بسبب العنف الممنهج... تقتل المئات من النساء في تركيا

أكدت ممثلة منصة سنوقف قتل النساء في تركيا أن النساء تتعرضن للقتل واحدة تلو الأخرى بسبب العنف الممنهج الممارس بحقهن، مشددةً على ضرورة المشاركة في إعادة صياغة سياسة البلاد فهي أحد سبل التحرر والتحول الاجتماعي.

روجدا كزكن

مركز الأخبار - يعتبر العنف ضد المرأة في تركيا أحد المشاكل المؤجلة حلها، حيث لفتت الأحزاب في تحالف الشعب الانتباه إلى سياسات تركيا وخطاباتها المعادية للمرأة، فبدلاً من أن تجد حلاً لمشكلة العنف ضدها زادت من حدته.

عبر كل من حزب الرفاه الجديد (YRP) وحزب الدعوة الحرة (HUDA-PART) اللذان يشكلان جزء أساسي من تحالف الشعب الذي شكله حزب العدالة والتنمية AKP وحزب الحركة القومية MHP، علناً عن سياساتهما المعادية للمرأة خلال دعايتهما في انتخابات ١٤ أيار/مايو الجاري، كما أنهما سيأخذان هذه السياسية إلى البرلمان التركي (TBMM) عن طريق النواب الذين تم اختيارهم من بين قوائم تحالف الشعب.

وفي هذا الصدد قامت ممثلة منصة سنوقف قتل الإناث (KCDP) إسين إيزيل أويسال بتقييم الصورة العامة للعنف ضد المرأة وحالات الانتحار والوفيات المشبوهة في تركيا، ومدى أهمية الانتخابات الرئاسية التي وصلت لمرحلة الجولة الثانية بالنسبة للمرأة.

 

"نواجه البرلمان الأكثر رجعية في تاريخ البلاد"

أشارت إسين إيزل أويسال إلى أن "حزبي الرفاه الجديد والدعوة الحرة أخذا مكانهما في البرلمان بين الأحزاب المعادية للنساء، من هم الذين نتحدث عنهم الآن؟ هذان الحزبان يريدان خفض سن الزواج إلى ١٥ أو أقل من هذا الحد، كيف سيفعلون ذلك وهم الذين شنوا حرباً على اتفاقية اسطنبول والقانون ٦٢٨٤، الآن سوف سيخبرون النساء بمدى عدائيتهم لهن من على منابر البرلمان وبإمكانيات أكبر بكثير، يمكنني القول إننا نواجه أكثر البرلمانات رجعية في تاريخ البلاد، في الواقع ليس هذين الحزبين فقط بل أن تحالف الشعب بأكمله سوف يستمر في التواجد في البرلمان ككتلة، هذه هي الحقيقة ويجب أن يتم تفسيرها بهذا الشكل".

 

"ليس بإمكاننا أن نكون في حالة من الحد أو اليأس"

شددت إسين إيزل أويسال على أن هذا الوضع لا يجب أن يؤدي إلى خلق حالة من اليأس لدى النساء "لقد ناضلنا منذ سنوات لإيقاف قتل النساء في هذه البلاد ومن أجل رسمية القانون ٦٢٨٤ لحماية الأسرة ومنع العنف ضد المرأة وكذلك من أجل اتفاقية اسطنبول، لقد تجاوزنا مرحلة سن القوانين وبقيت مرحلة تطبيقها التي تعتبر أمراً مصيرياً للغاية، لذلك لا يمكننا أن ندخل في حالة اليأس على الرغم من أننا نمر بأيام سياسية حرجة، فنحن نملك الفعاليات والأنشطة النضالية لتحقيق النصر في الانتخابات القادمة".

 

"التحرر والتحول الاجتماعي أمران ممكنان"

وأكدت على أن جرائم قتل النساء تحدث بشكل يومي "بعض الأشخاص والأحزاب السياسية التي نجحت بالانتخابات البرلمانية يعبرون دائماً عن عدم تقبلهم التعليم المختلط، وأنا أؤكد أنها ستكون محور أحاديثهم على منبر البرلمان، كما سيواصلون ممارسة سياستهم المعادية للمرأة وأيديهم ستطال حقوقنا كذلك، لذلك يجب علينا أن نحتضن قوتنا المنظمة أكثر وأن نشارك في صياغة السياسة أكثر من قبل، ولا يمكن أن يكون التحرر والتحول الاجتماعي ممكناً إلا بهذه الطريقة".

 

"اتفاقية إسطنبول متواجدة في ذاكرة جميع النساء"

وحول الانسحاب من اتفاقية إسطنبول تقول "هناك دوماً فائدة من التذكير باتفاقية إسطنبول والانسحاب منها، أعتقد أنه من المهم جداً بالنسبة لجميع النساء أن تتذكرن هذه الاتفاقية كفكرة والاطلاع على محتواها ونص القانون ٦٢٨٤، لقد نجحنا بالفعل في إبطال العديد من تحركات الحكومة لأكثر من عشرين عاماً، وعلى الرغم من الخسائر التي لحقت بنا إلا أنه كان بجانبها العديد من الإنجازات، ومن خلال أخذ العبرة مما فقدناه والعمل على زيادة مكاسبنا أكثر يجب علينا الاستمرار في النضال فعلى عاتقنا تقع الكثير من المسؤوليات حتى تتمكن جميع النساء من العيش بسلام".

 

"سوف نقوم بتشكيل مجالسنا وحماية صناديق التصويت"

ونوهت إلى أنه "إذا كان هناك مكان للمعادين للمرأة في البرلمان، فسوف يكون هناك على عاتق النساء مسؤولية تنظيم أنفسهن، لقد اجتمعنا حتى الآن مع العديد من النساء من وجهات نظر مختلفة في أجزاء عديدة من تركيا، وهي الخطوة الأولى التي شكلت بها منصة سنوقف قتل النساء مجالس المرأة، أعتقد أنه من الآن فصاعداً الاستمرار من هذه النقطة هو أمر مهم جداً، سنعمل على تشكيل مجالسنا ومنابرنا وسنقوم بعقد اجتماعاتنا وسنبحث عن طرق وأساليب لشرح سياساتنا للمجتمع بأسره".

وأكدت "سنرد على أولئك الذين يطالبون بإلغاء القانون ٦٢٨٤ ولكل من تحالف معهم، عندما نقوم بالتصويت سوف نتذكر كونجا كوريش وجميع النساء اللواتي تم قتلهن، سنذهب إلى صناديق التصويت مع وضع عدم المساواة الذي تعاني منه كافة النساء في عين الاعتبار، يجب علينا ألا ننسى أن نظام الرجل الواحد الذي دام لمدة ٢٠ عاماً ولم يترك لنا حتى فجوة للتنفس، يجب التخلص منه والنجاة من براثنه، ولتحقيق ذلك علينا أن نجمع أصواتنا وتقديمها للحزب الذي يناصر المرأة وحقوقها، كما يجب علينا أن نشارك في حماية صناديق التصويت تماماً كما فعلنا في انتخابات١٤أيار/مايو".

 

"كل عملية سياسية جديدة تجبرنا على تحديث أساليب نضالنا"

وأشارت إلى أن كل عملية سياسية جديدة في البلاد تجبر المنصة على تحديث أساليبها النضالية "أعتقد أن هذه هي حقيقة جرائم قتل النساء المشبوهة، بإمكاني تقديم مثال على هذا، فمنذ اليوم الأول لإنشاء المنصة ونحن نحاول أن نشرح للمجتمع بأسره عن وجود جرائم قتل النساء وأنهن تتعرضن للعنف بسبب النوع الاجتماعي، والآن لم يتبقى أي أحد لا يملك فكرة عن قتل النساء".

وعن حالات قتل النساء المشبوهة تقول "يجب  تسييس المجتمع فيما يتعلق بحالات وفيات النساء المشبوهة، لأنه عندما تقتل النساء فإنهم يتسترون على موتهن تحت مسمى الانتحار، وتترك هذه الحالات دون تحقيق فعال ولا يتم الكشف عن الحقائق حتى، فعلى سبيل المثال لقيت ٢٥ امرأة حتفها خلال شهر كانون الثاني الماضي بطرق مشبوهة، ولو يتم التحقيق في هذه الحوادث بشكل فعال فقد يكون من بينها حالات وفاة طبيعية أو نتيجة الإصابة بنوبة قلبية أو مرض ما أو انتحار أو يمكن أن تكون مقتولة، إن القضية التي نريد التأكيد عليها هي أن "موت المرأة يترك موضع شك دائماً"، وهو بعد آخر من أبعاد عدم المساواة في تركيا، لكن ما يزيد من احتمالية قتل النساء في أذهاننا هو بالطبع سياسات الحكومة وعلاقاتها القائمة على عدم المساواة هذه".

 

"البيانات اليومية مظللة"

وتطرقت في حديثها إلى بيانات قتل النساء التي أصدرتها المنصة "وفقاً للبيانات لدينا ففي شهر نيسان من هذا العام وقعت ٢١ حالة قتل للنساء و٢٣ حالة وفاة مشبوهة، أما في شهر آذار وقعت ٢٣ حالة وفاة و١٩ حالة وفاة مشبوهة، وفي شباط ١١ حالة قتل و١٢ حالة وفاة مشبوهة، أما في العام الماضي كان هناك ٣٣٤ حالة قتل للنساء و٢٢٤ حالة وفاة مشبوهة، لن يكون من الصواب القول إنه قد وقع هذا العدد من عمليات قتل النساء في اليوم الواحد، لأنها ليست إحصائيات دقيقة ويتم التلاعب بها بعض الشيء".

وأضافت "يبدو أن بيانات شهر كانون الثاني مرتفعة جداً لأنه تم إدخالها في يوم واحد، الشيء المثير للتساؤل هنا هو أن البيانات يتم إدخالها دفعة واحدة، وإلى جانب ذلك نعمل على الفصل بين قتل النساء والوفيات المشبوهة منذ فترة، ولكن المصادر الأخرى لا تقوم بشرح الأمر بهذه الطريقة، فقد تكون هناك حالات لا نعتبرها من حالات قتل النساء ولكن تكون هناك مصادر أخرى تعتبرها من هذه الحالات، وفي بعض الأحيان يمكن لحسابات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً مشاركتها، أعتقد أنه يحدث تظليل بهذا الشأن".

 

"يتم قتل النساء واحدة تلو الأخرى بشكل ممنهج"

وذكرت الدلائل التي وفقها يتم وصف وفيات النساء بالمشبوه "استناداً إلى مفهوم قتل النساء، نقوم بالإبلاغ عن بيانات القتل لدينا، نحن لا نقوم بتسمية قتل كل امرأة على أنه قتلاً للنساء، فمفهوم قتل النساء ينص على أن جميع النساء وبكافة المراحل ابتداءً من العلقة إلى الجنين ومن الرضيع إلى الطفل ومن البالغين إلى المسنين، هم يتعرضون للقتل أو الإجبار على الانتحار من قبل الرجال بسبب جنسهن أو بحجة أفعالهن المخالفة لتصويرهم ومفاهيمهم للهوية الجنسية، ولذلك من الضروري التمييز بين حالات قتل النساء، فإذا لم تقتل بسبب عدم المساواة بين الجنسين، لا يمكننا حينها تسميتها حالة من حالات قتل النساء، إننا نقوم بمشاركة كل هذه المعلومات من خلال التدقيق فيها جيداً وتقييمها كما يجب، فالنساء لا تقتلن بشكل جماعي بل تقتلن الواحدة تلو الأخرى، ولكن في النتيجة تقتلن بسبب العنف الممنهج، فعندما نقول إن خمس نساء تقتلن في اليوم الواحد فإننا لا نذكر هنا الأمر بأكمل أصوليته، أن هذا لا يظهر الاهتمام والجدية التي يتم اتخاذها تجاه القضية، أعتقد أنه من الضروري التعامل مع المفاهيم بعناية عند القيام باستخدامها، إذا كانت هناك أمور لسنا متأكدين منها فإننا نعمل على ذلك، نحاول أن نفهم الموضوع من الصحافة والأسرة، يجب التعامل مع هكذا قضايا بعناية شديدة".