بغداد تحتضن مؤتمراً ومعرضاً فوتوغرافياً حول النساء اللواتي تغلبن على داعش
ضمن جهود مستمرة لرفع الوعي، وتوثيق المعاناة، وتمكين النساء في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات تم تنظيم مؤتمر ومعرض للصور.

رجاء حميد رشيد
بغداد ـ تحت شعار "النساء اللواتي تغلبن على داعش"، نظّمت منظمة فريدة العالمية مؤتمراً ومعرضاً للصور الفوتوغرافية اليوم الاثنين 21 نيسان/أبريل، في العاصمة العراقية بغداد.
جاء هذا الحدث لتسليط الضوء على قصص الصمود والإرادة لنساء واجهن أبشع أشكال العنف والانتهاكات خلال فترة سيطرة داعش، وتمكّنّ من التغلب على معاناتهنّ، واستعادة كرامتهنّ وأملهنّ بالحياة، ويتزامن هذا المؤتمر مع اختتام أحد مشاريع المنظمة، الذي يركّز على تمكين الناجين من الإبادة الجماعية الإيزيدية، إلى جانب ضحايا العبودية الحديثة والاتجار بالبشر، وذلك ضمن جهود مستمرة لرفع الوعي، وتوثيق المعاناة، وتمكين النساء في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات.
وقالت هدية علي إحدى الناجيات من العمليات الإرهابية بكلمة لها خلال المؤتمر "نجوت من أسر داعش قبل سنوات، ولكني لم انجُ من تبعات ماعشته، خرجت من السجن الجسدي، لكن هناك سجن آخر اسمه الذاكرة، وسجن اسمه النسيان الذي فرضه العالم علينا".
وأضافت بصوت حزين "منذ تحريري وحتى هذا اليوم أعيش في خيمة مع أسرتي، ليس لأننا نريد ذلك، بل لأننا لا نملك خياراً آخر، بيتنا في شنكال تهدم بالكامل وقريتنا أصبحت أنقاضاً، أحمل معي وجع فقدان الوطن، وفقدان الأمان، وفقدان شقيقي الذي أختطف على يد داعش، ولم أسمع عنه شيئاً حتى اليوم".
واعربت هدية علي عن امتنانها للحكومة العراقية لتشريع قانون الناجيات الايزيديات رقم (8) لسنة 2021، معتبرةً أنه "اعتراف قانون بما مررنا به ويعد خطوة كبيرة ومهمة"، مؤكدةً أنه "مازلنا بحاجة إلى خدمات نفسية مستمرة إلى فرص لإكمال تعليمنا، إلى جهود ملموسة في البحث عن احبابنا المفقودين إلى توزيع الأراضي والسكن، والأهم لمحاسبة المجرمين".
من جانبها تحدثت فريال سعيد إحدى الناجيات الإيزيديات من داعش بالنيابة عن العديد من النساء قائلةً "خسرنا طفولتنا في سجون داعش، فلم يتركوا جريمة إلا وارتكبوها بحقنا، فقدنا براءة الطفولة وأحلامها، وبعد تحريرنا، كنا نأمل أن نعيش ما تبقى من عمرنا بكرامة وسلام، لكننا صُدمنا بواقع قاسٍ، أجبرنا على العيش في خيم، بعيدين عن أهلنا وأصدقائنا، ومن دون منازلنا ومناطقنا، وهكذا خسرنا شبابنا أيضاً في رحلة النزوح".
وأضافت "كنت أحلم، بعد تحرري أن ألتقي بأهلي وأعيش بين أصدقائي، وأن أعود إلى مدرستي، واليوم، أمنيتي أن أُكمل دراستي وأحصل على شهادة، لأتمكن من دعم زميلاتي الناجيات الأخريات، كما أحلم بزيارة دول العالم والتعرف على ثقافات مختلفة، ولهذا، أناشد الجميع أن يتعاطفوا معنا، وأن يعملوا معنا من أجل تحقيق هذه الأحلام".
وترى فريال سعيد أن العدالة، تعني محاسبة كل من ارتكب الجرائم بحقهم، إضافةً للعمل على "تعويضنا مادياً ومعنوياً ونفسياً، حتى نتمكن من التعافي والعودة إلى ديارنا وإنهاء معاناتنا في النزوح، نطالب بالعدالة وإعادة بناء بيوتنا".
وأشارت إلى أهمية قانون الناجيات بالقول "لقد استفدنا منه كثيراً ولكن لا تزال هناك بعض النواقص، من بين مطالبنا الأساسية، أن يتم توزيع الأراضي على جميع الناجيات، ليكون لنا مسكن وملاذ دائم يضمن لنا الاستقرار والكرامة".
ومن بغداد، أعربت الناشطة والمتطوعة الدكتورة هالة الشمري، التي عملت مع فريقها التطوعي على دعم الناجيات في مخيمات النزوح، عن ألمها العميق لما تعرضت له الإيزيديات وأطفالهن على يد داعش، من جرائم فظيعة.
وأشادت بصمود الإيزيديات، وقالت المرأة الإيزيدية "أثبتت أنها قوية وصلبة، لا يمكن هزيمتها، بل هي التي تهزم ولا تُهزم، إنها تمثل نموذجاً للمرأة العراقية القوية، التي تواجه المحن وتتغلب عليها بإصرار وعزيمة. أشعر بالحزن العميق بسبب هجرة عدد كبير من الإيزيديين خارج الوطن، وهي خسارة كبيرة للعراق، فخروج هذه الطاقات من بلدنا يُعدّ نزفاً مستمراً لمجتمع كان وما زال جزءاً أصيلاً من نسيجنا الوطني".
ومن محافظة الموصل، قالت المحامية حازمة باسم الصفّار "يأتي هذا المؤتمر ليسلط الضوء على شجاعة المرأة العراقية في مواجهة داعش، وبشكل خاص تضحيات الشعب الإيزيدي، الذي قدّم بطولات عظيمة بعد سنوات من المعاناة، وها هو اليوم يُسطّر انتصاره".
وأضافت "يعد هذا المؤتمر رسالة موجهة إلى العالم، نُظهر من خلالها أن المرأة العراقية قوية وشجاعة بما فيه الكفاية، قادرة على التحدي والمواجهة والصمود، رغم كل ما مرت به من آلام وفقدان"، مشيرةً إلى معرض الصور للناجيات الإيزيديات بالقول "كل صورة في هذا المعرض تحكي قصة شجاعة لامرأة عراقية واجهت الإرهاب، ووقفت في وجه الظلم، ورفضت الانكسار، إنه معرض لتكريم الصمود، وتوثيق لحظات من نور وسط ظلام الإرهاب".
وتخلل المؤتمر الذي حضره مسؤولين رفيعي المستوى من الحكومة العراقية، إلى جانب عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة في بغداد، معرضاَ فوتوغرافياً في دعم الناجين وتسليط الضوء على قضاياهم، ويروي المعرض المتنقل قصص الناجيات من الإبادة الجماعية الايزيدية، مخلداً ذكرى الفظائع التي ارتكبها داعش بحق مختلف المجتمعات العراقية، بما في ذلك الإيزيديين والمسيحيين، وضحايا مجزرة سبايكر وغيرهم.
ويبرز هذا المعرض أصوات النساء اللواتي لم يتحملن هذه الفظائع، بل قاتلن أيضاً ضد الفكر الداعشي، وحملتهن للدفاع عن العدالة، ليس فقط للإزيديين بل لجميع النساء.