بعد أسبوع من الهدوء احتجاجات "جيل Z212" تعود إلى الشارع المغربي

بعد أسبوع من الهدوء، عادت احتجاجات حركة "جيل Z212"، إلى الشارع المغربي، عبر وقفات متزامنة في عدد من المدن، لتؤكد استمرار موجة الغضب الشبابي حيال الأوضاع الاجتماعية وارتفاع كلفة المعيشة.

حنان حارت

المغرب ـ استأنف شباب وشابات حركة "جيل Z212"، أمس السبت 18 تشرين الأول/أكتوبر احتجاجاتهم بعد توقف دام أسبوعاً، من خلال وقفات متزامنة بعدد من المدن المغربية، أبرزها الرباط والدار البيضاء ومراكش وطنجة، في أول عودة ميدانية للحركة بعد الخطاب الملكي لافتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر.

رغم الطابع الرمزي لهذه العودة، بالنظر إلى توقيتها بعد الخطاب الملكي، فإن الزخم الشعبي بدا أقل مقارنة بالوقفات السابقة، خاصة في الرباط ومراكش، حيث لم يتجاوز عدد المشاركين بضع عشرات، وطالب المشاركون والمشاركات إضافةً لتحسين الواقع الخدمي إلى الإفراج عن معتقلي الرأي.

وشهدت مدينتي الدار البيضاء وطنجة، في الساحات العامة تجمعات محدودة رفعت خلالها شعارات تطالب بـ"الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية"، وتندد بغلاء المعيشة وتدهور الخدمات الأساسية، في استمرار للمطالب الاجتماعية التي أطلقت الحركة من أجلها احتجاجاتها قبل أسابيع.

وأكد المحتجون على سلمية تحركاتهم، وتمسكهم بحقهم في التعبير عن مطالبهم دون انزلاق إلى أي مواجهة مع السلطات. أما في العاصمة الرباط، فاختار العشرات الوقوف أمام مبنى البرلمان، مرددين شعارات تدعو إلى تحسين التعليم والصحة ومحاربة الفساد، تحت شعار موحد "الوحدة المغربية".

ورغم بساطة المشهد مقارنة بالتحركات الأولى، فقد حملت الوقفة رسائل واضحة تؤكد أن الحركة "لن تتراجع عن الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشباب".

وتأتي هذه التحركات بعد أسبوع من الهدوء الميداني الذي أعقب الخطاب الملكي، والذي شدد على أهمية إشراك مختلف الفاعلين في معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، دون ذكر الاحتجاجات، لكن عودة "جيل Z212"، إلى الشارع تعكس استمرار حالة الاحتقان الاجتماعي لدى فئات من الشباب، رغم محاولات التهدئة السياسية والإعلامية.

في المقابل، تواجه الحركة التي انطلقت من الفضاء الرقمي نحو الميدان اختبارات تنظيمية صعبة، إذ أعلن أحد فروعها في جنوب المملكة انسحابه احتجاجاً على ما وصفه بـ"غياب التنسيق المركزي"، فيما تداولت صفحات مقربة من الحركة أنباء عن احتمال انسحاب فرع جهة الشرق، دون تأكيد رسمي.

ورغم التراجع العددي في المشاركة، ربما بسبب أحكام السجن والغرامات التي طالت عدد من المشاركين تبقى الحركة إحدى أبرز التعبيرات الشبابية الجديدة في المشهد المغربي، بعدما نجحت خلال الأسابيع الماضية في تحريك النقاش العام حول قضايا العدالة الاجتماعية وغلاء المعيشة، بوسائل سلمية ومبتكرة، مستندة إلى حضور قوي على شبكات التواصل الافتراضي.

 

تحويل الغضب الافتراضي إلى فعل اجتماعي مستدام

وبين الشارع والمنصات الرقمية، تواصل الحركة اختبار قدرتها على تحويل الغضب الافتراضي إلى فعل اجتماعي مستدام.

ويُذكر أن احتجاجات حركة "جيل Z212"، انطلقت في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي كمبادرة شبابية عفوية تعبر عن الغضب من تدهور الأوضاع الاجتماعية وارتفاع كلفة المعيشة، قبل أن تنتقل من موجة رقمية على منصات التواصل إلى تحركات ميدانية في عدد من المدن المغربية.

كما تمكنت خلال وقت قصير من لفت الانتباه إلى مطالبها الاقتصادية والاجتماعية، خاصة بعد وفاة 8 حوامل في مستشفى عمومي بأكادير، التي شكلت شرارة أولى لاحتجاجات سرعان ما توسعت رقعتها.

وشهدت الأيام الأولى من خروج الحركة إلى الشارع بعض التوتر في التعامل الأمني، إذ استخدمت القوات العمومية القوة المفرطة لتفريق تجمعات في مدن عدة، نشرت عنه منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً مفصلاً، هذا الرد العنيف من قبل الأمن خلف موجة تضامن واسعة مع المحتجين على منصات التواصل. غير أن المشهد سرعان ما اتجه نحو التهدئة، بعد دعوات متبادلة إلى ضبط النفس، لتستقر الاحتجاجات في مسار سلمي بات سمة بارزة لتحركات الحركة خلال الأسابيع الأخيرة.