"بفنجان قهوة" هكذا تحل قضايا قتل النساء بغزة

تتعرض النساء في المجتمع الفلسطيني عموماً وقطاع غزة على وجه الخصوص، للعنف بمختلف أشكاله تصل لدرجة القتل، إثر غياب الحاضنة القانونية، فقد شهد القطاع جريمة قتل جديدة راحت ضحيتها امرأة في العقد الثالث من عمرها.

رفيف اسليم

غزة ـ أكدت المحامية والناشطة الحقوقية هنادي صلاح على أن ما تستند إليه حلول الصلح العشائري التي تظلم النساء وتزيد من معاناتهن يوماً بعد يوم، تزيد من جرائم قتل النساء والعنف ضدهن.

أعلنت مصادر طبية أمس الخميس 21 تموز/يوليو، عن مقتل امرأة في العقد الثالث من عمرها، جراء طعنها بآلة حادة في الصدر، مما أدى لوفاتها متأثرة بجراحها، بمخيم البريج وسط قطاع غزة.

ورفضت المصادر ذكر اسم الضحية، لتكتفي بالإشارة لها بالحروف الأولى من اسمها (ن. ن)، فيما تولت الأجهزة الأمنية التحقيق في الحادث، والتأكد من سبب الوفاة وفقاً للتقارير التي سيصدرها الطب الشرعي.

وأفاد شهود عيان وهم من جيران الضحية أنه قبل وقوع حادثة القتل تم سماع أصوات تخرج من البيت وحركة غير عادية لكن أحداً لم يتدخل، بزعم أنها خلافات عائلية اعتيادية بين أفراد الأسرة الواحدة، لتصبح المرأة جثة هامدة بعد برهة من الوقت.

وتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الخبر بغضب عارم خاصة أن بعض الشائعات رجحت أن تكون المرأة قد انتحرت، مؤكدين خلال منشوراتهم أن تلك الشائعات التي تخص الضحية وسلامة صحتها العقلية أو تلك المتعلقة بـ "الشرف" هي تمهيد لتدخل رجال الإصلاح العشائري وإنهاء الأمر بعد شرب فنجان قهوة.

وعلقت المحامية والناشطة الحقوقية هنادي صلاح على ما ورد مسبقاً، أن الجمهور له الحق بالغضب تجاه قضايا قتل النساء مع مطالباته بتغليظ الحق العام وهو حق الشعب بتخويل النيابة العامة بإيداع لائحة اتهام تجاه الجاني ومتابعه كافه إجراءات الجريمة وصولاً الى العقوبة، لافتة إلى أن اسقاط الحق الشخصي لا يعني تخفيف العقوبة فالأمر مرتبط بحق المجتمع في الأمان والمتمثل بالردع من خلال إنزال أشد العقوبات على الجاني.

وأوضحت هنادي صلاح أن الحق العام مأخوذ من حق الشعب في انتخاب السلطات الثلاث ومنها السلطة القضائية والنيابة العامة، والتهاون في تنفيذها يعني فقدان الثقة والأمان بين السلطة والشعب، خاصةً فيما يخص حوادث القتل المتعلقة بحياة الأشخاص والنساء اللواتي تعتبرن الفئة الأضعف في المجتمع والواجب حمايتهن بشتى الطرق.

أما عن الحلول العشائرية لفتت الانتباه إلى أنه بعد المشكلات التي نتجت عن تلك الحلول ومقتل عشرات النساء وضرب وتعنيف المئات منهن بعد تكفل المختار بإرجاعهن آمنات إلى بيوتهن، فمن حق الرأي العام أن يرفض تلك الحلول ويقف ضدها لأنه ليس هناك ضمانات خاصة أن القرارات الصادرة غير إلزامية وتتخذها جهات متنفذة خارجة عن القانون.

وأشارت إلى أن هدف الحلول العشائرية هو الحفاظ على النسيج المجتمعي لكنها أخفقت في ذلك لربما لأن حلولها لا تتفق مع نصوص القانون الفلسطيني، فيسقط الحق الشخصي للضحية مقابل كسب مخفف لعقوبة الجاني، مؤكدةً أن القانون يحكم ضد الجاني من ثلاثة سنوات وقد يصل للمؤبد وفقاً لملابسات الجريمة.

ويلجأ البعض للقضاء العشائري بحسب هنادي صلاح لسببين الأول أنه أصبح ثقافة مجتمعية لابد من التخلص منها، والثاني أنه لا يوجد جهة تشريعية فلسطينية تستطيع أن تسن قوانين موحدة تمنع هذا القضاء من ممارسة مهامه كإصدار مسودة قانون حماية الأسرة من العنف على سبيل المثال.

وأشارت إلى أن ما يعزز دور حكم النظام العشائري في انتهاك حقوق النساء هي الجهات القانونية كالشرطة، لأن المرأة عندما تذهب لتقديم الشكوى بالغالب لا يتم استقبالها بل ترجع إلى بيتها أو ترسل للمختار، فيما إن تم استقبالها تحول للعلاقات العامة دون أن تتجه بقضيتها للنيابة العامة ومن ثم إلى القضاء النظامي بحسب القواعد المتبعة قانونياً.

واستعرضت هنادي صلاح نتائج تقرير مركز الاحصاء الفلسطيني الخاص بأوضاع المرأة الفلسطينية والصادر بالتزامن مع يوم المرأة العالمي الثامن من آذار/مارس 2022، تحت عنوان "المساواة بين الجنسين اليوم من أجل غد مستدام"، موضحةً أن 85.2% من النساء المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهن الزواج تتراوح أعمارهن ما بين 15 ـ 64 سنة في فلسطين تعرضن للعنف "على الأقل لمرة واحدة" من قبل أزواجهن بأحد أشكاله.

ولفتت التقرير الصادر إلى أن نسب العنف الجنسي بلغت 9.2%، بينما تجاوز العنف الجسدي ما نسبته 18%، ووصل العنف النفسي لنسبة 57%، مشيرةً إلى أن جرائم قتل النساء هي نتيجة لذلك العنف، ولما تستند إليه حلول الصلح العشائري التي تظلم النساء وتزيد من معاناتهن يوماً بعد يوم.