إيران... قانون حماية الأسرة والشباب ينتهك حقوق المرأة

تروج إيران لطفرة المواليد للمساعدة في تعويض سكانها الذين يشيخون، حيث يتبنى البرلمان قانون جديد يوقف كل أشكال الدعم الخاص بتنظيم الأسرة، ويعرض المرأة لانتهاكات جسيمة.

سروشا آمين

مركز الأخبار ـ الفحص هو وسيلة لمنع ولادة أطفال مصابين بمتلازمة داون، والأمراض الوراثية والدماغية، والحالات التي لا يكون فيها دماغ للطفل أو يكون دماغه خارج الجمجمة أو لم يتشكل عموده الفقري، لكن قرر عدد من البرلمانيين تغيير القوانين.

بموجب قرار البرلمان بتاريخ 16 آذار/مارس 2021، ووفقاً للمادة 56 من "خطة الشباب لدعم السكان والأسرة" من قرار البرلمان، تم إلغاء الإجهاض الدوائي بالرغم من أنه تمت الموافقة عليه في عام 2006 وكان نتاج اجتماعات ومناقشات متكررة بين الأطباء والمحامين والخبراء مع الحقوقيين والسلطات وعلي خامنئي نفسه.

 

إنجاب الأطفال بغض النظر عن الظروف الاجتماعية

في القرار الجديد للبرلمان، أصبحت خطة الإجهاض صعبة لدرجة أنه لا يمكن لأحد، بما في ذلك الأطباء والطاقم الطبي والمختبرات والمستشارين الأسريين وحتى الأمهات، التدخل في هذا الأمر، ويمكن لـ 2 فقهيين وقاضي وطبيب شرعي وخبير يبدون رأيهم في هذا الأمر، ورأي الأم ليس مهماً؛ أي أنه إذا قالت الأم إنها لا تستطيع رعاية الطفل المعاق فهذا لا يكفي، وأخيراً يجب على القاضي تحديد ما إذا كانت الأم والأسرة محرجة من وجود الطفل المعاق أم لا.

وأثارت الموافقة على هذه الخطة التي تسمى "خطة الشباب لدعم السكان والأسرة" قلق كبير لدى الأطباء في السنوات القليلة الماضية، وهي خطة حدت من الفحص والإجهاض وجعلت الأمر مستحيل عملي، ولهذا السبب ترفض الحكومة الإيرانية الإعلان عن عدد الولادات ذات الإعاقة في السنوات الأخيرة وتعتبر إحصائيات ولادة هؤلاء الأطفال سرية، كما أن تكلفة الفحوصات والتصوير المتعلقة بالأم والجنين لم تعد يغطيها نظام التأمين بشقيه الأساسي والتكميلي، لذلك يجب على المتقدمات اللواتي لا تزلن تعتزمن إجراء اختبارات الفحص دفع التكاليف بأنفسهن التي قد تكون مرهقة للعديد من الأسر ذات الدخل المنخفض، وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظمة التأمين في العديد من دول العالم نحو جعل هذه الاختبارات مجانية ومتاحة.

وقامت وزارة الصحة بجمع كافة وسائل منع الحمل المجانية من المراكز الصحية ومنعت الدورات التثقيفية حول وسائل منع الحمل، لتكون سياسات تشجيع الإنجاب على رأس الخطط السكانية للبلاد، ويبدو أن الحكومة، التي تشعر بقلق بالغ إزاء انخفاض معدل النمو السكاني، تحاول إجبار النساء على الإنجاب بأي ثمن.

واعتماداً على سياساته منذ بداية ثورة 1979، حوّلت الحكومة الإيرانية أجساد النساء إلى منصة لممارسة السلطة السيادية. إن الموافقة على قانون حماية الأسرة والشباب تواجه انتقادات كثيرة بين الناشطات والسياسيات، وبحسب العديد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان فإن أهم قانون يجب إقراره في البرلمان هو أنه لا يملك أي فرع من فروع الحكومة السلطة الحق في التشريع لحماية خصوصية الأسرة إلا للدفاع عنها.

ويحد قانون حماية الأسرة والشباب من قدرة المرأة على الوصول إلى وسائل منع الحمل، والاختبارات، والتصوير بالموجات فوق الصوتية، والفحص الإلزامي، وذلك من خلال انتهاك حق المرأة في اختيار الاحتفاظ بالجنين أو إجهاضه، وقد يترتب على القانون العديد من التبعات النفسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية دون النظر إلى واقع الأزمة البيئية والأزمة الاقتصادية والبنية التحتية الاجتماعية في البلاد.

وعندما لا تتمكن المرأة من إجراء الإجهاض بالوسائل القانونية، فإنها تذهب إلى بيئات غير طبية وغير مرخصة وسوف تفعل ذلك بشكل غير قانوني، وقد يؤدي الإجهاض غير القانوني لعدم توفر المعايير الطبية إلى العقم وفقر الدم الشديد وتلف الرحم والعدوى الشديدة ووفاة الأمهات.

لن يزداد عدد سكان إيران من خلال إلغاء الفحص، ولن ينخفض ​​بشكل كبير من خلال عمليات الإجهاض الضرورية التي يتم إجراؤها سنوياً بسبب التشوهات، وما فعلته الحكومة حتى الآن هو التدخل في القرارات الشخصية للأزواج، وزيادة القلق لدى النساء الحوامل، وإهمال صحتهن وصحة أطفالهن، والحقيقة هي أنه من خلال إجبار النساء على الحمل وإهمال التثقيف في مجال تنظيم الأسرة، لن يغير أي شيء، وإذا أرادت الحكومة أن تكون ناجحة حقاً في تشجيع الأسر على إنجاب الأطفال وزيادة عدد الشباب في البلاد، فيجب عليها أولاً معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وحلها.

وتحظى سياسات الزيادة السكانية باهتمام خاص من جانب صناع السياسات منذ ما يقارب عقد من الزمن، ولكن من الواضح أنهم لم يختاروا الطريقة الصحيحة والخبيرة لتحقيق هذا الهدف. يرجع انخفاض الخصوبة في إيران بشكل رئيسي إلى زيادة معرفة القراءة والكتابة والتعليم، والمشاكل الاقتصادية، والقيود الاجتماعية ونقص السكن، والأمن الوظيفي، وسياسات مثل حظر توفير وسائل منع الحمل وحظر الفحص والإجهاض، وليس فقط على المستوى الكلي، سيكون لها تأثير على زيادة معدل عدم إنجاب الأطفال، لكن تأثير تنفيذ هذه السياسات على النساء في المناطق المهمشة سيكون كارثياً، فهؤلاء النساء هن الأكثر تضرراً من مثل هذه السياسات؛ ومن بين هذه الأضرار الحمل غير المرغوب فيه وزيادة ولادة الأطفال المصابين باضطرابات وراثية.

 

التمييز منتشر في المجتمع بجميع طبقاته وفئاته

لدى صناع القرار في البرلمان هدف واحد فقط في صياغة هذا القانون من أجل تجديد شباب السكان. في الواقع، يغادر المزيد من الشباب إيران كل عام لأنهم لا يرون مستقبل لأنفسهم في البلد، وبعضهم لا يتمتع بالأمن السياسي والاجتماعي، والبعض لا يتمتع بالأمن الاقتصادي.

إن الحكومة الإيرانية غير قادرة على رؤية سبب الهجرة الجماعية للشباب في البنية المعيبة للديكتاتورية السياسية والنهب الاقتصادي للبلاد التي يقودها، ويعتبر أن المذنب الرئيسي هو العناصر الموجودة في الجامعات التي تشجع الشباب على مغادرة البلاد واليأس من المستقبل، وفي هذه الحالة، لجأ إلى نظرية المؤامرة بدلاً من النظر في المرآة.

ليس من الخطأ زيادة عدد السكان بالطريقة الصحيحة وفي الظروف الاقتصادية الصحيحة، ولكن يجب التفكير في ولادة سكان أصحاء، وإلا فإن الزيادة السكانية تجلب عبئ اقتصادي واجتماعي على المجتمع والبلد.

التمييز منتشر في المجتمع بجميع طبقاته وفئاته، ولم تتخذ الحكومة خلال هذه السنوات خطوات كافية لتحقيق الرفاه والمساواة وتغيير البيئة الحضرية والريفية الملائمة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، كما لم تقدم لهم سوى مرافق صحية واجتماعية محدودة. كما أنه على الرغم من الفجوة الطبقية العميقة والواسعة وانتشار الفقر في المجتمع، فإن هذه الضغوط وانتهاك الخصوصية تؤثر بشكل رئيسي على جزء المجتمع الذي لا يملك الثروة والموارد اللازمة لتمرير المحظورات والقيود.