بعد الإبادة الجماعية... الإيزيديات تنظّمن أنفسهن على نهج القائد أوجلان

أكدت سارا بوتان، عضوة أكاديمية علم المرأة "الجنولوجيا"، على أن التحرر الحقيقي لا يكتمل إلا بقيام النساء بتنظيم أنفسهن بقوة وإرادة، مستندات إلى فكر القائد عبد الله أوجلان، الذي يشكّل أساساً لمواجهة آثار العنف وبناء الذات من جديد.

هيلين أحمد

سليمانية ـ في ظل استمرار تداعيات الهجوم الذي شنه داعش على شنكال عام 2014، تكتشف يوماً بعد يوم معاناة النساء الإيزيديات اللواتي تعرضن للاختطاف والانتهاكات الجسيمة، وسط غياب واضح للدعم الدولي.

في إطار مواجهة ظاهرة الاتجار بالبشر، تم اعتماد بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص لا سيما النساء والأطفال، وذلك خلال الاجتماع العام للأمم المتحدة عام 2000 ودخل حيّز التنفيذ في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 2003 وقد تم المصادقة عليه حتى تموز/يوليو 2025 نحو 185 دولة.

وفي الثالث من آب/أغسطس 2014 شنّ داعش هجوماً على شنكال، وتعرف هذه الإبادة الجماعية بالمرسوم 74، حيث قُتل آلاف الإيزيديين، وتعرضت آلاف النساء الإيزيديات للاختطاف والاغتصاب والاتجار بهن من قبل داعش. وبعد مقاومة قوات حماية الشعب (HPG،و وحدات المرأة الحرة YJA Star ومقاتلي وحدات مقاومة شنكال (YBŞ)، ووحدات نساء شنكال (YJŞ.JIN)، وبالتعاون مع قوات YPG وYPJ، تم تحرير شنكال من قبضة داعش في الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

وفي عام 2014، تم تحرير بعض النساء الإيزيديات المختطفات من قبل داعش مقابل دفع مبالغ مالية، بينما عاد البعض الآخر إلى عائلاتهم بعد دحر داعش في الموصل والرقة عام 2017، ومع ذلك لا يزال مصير مئات النساء الإيزيديات مجهولاً.

وبلغ عدد المختطفين في هجوم داعش نحو 6417 شخصاً، بينهم 3548 امرأة و2869 رجلاً، وقد تم إنقاذ ما يقارب 3570 شخصاً منهم، بينهم 1208 امرأة، 339 رجلاً، 1066 فتاة، و957 فتى، ويقدر عدد شهداء الإبادة بنحو 5000 آلاف شخص، ومع ذلك لا تزال بعض النساء الإيزيديات يُتاجر بهن من قبل عناصر داعش حتى اليوم.

 

الإيزيديات وقفن في وجه الإبادة والصمت العالمي

وحول ذلك أوضحت عضوة أكاديمية علم المرأة "جنولوجي" سارا بوتان، أن الهجوم الذي شنه داعش على شنكال وسكانها جرى على مرأى ومسمع من العالم أجمع، حيث تعرضت النساء خلال تلك الاعتداءات لأبشع أشكال الانتهاك من الاغتصاب إلى الاتجار بالبشر، مشيرةً إلى أنه قبل نحو أحد عشر عاماً واجهت النساء الإيزيديات جرائم مروعة على يد داعش، إذ وقعت الإبادة الجماعية والاتجار بالنساء أمام أنظار المجتمع الدولي، دون أن تبادر الدول أو المؤسسات الحقوقية إلى اتخاذ أي خطوات لحمايتهن أو إنصافهن.

ونوهت إلى أن بعض الدول تعاونت مع داعش بهدف القضاء على الكرد ومحوه وجودهم من المنطقة، وأن الإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديين لم يُحاسب عليها أي جهة دولية حتى اليوم، فبعد مرور أحد عشر عاماً، لا يزال يُتاجر الإيزيديات في الأسواق في مشهد يعكس استمرار المأساة، لافتةً إلى أن الإيزيديات تواجهن تحديات جسيمة، بينما تُغيب عن الذاكرة الجماعية لحظات الموت والاتجار والإبادة التي عشنها، فقد شهدن اقتلاع عائلاتهن من جذورها، واختُطفت العديد من النساء وفُصلن عن أسرهن، وكل ذلك جرى أمام أعين العالم دون أن يتحرك أحد.

وأضافت "لم تقف أي جهة إلى جانب النساء الإيزيديات ولم يقدم لهن الدعم، لكننا كنساء وبالاعتماد على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، استطعنا تنظيم أنفسنا، لقد ساعدنا قائدنا في النهوض من جديد وتنظيم أنفسنا، نحن النساء ومنذ عام 2014 لم نتوقف عن مقاومة القمع والهجمات، وبعد تلك الإبادة بدأنا بتنظيم أنفسنا من خلال تأسيس قوة "YJŞ. JIN " الخاصة بالنساء الإيزيديات".

 

التنظيم الذاتي وفكر القائد أوجلان طريق النجاة

وأعربت سارا بوتان عن ألمها العميق إزاء الواقع الذي تعيشه الإيزيديات بعد مرور سنوات على الجرائم التي ارتكبها داعش بحقهن، مشيرة إلى أن جهود قوات YPG وYPJ ما تزال مستمرة في تحرير المختطفات الإيزيديات، ومع ذلك، أوضحت أن بعض العائلات ترفض استقبال النساء المحررات، ما يدفع إلى إرسالهن إلى المخيمات، رغم ما تعرضن له من انتهاكات جسدية ونفسية مروعة على يد الإرهابيين.

واكدت أن هذا الإقصاء المتكرر إلى المخيمات يفاقم من معاناتهن النفسية "أن الحل لا يكمن في عزل هؤلاء النساء، بل في دمجهن داخل المجتمع بطريقة تضمن لهن الأمان والاستقرار النفسي" مشددةً على ضرورة أن تستند عملية إعادة الإدماج إلى فكر القائد عبد الله أوجلان، داعية المجتمع الإيزيدي وبشكل خاص النساء، إلى تنظيم أنفسهن وفق هذا الفكر لمواجهة آثار الاحتلال والدمار.

وفي ختام حديثها، أكدت سارا بوتان أن النساء نظمن أنفسهن منذ أكثر من عقد وفق فكر القائد أوجلان، الذي وصفته بأنه فكر عالمي يناهض الظلم والعنف ضد المرأة، ودعت نساء العالم لا سيما الكرديات إلى تبني هذا الفكر وتنظيم أنفسهن لمواجهة الاحتلال والإبادة والانتهاكات، مشيرة إلى أهمية نشر هذا الفكر المناهض للإتجار بالنساء وإبادتهن في مختلف أنحاء العالم، لأنه كلما تعمق الإنسان في فهم فكر القائد أوجلان، ازدادت قدرته على حماية نفسه ومجتمعه.