ضحايا القانون... حين يُصبح غياب الهوية أداة قمع

شيلان سقزي

في قلب بُنىً غير متكافئة ومُهمّشة، يعيش أطفالٌ لا يُدرجون حتى في الإحصاءات الرسمية "أطفالٌ بلا شهادات ميلاد" لا يُحرمون من حقوقهم الإنسانية الأساسية فحسب، بل يقعون أيضاً بين التجاهل والإساءة، في مجتمعٍ تُعرّف فيه الهوية بالوثائق الرسمية، أصبح هؤلاء الأطفال "مُهملين اجتماعياً" وباتوا ضحايا سياسات الإقصاء واللامبالاة الهيكلية.

وفقاً لإحصاءات رسمية (الأرقام غير الرسمية أعلى)، تُقدّر وكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري الإيراني وجود حوالي مليون طفل بدون شهادات ميلاد في إيران، لا يُعزى هذا الوضع إلى إهمال إداري أو مشاكل تقنية في التسجيل فحسب، بل هو أيضاً انعكاس لعجز جهاز يحرم عمداً جزءاً من السكان من حقهم في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية بل وحتى من الحياة القانونية، بمعنى آخر لم يكتفِ هذا الجهاز بالعجز عن أداء دور الضامن للحقوق الأساسية، بل ساهم بصمته وإهماله في تطبيع هذه الحالة من انعدام الهوية، لقد حوّل صمت وسائل الإعلام، وتقاعس المؤسسات المدنية، واللامبالاة السياسية هذه الأزمة إلى كارثة اجتماعية صامتة، فبينما تُعدّ شهادة الميلاد في عالم اليوم الوثيقة الأساسية لوجود الفرد في المجتمع، يُحرم ملايين الأطفال المشردين من أبسط أشكال "الرؤية".

 

 

أن الأطفال الذين لا يملكون شهادات ميلاد هم أول ضحايا نظام لا يراهم ولا يتحمل مسؤولية وجودهم الإنساني، إنهم عالقون في دوامة تُعيد إنتاج الفقر والتمييز والإقصاء الاجتماعي جيلاً بعد جيل، في صمتٍ يكون أحياناً أشد وطأة من الجريمة نفسها.

ومن منظور نظرية بيتر تاونسند حول العجز البنيوي، يمكن النظر إلى وضع الأطفال الذين لا يحملون شهادات ميلاد باعتباره مثالاً واضحاً على الإقصاء البنيوي، لأن الفقر لا يقتصر على الافتقار إلى الموارد المالية، بل يشمل أيضاً أشكالاً أعمق من الحرمان البنيوي؛ أي أن مجموعات في المجتمع تُحرم بشكل منهجي من الوصول إلى المؤسسات الرسمية والخدمات العامة والمشاركة في الحياة الاجتماعية.

هؤلاء الأطفال في محافظات سيستان وبلوشستان، وخراسان رضوي، وكرمان الجنوبية، وهرمزغان، وخوزستان، وغيرها، ضحايا لنوع من العجز الهيكلي المزمن، فعدم حصولهم على بطاقة هوية لم يحرمهم فقط من التعليم والصحة والحماية القانونية، بل أبعدهم عملياً عن دائرة الاعتراف الاجتماعي والسياسي.

بمعنى آخر، هؤلاء الأطفال غير موجودين في الهيكل الرسمي للحكومة إطلاقاً، ولا تتحمل أي مؤسسة حكومية، أو مدرسة، أو مستشفى مسؤوليتهم، لذلك لا تفتقر هذه الفئة إلى السلطة الاجتماعية والقانونية فحسب، بل تُحرم أيضاً من حق المطالبة، لأنها تفتقر أساساً إلى الهوية القانونية اللازمة للمطالبة.

هذا الوضع ناتج عن هياكل مؤسسية تمييزية وغير فعّالة في توزيع الموارد والخدمات وحقوق المواطنة، ونتيجةً لذلك، لا يُعدّ الطفل الذي لا يملك بطاقة هوية مجرد ضحية شخصية، بل يُمثّل أيضاً أزمةً عميقةً في العدالة الاجتماعية وفي أداء مؤسسات الدولة في المناطق المهمّشة.

 

الأطفال المستبعدون من العقد الاجتماعي

يحرم الفقر الأفراد من المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية والقانونية والسياسية، وفي هذا السياق يُعدّ الأطفال الذين لا يحملون شهادات ميلاد مثالاً ملموساً ومأساوياً على هذا العجز، فبما أن هؤلاء الأطفال لا يظهرون في الإحصاءات الحكومية الرسمية فهم غير موجودين إطلاقاً، هذا "التجاهل الاجتماعي" يعني إقصاءً هيكلياً وصمتاً من نظام توزيع الحقوق والفرص الأساسية، فهم محرومون من التعليم والرعاية الصحية والدعم بل وحتى من الحق في الهوية القانونية.

 

 

في سياج الإخفاء التعلم ممنوع

من الأمثلة الملموسة على الإقصاء الذي يعاني منه الأطفال الذين لا يمتلكون شهادات ميلاد هو الحرمان من التعليم، فبدون وثيقة مكتوبة كشهادة الميلاد لا يتمكن الأطفال من الالتحاق بالمدرسة، وبالتالي يُحرمون من أحد أهم حقوق الإنسان وهو الحق في التعليم منذ بداية طفولتهم، وهذا ليس مجرد حرمان مؤقت بل عملية تُعيد إنتاج الفقر والأمية والتهميش.

وبتجاهلها فئات معينة، تُحاصرها هياكل السلطة في دوامة من العجز المزمن والمُؤسسي، فعندما يُحرم الأطفال من التعليم تُحرمهم الفرص الاجتماعية والاقتصادية أيضاً، ونتيجةً لذلك يُدفع هؤلاء الأطفال نحو ظلمٍ مُزمن لا مفر منه دون حتى إمكانية الاحتجاج لافتقارهم إلى الهوية القانونية.

وبعبارة أخرى فإن الاستبعاد من المدرسة هو بداية الاستبعاد من المجتمع، وهذا الحرمان التعليمي ليس مجرد قصور فني أو إداري، بل هو أيضا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان يعيد إنتاج النظام الاجتماعي لصالح الأغلبية وعلى حساب المهمشين. إن غياب الرعاية الصحية المنتظمة يعني استمرار المرض والإعاقة والفقر الجسدي والعقلي جيلاً بعد جيل، وهذا يعني أن الطفل الذي لا يُلقح اليوم لعدم امتلاكه بطاقة هوية سيُصبح غداً عاجزاً عن مقاومة حتى أبسط الأمراض، وسيواجه تكاليف خفية باهظة عليه وعلى أسرته. وفي نهاية المطاف، هذا الوضع ليس مجرد أزمة صحية، بل أزمة إنسانية وعدالة وشرعية اجتماعية، الأطفال ضحايا سياسات الإقصاء هم رمزٌ مريرٌ لأنظمة لا ترى الإنسان إلا عندما يملك وثيقةً تثبت وجوده.

 

العبودية الحديثة بلا هوية، بلا علاج، بلا مأوى

أن الأطفال الذين لا يحملون شهادات ميلاد، لعدم وجود هوية رسمية، لا يُعترف بهم في أي نظام، التطعيمات والعلاج المجاني، والتأمين الصحي، وخدمات رعاية الأمومة والطفولة، وحتى السجلات الطبية، كلها أمورٌ مستحيلة بالنسبة لهم، في منطق النظام البيروقراطي، هؤلاء الأطفال غير موجودين أساساً، وبالتالي لا يوجد أي التزام قانوني أو أخلاقي بحمايتهم.

إن الأنظمة الاجتماعية غير المتكافئة، بتصميمها هياكل محايدة ظاهرياً، لكنها في الواقع إقصائية، تحرم فئات المجتمع بشكل منهجي من ضروريات الحياة الأساسية، هذا الهيكل الإقصائي لا يعرضهم فقط للأمراض وسوء التغذية والوفاة المبكرة، بل يجعل من المستحيل أيضاً ملاحقة هذه المآسي قانونياً وإحصائياً، أن الأطفال الذين لا أسماء لهم هم في أدنى مستوى من القوة الاجتماعية، فهم ليسوا "مواطنين" فحسب بل ليسوا حتى "قابلين للتعريف".

يُنشئ هذا التجاهل القانوني أخطر أشكال العجز الاجتماعي، إنه عجزٌ مطلقٌ عن مواجهة العنف والاتجار والاستغلال، فالطفل الذي لا يحمل شهادة ميلاد لا يُسجَّل في مكتب السجل المدني، ولا في المدرسة، ولا في المراكز الصحية، ولا في مؤسسات حماية حقوق الطفل، لذلك إذا تعرّض لاعتداء جسدي أو جنسي أو في العمل، فلا تملك أي سلطة قانونية القدرة أو الالتزام بمتابعة قضيته، وهو لا وجود له حتى في النظام القضائي.

 

الأطفال فريسة لعصابات الاتجار بالبشر

في هذا السياق، تُدرك شبكات الاتجار بالبشر وعمالة الأطفال وإساءة معاملتهم تماماً غياب الملاحقة القانونية، فتختار الأطفال غير المسجلين كأهداف سهلة، من وجهة نظر هذه الشبكات، هؤلاء الأطفال "بلا صوت، بلا هوية، بلا مالك"، ولا تتدخل أي مؤسسة اجتماعية أو قانونية لإنقاذهم، إذ لا يُعترف بوجودهم الرسمي، لأن السلطة في المجتمع موزعة عبر مؤسسات كالتعليم والصحة والقانون والسياسة، فإن حرمان الأطفال من هذه المؤسسات هي تكرار العجز والاستغلال والإقصاء الاجتماعي عبر الأجيال.

وأخيراً، إذا قامت الحكومات بإزالة الأطفال من التسجيل والهوية من خلال سياسات تمييزية، فإنها في الواقع مهدت الطريق للعبودية الحديثة، وهذا ليس مجرد ضعف تنفيذي، بل جريمة اجتماعية ضد طفل لا تتاح له حتى الفرصة للصراخ.

 

 

أطفال بلا أسماء جيل بلا علامة

إن غياب الهوية الرسمية يُبعد الأطفال الذين لا يحملون شهادات ميلاد عن دائرة الانتماء الاجتماعي، يُضعف شعورهم بالانتماء إلى المجتمع، بل وحتى إلى الأسرة، في عقولهم وأرواحهم، نشأوا في بيئة تُذكّرهم باستمرار بأنهم "غير موجودين رسمياً" ما يُسبب لهم تدريجياً نوعاً من فقدان الهوية النفسية والإقصاء الاجتماعي.

على المدى البعيد، يُهيئ هذا الوضع الظروف لتنشئة جيل مُهمَل، جاهل بحقوقه، وعرضة للاستغلال من قِبَل جهات خارجية، إن تهميش هؤلاء الأطفال ليس مجرد إقصاء إحصائي أو إداري، بل هو أيضاً انتزاع من الهوية الإنسانية، أي البقاء صامتين بلا اسم، بلا جذور في مجتمع لا يملك فيه المرء، حتى أدنى حقوقه، سوى "التسجيل" أولاً.

عندما يُورث انعدام الهوية للجيل التالي، لا يقتصر الأمر على الفقر الاقتصادي فحسب، بل يشمل أيضاً الإقصاء المجتمعي، ونكران الهوية، والتهميش من حقوق الإنسان، وهذا يعني ترسيخ الظلم ليس في جيل واحد، بل في تاريخ عائلة ومجتمع، وفي نهاية المطاف، محو تدريجي لأجزاء من الأمة من الذاكرة الوطنية.

 

انعدام الهوية الموروثة

كما ذُكر، ليس الفقر مجرد نقص مادي، بل هو أيضاً نتيجة هياكل تحرم الأفراد من المشاركة الكاملة في المجتمع. ومن الأمثلة العميقة على هذا الحرمان ظاهرة انعدام الهوية، التي لا تُعدّ مجرد اضطراب إداري، بل هي أيضاً آلية لإعادة إنتاج التفاوت الهيكلي، ويحدث ضرر أكبر عندما ينتقل هذا انعدام الهوية إلى الأجيال اللاحقة.

في غياب وثائق الهوية، لا يحق للطفل الزواج أو التملك قانونياً فحسب، بل لا يحق لأبنائه أيضاً الحصول على شهادات ميلاد، وهذا يُنشئ سلسلة لا تنتهي من الإقصاء الاجتماعي، حيث يصبح كل جيل أكثر حرماناً وضعفاً من سابقه. هذا النوع من العجز هو نتيجة عمل المؤسسات الحكومية وسياساتها التي بسبب الإهمال أو اللامبالاة، رسّخت تراكم الفقر والظلم في قلب هذه الهياكل. إن غياب بطاقات الهوية يعني غياب أدوات المشاركة، وغياب لغة رسمية للمطالبة، وغياب إمكانيات الخلاص من الفقر، مما يخلق حلقة مفرغة.

في ظل هذه الظروف لم يعد العجز مجرد فجوة اقتصادية، بل هو حالة سياسية عميقة من الإقصاء والإنكار تُديمها السياسات الرسمية بصمت، بعبارة أخرى يُعدّ الأطفال الذين لا يحملون شهادات ميلاد ضحايا نظام سياسي غير متكافئ وهيكل إقصاء، نظامٌ يُعيد إنتاج نفسه من خلال التجاهل المنهجي لحقوق الإنسان.

 

 

بطاقة هوية للرفض ضحايا صامتون

ومن الممكن الاعتراف بأن قضية الأطفال غير المسجلين ليست مجرد أزمة إدارية أو أزمة تسجيل، بل ترتبط أيضاً بالتمييز العرقي، والفقر التاريخي، والسياسات الأمنية، والإهمال الحكومي المزمن. يبلغ الإقصاء الهيكلي ذروته عندما يجتمع الفقر والهوية الوطنية والإثنية وانعدام حقوق المواطنة، فالطفل الذي لا يُسجل في سجلاته فحسب لا يُحرم من التعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية فقط بل يحرم حتى من الانتماء الاجتماعي، بسبب جنسيته ودينه، حيث يكون على حافة الإقصاء البشري.

في نظريته، يُحذّر بيتر تاونسند من أن هذا العجز الهيكلي لا يُعيد إنتاج الفقر فحسب، بل يُشكّل في حد ذاته مصدراً للعنف الرمزي والإقصاء الاجتماعي، وإنكار الهوية، فالطفل الذي لا يملك شهادة ميلاد هو في الواقع مواطن متعدد الطبقات بلا جنسية، بلا حقوق، وبلا صوت. ويصبح هذا الوضع أكثر خطورة عندما ندرك أن هذا الإقصاء ليس مجرد نتيجة للعجز الإداري، بل هو نتيجة لنوع من صنع السياسات الواعي أو اللامبالاة المزمنة من جانب بنية السلطة المركزية، التي لم تصل أولوياتها أبداً إلى المحيط.

وفي هذه البنية، لا يعيش الطفل فحسب بل أسرته والمجتمع بأسره في حالة من الترقب الدائم بين الرفض والبقاء وفي غياب مؤسسات الدولة، يتشكل نوع من "الدولة الموازية" القائمة على العشيرة والدين والوسطاء والتفاوتات التقليدية، والتي لا تُعيق فقط بل تُصبح أحياناً أداةً للمزيد من القمع.

في نهاية المطاف، يُعدّ اختفاء هؤلاء الأطفال انعكاساً للحدود غير المرئية للمواطنة في إيران، حدودٌ رسمتها العرقية والجغرافية والفقر وصمت صانعي السياسات، هؤلاء الأطفال ليسوا مهمّشين فحسب، بل لا مكان لهم في المعادلة الوطنية أساساً وهذا نوع من انعدام الجنسية داخل الدولة.

في العديد من المناطق الطرفية والحدودية، يقتصر وجود الدولة على شكل قوات عسكرية أو أمنية، وليس كمقدم للخدمات العامة والحقوق الاجتماعية، ويتجلى هذا الغياب في غياب تسجيل المواليد رسمياً، وغياب مكاتب السجل المدني، والنقص الحاد في التعليم والصحة، وحتى في الوصول إلى العدالة، فالطفل الذي لا يحمل شهادة ميلاد "غير موجود" فعلياً بالنسبة للدولة، وبالتالي يُستبعد من سلسلة الدعم الهيكلي، فلا يمكنه الالتحاق بالمدرسة، أو تلقي التطعيمات، أو الاستفادة من التأمين الصحي أو الخدمات الصحية.

ويُضعِفُ العجزُ الهيكليُّ الإمكاناتِ البشريةَ ويجعلُها عُرضةً لآلياتِ التمييز، فالطفلُ الذي لا يملكُ وثائقَ هويةٍ يستدرجُ بسهولةٍ إلى شبكات الاستغلال، فلا الدولةُ تحميه ولا المجتمع يعترف به، ويفتقر إلى وسائل الاحتجاج، وفي نظامٍ لا يُعد فيه معيار المواطنة سوى الوثائق، يُصبح مجرد كيانٍ غير موثَّقٍ ولكنه فعالٍ في الاقتصادِ الأسود.

هكذا تتشابك ظواهر الفقر وانعدام الهوية وانعدام الجنسية الثلاث، وبدلاً من توفير الحماية، تُهيئ المؤسسات الرسمية، بصمتها، الظروف الملائمة للجريمة، هذه الدورة ليست نتيجة اختيار الطفل بل هي نتاجٌ دقيقٌ لإهمال الدولة الهيكلي للفئات المهمشة اجتماعياً، بمعنى آخر إن تجاهل الأطفال الذين لا يحملون وثائق هوية لا يُقلل من الجريمة بل يُعيد إنتاجها في صمت.

 

ضحايا القانون

الفقر والحرمان هما النتيجة المباشرة لآليات تحرم الأفراد والجماعات بشكل منهجي من الموارد والفرص والحقوق الاجتماعية، والأطفال الذين لا يحملون شهادات ميلاد هم ضحايا صامتون لهيكل غير متكافئ يُمهّد الطريق لدخولهم تدريجياً إلى مجالات الجريمة والاقتصاد غير الرسمي.

ويدفع هذا الفراغ القانوني والبنيوي الأطفال إلى أكثر مستويات المجتمع تهميشاً، حيث قد تكون خياراتهم الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي البيع بالجملة، أو عمالة الأطفال، أو تهريب الوقود، أو العمل غير القانوني، أو العضوية في شبكات إجرامية غير رسمية. نتيجةً لذلك يصبح هؤلاء الأطفال عرضة للجريمة، ليس باختيارهم، بل بفعل الإكراه الهيكلي، وإلى أن يُعالج هذا الخلل الهيكلي ستبقى العدالة الاجتماعية في إيران مفهوماً ناقصاً ومُحطّماً في نهاية المطاف، هؤلاء الأطفال ضحايا نظام اجتماعي وسياسي تركهم في أكثر طبقات المجتمع تهميشاً، ينشؤون في سياق من التفاوتات التاريخية والفقر المزمن والتمييز العرقي، والغياب المؤسسي، بحيث لا يحظون بحقوقهم الأساسية فحسب، بل لا يملكون حتى القدرة على المطالبة بها، هذا العجز هيكلي ومنظم، وقابل للتكرار.