بعد ثمانية أشهر على الزلزال... النساء في المناطق المنكوبة لازلن تواجهن الصعوبات

نظمت فيدرالية رابطة حقوق النساء في المغرب لقاء صحفي لتقديم حصيلة أعمالها المتعلقة بالتدابير المتخذة خلال الأزمات والكوارث.

حنان حارت

المغرب ـ تواجه النساء والفتيات في المناطق التي ضربها الزلزال في المغرب العديد من الصعوبات والتحديات، خاصة بعد أن حمل الزلزال النساء والأطفال الكثير من الأعباء كتعرضهم لصدمات نفسية عميقة وإصابات جسدية.

بعد مرور ثمانية أشهر على زلزال الحوز والأطلس الذي ضرب المغرب في الثامن من أيلول/سبتمبر 2023 قدمت فيدرالية رابطة حقوق النساء أمس الثلاثاء الرابع من حزيران/يونيو، خلال لقاء صحفي عقد بالعاصمة الرباط، حصيلة عملها المتعلق بتدبير الأزمات والكوارث.

وقالت المشاركات في الندوة إنه من خلال معاينة أوضاع النساء في المناطق المتضررة خلال زلزال الحوز، أتضح أن النساء تواجهن تحديات كبيرة تعيق تنميتهن وضمان حقوقهن الإنسانية، منها تزويج الطفلات، والتعرض للعنف دون الإفصاح عنه، خاصةً في ظل صعوبة وصول النساء والأطفال ضحايا العنف إلى مراكز الاستماع وخلايا الاستقبال بسبب بعدها عن القرى.

وأكدت عضوات الفيدرالية أنه منذ وقوع الزلزال المدمر عملت الجمعية على تقديم الدعم المادي والمساندة للسكان المتضررين في المناطق المنكوبة، مشيرات إلى التحديات المرتبطة بالاستفادة من مساعدات إعادة الإعمار التي تؤثر على العدالة والفعالية في توزيع المساعدات.

وأوضحن أن عدم الأخذ بعين الاعتبار أوضاع المطلقات والأرامل خلال هذه الأزمة، حرم العديد منهن الاستفادة من الدعم اللازم، مؤكدات على أن التوزيع غير العادل للمساعدات خلق فجوات في تقديم الدعم اللازم للأسر المتضررة.

ودعت الناشطات الحقوقيات خلال الندوة إلى تعزيز ولوج السكان المتضررين من الزلزال إلى الخدمات الأساسية وضمان توفرها، مع تكثيف الدعم الطبي والنفسي المباشر للمتضررين/ات لتجاوز المخاوف والآثار النفسية الناتجة عن الزلزال، مطالبات بتسريع عملية إعادة تشييد وبناء المرافق والمؤسسات الحيوية الضامنة للخدمات في كافة المجالات كالصحة والتعليم والنقل.

وأضافت المشاركات في الندوة أنه يجب العمل على فك العزلة في المجال القروي وتحسين البنية التحتية، خاصة الطرق لتسهيل الولوج إلى الخدمات، واستفادة شباب القرى من فرص العمل والمبادرات الوطنية الخاصة بإعادة الإدماج في سوق العمل، بالإضافة إلى تعميم الاستفادة من البرامج الخاصة بالتنمية في المجال القروي، والرفع من جهود محو الأمية في صفوف النساء، ومحاربة الهدر المدرسي، إلى جانب تعميم الاستفادة من المنح لكافة الأطفال خاصة الفتيات.

ومن جهتها قالت الناشطة الحقوقية لطيفة بوشوى أن الفيدرالية وضعت استراتيجية من أجل تدبير الأزمة من أجل تسهيل التواصل مع النساء الموجودات في المناطق المنكوبة التي ضربها الزلزال، مشيرةً إلى أن المجتمع المدني لا يعمل فقط في المرافعة والسياسات العمومية ولكن يعمل في الميدان بحيث أن معظم التوصيات التي تخرج بها الفيدرالية تكون نابعة من العمل الميداني، وأعطت مثالاً عن قانون مدونة الأسرة الذي هو الآن بصدد التعديل "كل المطالب التي تقدمت بها الجمعية من أجل تعديل قانون الأسرة هي مستنبطة من عمل الجمعية مع الوافدات عليها".

وأشارت إلى أن عمل الفيدرالية خلال تدبير أزمة الزلزال تجلى في تنظيم العديد من القوافل التضامنية وحملات التوعية والتحسيس بالتعاون مع المتطوعين والمجتمع المدني "لقد مكننا عملنا من خلال الجهود التي قامت بها مختلف الجهات والسلطات والمجتمع المدني والمنظمات الحكومية أو شبه الحكومية".

ونوهت إلى أنهن تعرفنا على المشاكل الحقيقة التي تتخبط فيها النساء في تلك المناطق المنكوبة، مشيرة إلى أن عمل الفيدرالية خلال هذه الأزمة مكنها من الخروج بعدة توصيات تتعلق بالنساء كالمطالبة بوضع النساء في جوهر كل المخططات التي تضعها الحكومة، ووضعهن في كل البرامج الهادفة إلى إعادة التأهيل السوسيوـ اقتصادي بالمناطق المتضررة، ورصد ميزانيات خاصة للنهوض بأوضاعهن، إضافة إلى اعتماد مقاربة النوع والميزانية المستجيبة للنوع في برامج تنمية الجماعات الترابية.

وحول الدور الذي يلعبه المجتمع المدني خلال تدبير الأزمات أوضحت لطيفة بوشوى إن المجتمع المدني يواصل المرافعة ودوره الدستوري ويراقب السياسيات العمومية خلال الأزمات ويقدم التوصيات والمقترحات من أجل معالجة آثار وتداعيات الأزمات على النساء وباقي السكان.

وأشارت إلى أن الفيدرالية تتوفر على فروع جهوية تمكنت من الوقوف على مختلف حيثيات الوضع منذ لحظة الزلزال، مضيفةً أن هناك صعوبات كبيرة واجهت النساء خلال فترة الزلزال منعتهن من التنقل بحرية والولوج للخدمات الأساسية.

وأبرزت بأن العديد من النساء في المناطق التي ضربها الزلزال تفتقدن الوعي بحقوقهن الإنسانية والمعرفة بالقوانين الخاصة بحقوقهن، ما يجعلهن غير قادرات على المطالبة بها والاستفادة من الدعم المتاح لهن.

 

 

ومن جهتها قالت نائبة رئيسة فيدرالية حقوق النساء جميلة كرمومة إن العمل التضامني يعد من ضمن المبادئ الأساسية للفيدرالية، مشيرة إلى أن هذا اللقاء هو لتقديم نتائج عمل الجمعية في إطار تدبير الكوارث "لقد قمنا بهذا العمل التضامني من أجل رفع معنويات السكان خاصةً المتضررات منهن".

وبينت بأن الفيدرالية تتوفر على استراتيجية خلال الأزمات كما هو الحال خلال انتشار جائحة كورونا وفترة الحجر الصحي، لافتةً إلى أن النساء والفتيات تكن دائماً الحلقة الأضعف خلال الكوارث الطبيعية والأزمات التي تعرفها البلدان "النساء تدفعن ثمن الأزمة مضاعفاً".

وحول عمل الفيدرالية التي تهتم بالدفاع عن حقوق النساء قالت "حاولنا الاستماع لمطالب المتضررات في المناطق التي ضربها الزلزال ووقفنا على عدة مشاكل تتخبطن فيها، وباعتبارنا جزء من الحركة النسائية في المغرب نطالب بالأخذ بعين الاعتبار حقوق النساء ومساعدتهن في كل المخططات".

ودعت المؤسسات الحكومية إلى أخذ حقوق النساء ومساعدتهن في استراتيجياتها كالتعاونيات المتواجدة في المناطق النائية التي يمكن أن تشكل نقلة نوعية في اقتصاد المنطقة وفك العزلة عن النساء "يجب وضع مشاريع مدرة للدخل لفائدة النساء، مع مواكبتهن لخلق تعاونيات، ووضع خلايا الاستقبال ومراكز الاستماع للنساء والأطفال ضحايا العنف، والذي سيرفع الوعي لدى النساء وسيساهم في تحسين أوضاعهن".

وأضافت لا نريد استمرار الهدر المدرسي، ولا نريد رؤية نساء بدون عمل في المناطق النائية، فمعاناة هذه الفئة من النساء كبيرة نظراً لتواجدهن في مناطق معزولة، كما أن كارثة الزلزال زادت من عزلتهن، مؤكدةً على مطلب تمكين مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي.

والجدير بالذكر أن زلزال الحوز المدمر الذي ضرب عدة مناطق في الثامن من أيلول/سبتمبر 2023، أسفر عن مقتل وإصابة آلاف الأشخاص إضافة إلى الخسائر المادية وتدمير البنى التحية للمنطقة، في وقت بقيت فيه العائلات التي نجت بدون مأوى.