بيروت... مسيرة نسوية لرفض العنف والتضامن مع الفئات المهمشة

تحت شعار "نرفض، نتضامن ونتحرك" انطلقت مسيرة نسوية، رفضاً لكل أشكال العنف والقمع والعنصرية، وتنديداً بنظام الكفالة وترهيب اللاجئين/ات.

كارولين بزي

بيروت ـ شارك في المسيرة التي انطلقت، أمس الأحد 31 تموز/يوليو، من تحت جسر الرينغ في بيروت وصولاً إلى عين المريسة ، نساء ورجال وعاملات أجنبيات ولاجئات، للتنديد بكافة أشكال العنف والقمع.

رافقت وكالتنا الحشود وتحدثت إلى عدد من المشاركات في المسيرة، إلا أن عدداً كبيراً من المشاركات رفضن الظهور في وسائل الإعلام خوفاً من تعرضهن للعنف ربما.

 

"سنذكر بقضايانا دائماً"

قالت الصحفية والناشطة الحقوقية كريستين مهنا لوكالتنا "أشارك في المسيرة للمطالبة بالقضاء على كافة أشكال التمييز والانتهاكات بحق الفئات المهمشة، مثل النساء واللاجئين/ات، العاملات المنزليات، وكل الفئات التي تقع ضحية السلطة، ضحية الانتهاكات وضحية غياب العدالة".

وأوضحت أنه "رصدنا في السنتين الأخيرتين العديد من الانتهاكات وأحداً لم يستجب أو يضع حداً لهذا الممارسات. نحاول أن نرفع الصوت لنؤكد بأننا متواجدات وبأننا نرى هذه الانتهاكات، وحتى لو أن هناك من لا يستطيع المشاركة نحن نتحدث بأصواتهم كما أننا نحتاج لنسلط الضوء على هذه القضايا حتى في ظل الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه اليوم".

وأكدت على أن "وجودنا اليوم على الأرض هو لإعادة التذكير بأننا يجب أن نصل للعدالة إن كان بمحاسبة المجرمين أو متابعة التحقيقات بقضايا مثل غرق مرفأ طرابلس، تفجير مرفأ بيروت، التحقيق بقضايا الاغتصاب والتحرش، قضايا قتل النساء، كل هذه التحركات هي أساسية وضرورية وسنذكر بأهميتها دائماً إن كانت ستوصلنا إلى نتيجة أم لا".

 

 

"لن نسكت بعد اليوم"

ومن جانبها قالت سارة ملاعب وهي إحدى المشاركات في المسيرة، إن "المرأة لن تسكت بعد اليوم، وبأن الضحية صوتها مسموع، ولن نقبل بأن ينتشر في بلدنا التحرش والعنف والقتل، لأن المرأة لن تقبل بكل أشكال العنف، وشاركنا في المسيرة لكي نقول بأن هذا الأمر لم يعد مقبولاً ولن نسكت مجدداً".

وعن رمزية مشاركة رجال ونساء في هذه المسيرة النسوية، أوضحت "نحن في مرحلة ندرك فيها أننا بحاجة إلى أكبر تلاحم ممكن وتعاون من قبل الجميع، فجميعنا نشعر بالاضطهاد ولن نستطيع أن نصل إلى بلد العدالة والمساواة إذا لم نساند بعضنا البعض، وهذا المشهد هو مشهد جميل جداً وأعتقد أننا بدأنا ندرك كيف يكون هدفنا جميعاً هذه المنظومة الأبوية والفاسدة التي تخنقنا منذ ثلاثين عاماً".

 

 

"لوضع حد للذكورية"

وبدورها قالت الباحثة الاجتماعية ميساء قصير، "نشارك في المسيرة لكي نضع حداً لممارسات السلطة الأبوية، فالقانون لا يساندنا وعلينا أن نضغط لإقرار قوانين تنصف المرأة إن كان في لبنان أو في مختلف الدول العربية، وذلك في ظل غياب العدالة والأمان، لذلك من المهم أن نضغط لإقرار قوانين تساند المرأة".

 

 

"التحرك والتضامن"

وأشارت لمى أسمر وهي إحدى المشاركات في المسيرة، إلى أن مشاركتها تأتي رفضاً للنظام الأبوي، ورفضاً للعنف الذي يُمارس على النساء في كل أنحاء العالم، وضد العنف الذي يمارس على اللاجئين /ات في لبنان".

وأكدت على أنها "تعرضت للتحرش على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعمل من خلالها، وكذلك على الطرقات وفي سيارات الأجرة، وبالتالي من واجبي أن أشارك في هذه المسيرة لكي نرفض هذه الممارسات"، لافتةً إلى أن "الغضب الذي تشعر به النساء اليوم، هو غضب على المنظومة التي تسببت لنا بكثير من المشاكل وتحرضنا على بعضنا البعض".

وتعتبر أن التحرك والتضامن هما من أبسط الأساليب التي يمكن أن تقوم بهما النساء، لإظهار قوتهن وتثبتن بأنهن موجودات وبأنهن ضد كل العنف الذي يُمارس ضد المرأة.

 

 

"الفئات المهمشة تدفع الثمن"

وقالت الناشطة النسوية سارة قدورة وإحدى المنظمات للمسيرة النسوية "بعد تراكم حالات وحوادث العنف والتحريض على العنف ضد النساء واللاجئين/ات وحتى بغياب أي حراك أو أي وقفات احتجاجية، أردنا أن نذكر بأن العنف والتحريض ليسا بالأمر الطبيعي، حتى لو كان هناك أزمة اقتصادية لن ننسى هذه الحوادث. بل على العكس العنف يتراكم ويتفاقم في ظل الأزمة الاقتصادية والفئات المهمشة تدفع الثمن".

وأضافت "لذلك أردنا أن نقول للأشخاص الذي يشاركوننا في المسيرة أو الذين لا يستطيعون المشاركة بأننا نقف إلى جانبهم ولن نقبل بهذا الأمر".

وأوضحت سارة قدورة أن "المسيرة هي دعوة للأشخاص الذين يستطيعون أن يشاركوا لكي يكونوا معنا، وندرك بأن أغلب المعنفين/ات لا يستطيعون المشاركة لأنهم لا يستطيعون أن يواجهوا السلطة في الشارع أو أي مصدر عنف آخر. نحن نزلنا إلى الشارع ليس فقط من أجلهم بل من أجلنا أيضاً لأن هذه المطالب تخصنا جميعاً".

وعن سبب رفع شعار رفض العنصرية تجاه اللاجئ/ة، تقول "ندافع عن اللاجئين/ات بسبب التحريض ضدهم في الآونة الأخيرة ولاسيما منذ عام 2011 وحتى اليوم هناك تحريض مستمر من قبل السلطة السياسية، ولكن هذا التحريض اشتد مع اشتداد الأزمة الاقتصادية لأنهم يريدون كبش فداء، وأسهل فئة هي اللاجئين واللاجئات".

واختمت حديثها بالقول "نرفع الصوت من أجلنا، من أجل جزء كبير منا كلبنانيين ولاجئين/ات وأشخاص مهمشين تم تفقيرهم اقتصادياً واجتماعياً، لو كنا نختلف على كثير من الأمور ولكن يجتمع علينا عنف السلطة بأشكال مختلفة، لذلك علينا أن نتضامن ونتكاتف بوجهه".

 

 

"لفضح خطاب السلطة السياسية"

تعتبر الناشطة النسوية وإحدى المنظمات رهف دندش أن "هناك حاجةً لتنظيم تحركات نسوية لأنه لا يجوز أن نطبع مع العنف اليومي مع العنف الموجه والمؤسس ضد النساء والعمال الأجانب واللاجئين/ات. نريد أن نكون معاً ونخبر كل من لا يستطيع أن ينضم إلينا بأننا معهم وإلى جانبهم ضد كل العنف والتهديد والتهميش الذي يتعرضون له".

وأضافت "هدفنا أن نفضح خطاب السلطة الفاسد لأن السلطة تسعى إلى بث الفتنة والتحريض بين بعضنا البعض وبيننا وبين اللاجئين، وأن نتلهى بهذه الأمور في الوقت الذي يقومون فيه ببيع أملاك الدولة وخصخصتها في ظل انهيار اقتصادي مستمر ولا نعرف حدوده".

وعن أهمية التضامن، تقول رهف دندش "التضامن هو شيء أساسي لأن القضايا لا تتجزأ. القضايا كلها أولوية ولا تنفصل عن بعضها البعض، والطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة الاجتماعية هي عبر التضامن الفعلي".

 

 

"رفضاً لكل أشكال القمع"

وقالت شهرزاد رحمة إحدى المشاركات في المسيرة "نرفض كل أوجه القمع والتحرش بكافة أشكاله، نرفض اغتصاب النساء، نرفض استضعاف الفئات المهمشة، ونعبر عن تضامننا مع اللاجئين/ات الذين يحتاجون للأمان قبل أي شيء، ونرفض نظام الكفالة الذي تم تكريسه في لبنان والمنطقة العربية".

وأكدت على أن "التضامن مهم ليشعر المعنفون/ات بأننا نقف إلى جانبهم ونساندهم/ن، وأن نستمع إليهم/ن ولحاجاتهم/ن ونتعرف إلى مصادر العنف الذي يتعرضون له، وأن نرفع الصوت باسمهم ونعبر عن وجعهم".

 

 

وحثت شهرزاد رحمة النساء على الاستمرار برفع أصواتهن وإيصاله إلى المجلس النيابي ولاسيما عبر النواب الجدد والمجموعات التغييرية التي تحمل قضايا النساء على عاتقها، وشددت على ضرورة أن تكون النساء فاعلات في السياسة وفي المجال الاجتماعي.

وتعليقاً على خوف بعض النساء من التعبير عن آرائهن، تقول "أطلب من النساء إيجاد وسيلة تشعرهن بالأمان ليتكلموا من خلالها، وربما هؤلاء النساء في حال ظهرن في وسائل الإعلام ستتعرضن لعنف في منازلهن وأعتقد أن عليهن أن تعبرن عن آرائهن من خلال التوجه لجمعيات أو جهات تكون ملجأً لهن".