر من استعبادهم جسدياً"

هناك العديد من المراجعات والتقييمات للقائد أوجلان بخصوص هذا الموضوع. ويوضح القائد أن الوعي الحاكم جعل المجتمع والأفراد مثل قطعان الحيوانات باسم الوطنية، وسلبوهم الإرادة "لكي يكون المجتمع والفرد واعيين بهويتهما وإرادتهما، لا بد من أن يكونا متعلمين وأذكياء وعارفين، بل وأكثر من ذلك، يحتاجان إلى تحليل مفصل للغاية. لأنهم إذا لم يحرروا وينقذوا أنفسهم من تأثير النظام ولم يتخلصوا من تلوثه، فلن يتمكنوا من محاربته. لقد أوصل النظام المجتمع إلى حالة الخضوع والخدمة". إذاً فإن المجتمع والفرد يجب أن يحرروا أنفسهم من حيث الإرادة، ويظهروا موقفهم القوي ضد النظام ويقولوا؛ "هذا يكفي!" لقد قام القائد القائد أوجلان بتعليم وتثقيف الشعب الكردي وخاصة النساء وعلمهم أنه يتم استعباد الناس عقلياً وفكرياً أكثر من استعبادهم جسدياً. إذاً على المجتمع والأفراد أن يتطوروا ويحرروا أنفسهم فكرياً.

 

من المهم أن يحرر الناس أنفسهم من النظام الحاكم من خلال التعليم والتحليل

النظام الدولتي، أبقى المجتمع جاهلاً وأمياً كي لا يرى الحقيقة، وينحني ويخضع لقمعهم وظلمهم ويقبل كل شيء، ولكن كما يقول العلم أيضاً فإن العقل البشري في حالة حركة وتفكير دائمة، ولا يتوقف أبداً ولا يمكن تقييده، وفي الواقع عندما يقع الناس في مشكلة، لا يمكن التبوء بسلوكهم ومعرفة ما يجول في أذهانهم بشكل كبير، وفي الكثير من الأحيان يعتقد المرء أن الطبيعة البشرية لجميع الأشخاص متشابهة ونفسها، ولكن الأمر ليس كذلك يجب أن يدرك المرء أن الطبيعة البشرية مختلفة، وفي هذا الشأن يقول القائد عبد الله أوجلان، إن كل إنسان يمثل كون، ونحن أيضاً نرى هذه الحقيقة في حياتنا اليومية فتصبح درساً وتجربة لنا، الآن الشيء الأكثر أهمية هو أن يتحرر الناس من النظام الحاكم وعبوديته من خلال التعليم والتحليل، ويخرجوا إلى النور.

 

يجب أن يعود المجتمع إلى الإنسانية التي تأسست على يد الإلهة الأم

السم الذي شربته البشرية باسم الشراب يجب تقيؤه بالكامل وتطهير جوفه من فيروس النظام الحاكم، يجب على المجتمع البشري المبني على يد الإلهة الأم أن يعود إلى جذوره الأصلية، وبهذه الطريقة ستنحل مشاكل المجتمع وأفراده، وقال القائد عبد الله أوجلان عن ثورة العصر الحجري الحديث (النيوليتية) "لقد بدأت ثورة العصر الحجري الحديث وتطورت بقيادة المرأة الأم، لكن بمؤامرة الرجل العجوز شامان، بقيت ثورة العصر الحجري الحديث غير مكتملة ويجب إكمالها"، اليوم أيضاً نرى أن النساء نظمن أنفسهن بناءً على أفكار وفلسفة القائد عبد الله أوجلان ويعيشن لحظات ثورة العصر الحجري الحديث.

وفي الواقع، فإن وضع البشرية منذ 5 آلاف عام مؤلم ومأساوي للغاية، ولكن بالتأكيد يجب أن نعلم أن الوقت قد حان لكي يتغلب المجتمع على الظلم والعبودية ويرسم مستقبله بيديه، إننا نعيش في فترة الحرب العالمية الثالثة والعنف اليومي الذي يمارسه النظام الحاكم يشكل ضغطاً على النساء والمجتمع، ويعرضهم لخطر كبير، وأقول مرة أخرى ما لم ينظم المجتمع نفسه ولم يخوض حربه الثورية، فإن حرب الحكام والسلطات المهيمنة لن تنتهي ومن الضروري أن ينظم المجتمع نفسه بكافة شرائحه، وخاصة النساء والشباب، لبدء حرب الشعب الثورية لإنهاء الحكام واحتلالهم.