بأصواتهن وشغفهن بالموسيقا تحافظن على ثقافة مدينتهن

بممارستهن لمواهبهن في الموسيقا والغناء ونثر الشعر تسعى نساء مقاطعة الفرات للحافظ على ثقافة وتراث مدينتهن كوباني.

نورشان عبدي

كوباني ـ تمارس شابات مدينة كوباني بمقاطعة الفرات في إقليم شمال وشرق سوريا، بشغفهن وإيمانهن بقدرات المرأة في تمكين ذاتها بمجال الفن والموسيقا ونثر الشعر مواهبهن في الغناء بهدف تطوير ذاتهن والمحافظة على ثقافة مدينتهن.

تعرف مدينة كوباني منذ القدم بثقافتها وتراثها الغني بالقصص والغناء الشعبي والمواويل بأصوات نساءها بالرغم من العادات والتقاليد البالية، إلا أن النساء تمكن من المحافظة على هذا الإرث، وبعد ثورة التاسع عشر من تموز/يوليو طورت النساء هذه الثقافة واليوم هناك المئات من الشاعرات والفنانات والكاتبات في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا.

 

بتأثرها بالمقاومة ألفت العشرات من الأشعار والأغاني الثورية

بصوتها العذب ونثرها للشعر الوطني، وتأليفها للأغاني الثورية، اشتهرت الشابة وعضوة في فرقة "بوطان" أفين علي (34) عام من مدينة كوباني في مقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا، وحول شغفها ومحبتها للموسيقا والشعر قالت "كان لدي شغف ومحبة للغناء والموسيقا، فبعض أفراد عائلتي كانوا منضمين لفرقة بوطان، فمنذ عمر الـ 8 أعوام بدأت بممارسة موهبتي في الغناء إلى جانب والدي في بعض الحفلات والمناسبات الوطنية".

وعن انضمامها للفرقة بينت أنه "في عام 2000 انضممت أنا وشقيقتي وعمتي إلى الفرقة للغناء ضمنها، بالرغم من أن في ذلك الوقت كان هنالك مصاعب كثيرة في ظل سيطرة حكومة دمشق، حيث كانت تعتقل كل من يعمل من أجل قضيته والحركة الكردية، لكننا استمرينا بالعمل في هذه الفرقة من أجل المحافظة على الغناء والفن الكردي، وبذلك تمكنت النساء حينها من رفع صوتهن ورأسهن بوجه جميع العوائق التي كانت تحد من حريتهن".

وأكدت أن "جميع العوائق والصعوبات لن توقف شغف المرء للحفاظ على منجزات تراثه وثقافته، فأنا كوني من مدينة كوباني ناضلت وقاومت منذ كان عمري 8 أعوام وحتى يومنا هذا من أجل وصولي لهذه المرحلة، وهذا المستوى من التطور والوعي الفكري والثقافي وتمكين موهبتي".

وعن مرحلة نثرها للشعر وتأليفها لكلمات الأغاني أوضحت "في عام 2006 بدأت بتدوين الشعر وتأليفها ككلمات أغنية وذلك بالتعاون مع والدي الذي كان معلمي وأستاذي أيضاً، وبفضله أنا اليوم وصلت لهذه المرحلة، بشكل عام أستوحي نثر أشعاري من تراث وثقافة الشعب الكردي وبشكل خاص تراث كوباني، ومقاومة المرأة الكردية المناضلة التي تقاتل منذ عشرات الأعوام في جبال كردستان ومناطق الدفاع المشروعة من أجل القضية الكردية وتحرير المرأة، قبل مقاومة كوباني دونت كافة هذه الأشعار في كتاب من أجل الطباعة ولكن أثناء المعركة تلف الكتاب والأن أعمل على إعادة تدوينه من جديد".

وبينت أن الفن لم يكن مرتبطاً فقط بالموسيقا والغناء والشعر ولكن له مجالات أخرى واسعة "أنا أرى كل عمل تقوم به المرأة هو فن وثقافة بحد ذاته كالحياكة والتطريز والتجميل، لذلك بدأت العمل على تمكين ذاتي في مجال التجميل والعمل به وفي الخياطة، وأيضاً تعلمت العزف على العود لكني واجهت صعوبات كثيرة، لكنها لم تقف عائقاً أمام مسيرتي".

وأشارت إلى أعمالها الفنية التي أنجزتها حتى هذا اليوم "حتى هذا اليوم ليس لدي فيديو كليب خاص ولكن كتاب أشعاري الذي تلف في الحرب أعيد كتابته، لكن بطريقة أفضل لأنني خلال هذه الأعوام عملت كثيراً على تطوير ذاتي، وقد سجلت 8 قصائد شعرية ونشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي كما كتبت 15 أغنية".

وأضافت "نحن كفنانين/ات يقع على عاتقنا واجب إظهار جمال وتاريخ مدينتنا بصوتنا وأحاسيسنا وأشعارنا، لأن مدينة كوباني مرت بمراحل تاريخية عظمية من كافة الجوانب ومقاومة أبنائها العظماء في بعض الأحيان لن نستطيع بصوتنا تعريف العالم على هذه المدينة ولن يحتاج الشخص للعودة لتاريخ وقراءة الكتب لأن الفن يحاكي التاريخ والماضي والحاضر في جميع أنحاء العالم".

 

 

 محبتها للفن والموسيقا قادتها لتصبح فنانة صغيرة بالسن

بالرغم من صغر سنها استطاعت الشابة برفين عيسى 17 عاماً من مدينة كوباني بمقاطعة الفرات بأن تمثل ثورة المرأة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا بصوتها العذب ومشاركتها الفعالة في مجال الفن والموسيقا.

حول تطويرها لموهبتها بالرغم من صغر سنها أوضحت "منذ صغري أحببت المشاركة في مجال الفن لذلك شاركت في فرقة للدبكة في مركز "باقي خدو" للثقافة والفن، كنت أشاهد كيف الشابات تمارسن مواهبهن بالغناء وأعجبني ذلك كثيراً، لأنني كنت في أوقات فراغي وفي المدرسة أردد بعض الأغاني الكردية التي تعجبني لذلك انضممت لفرق الموسيقا عندما كان عمري 8 أعوام، وبدأت حينها في العمل على صوتي وموهبتي لأصبح فنانة مشهورة يعرفها العالم بأجمعه، واستطعت من خلال موهبتي بأن أعرف العالم بثورة المرأة في مناطقنا وبتاريخ وتراث وثقافة مدينتي".

وأضافت "اللغة التي أفضل الغناء بها هي لغة الأم اللغة الكردية التي كبرنا عليها منذ الصغر، وأرغب في المستقبل أن أصبح فنانة وأقوم بتأليف كلمات وألحان الأغاني بلغتي الأم الكردية التي تمثلني أيمنا كنت، والأن أسعى لتقديم أغنية وطنية تحاكي معاناة الشعب في مناطقنا وعن مدينة كوباني التي أصبحت ملحمة تاريخية في جميع أنحاء العالم".

وأشارت إلى أنها تهوى العزف على آلة العود لكنها لم تنجح في إتقانها، ولكن استطاعت إتقان العزف على آلة الكاجون (الطبلة).

وحول دعم عائلتها لها في مرحلة تطوير موهبتها قالت "عائلتي لم تقف أمام طموحاتي ولكن على العكس كانت الداعم منذ البداية من أجل تحقيق حملي ووصولي لهدفي في الحياة، فوالدتي كانت عضوة بمركز الهلال الذهبي وشقيقتي أيضاً تجيد الشعر وأنا أمارس موهبتي بالغناء، فتواجد والدتي بجانبي شيء جميل ويعطيني القوة والإرادة من أجل الاستمرار بطريقي لتحقيق حلمي".

وأوضحت برفين عيسى "هدفي من المشاركة في المجال الفني والثقافي وفي كافة الفعاليات هو من أجل استمرارية تواجد هوية المرأة الفنية ضمن المجتمع، ومن أجل الحفاظ على ثقافة وتراث مدينة كوباني".