إطلاق قوة عمل الاتفاقية c190 من أجل عالم عمل آمن للنساء

واقع النساء بحاجة للمزيد من ضمانات الحماية بعد تعرض الكثير منهن لانتهاكات حالت دون قدرتهن على العمل، وهو الأمر الذي تزامن مع إطلاق منظمة العمل الدولية للاتفاقية 190c، التي تعالج الكثير من الخلل الواقع وتقدم عدد من آليات الحماية لهن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أطلقت مجموعة من المؤسسات والمبادرات الشابة قوة عمل الاتفاقية 190c، من أجل واقع أفضل للنساء في عالم العمل، وتسعى المجموعة للتعريف بالاتفاقية وزيادة معدل الوعي ببنودها، فضلاً عن وضع ورقة قانونية تتعاطى مع ما ورد فيها من مواد كمقترح لتفعيلها والنظر في الخلل التشريعي المتعلق بعالم العمل الذي يضمن الأمن للنساء.

أكدت رئيس مجلس أمناء مؤسسة مبادرة المحاميات المصريات لحقوق المرأة ومحامية النقد هبة عادل، أن الاتفاقية تم إطلاقها عام 2019 وهي معنية بالحد من العنف والتحرش في عالم العمل، وتضع مجموعة من التدابير وسياسات الحماية وتنظم أغلب المعاملات التي تحدث في محيط العمل.

وأوضحت أن الاتفاقية مازالت غير معلومة أو ذات أولوية لذلك جاء دور مجموعة وقوة العمل من أجل التشجيع على التصديق لتدخل حيز التنفيذ

وقالت المحامية هبة عادل لوكالتنا أن هناك العديد من الدول لم توقع عليها وهو أمر استدعى تحضير لجنة تنسيقية يتم من خلالها إطلاق قوة العمل منها "الاتصال من أجل التنمية "آكت" وتدوين لدراسات النوع الاجتماعي، ومؤسسة النون لرعاية الأسرة، وجنوبية حرة، والمؤسسة المصرية لرعاية الأسرة، ومبادرة  مؤنث سالم، وسوبروومن".

وأوضحت أنهم يعملون في مسارين الأول تشجيع الدول على التصديق عليها وإدخالها حيز التنفيذ، والآخر يتعلق بالتوعية ببنود الاتفاقية فضلاً عن الرسائل الاستباقية التي تتعلق بالفترة التي تلي التوقيع عليها وما سيتطلبه ذلك من عمل بهدف التماشي التشريعي معها، بالإضافة للتعريف بسياسات الحماية التي يمكن العمل عليه بالشراكة مع المجتمع المدني، معتبرة أن تراجع النساء عن التواجد في المواقع القيادية وكذلك الانتاجية تعد أحد أهم أسبابه ما تتعرض له من انتهاكات في عالم العمل.

 

 

الاتفاقية تربط بين العنف الممارس في المنزل وواقع النساء في العمل

ومن جهتها بينت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة النون لرعاية الأسرة، منى عزت، أن شراكة العمل على اتفاقية  190c مهمة وضرورية لكونها من الاتفاقيات المؤثرة على واقع العاملات وتحتاج لتعريف المجتمع بها، فضلاً عن صياغة المطالب ورفعها للبرلمان وعدد من الجهات الأخرى من أجل إقرارها وتضمين ما جاء ضمنها من قوانين  تناقش جانب منها في الوقت الحالي وهو الأمر الذي يحتاج لعمل جماعي من أجل تحقيقه.

وأكدت أن الاتفاقية تحتوي على مواد وحقوق يمكن العمل عليها، منها قوانين العمل المناهضة للعنف وهو ما يتواكب مع مناقشة قانون العمل في البرلمان، وأيضاً تحدثت عن تأثير العمل المنزلي على النساء، وتكمن أهميته في الربط بين أوضاع النساء في منازلهن وفي العمل مما يجعل أصحاب الأعمال والنقابات والجهات الحكومية مسؤولة عن عمل تدخلات للحد من العنف الممارس عليهن، لافتة إلى أن هذا الربط هام ويحتاج للعمل على وضع إجراءات وسياسات تدعم تنفيذه.

وأشارت إلى أن الجزء الآخر من الاتفاقية يتحدث عن سياسات الحماية وسبل العمل على وجودها والأمر هنا غير مقتصر على وضع الكاميرات والإنارة الجيدة في مكان العمل، ولكنه أيضا يتضمن وضع آلية للمتابعة سواء كان من جهة الشكوى أو سياسات الحماية.

 

 

شهادات النساء خير دليل على حجم المعاناة

وبدورها أكدت عضو المجموعة التنفيذية لمبادرة مؤنث سالم شيماء الشواربي، أنهم شاركوا من أرض الواقع بالشهادات التي تم رصدها خلال الحملات التي اطلقتها المبادرة للوقوف على حجم الأزمات التي تعانى منها النساء في عالم عملهن والذى وصل لحد الوصم بالدور الإنجابي وتعريض الكثيرات للخطر خوفاً من الفصل وعدم وجود الدخل الكافي لسد احتياجات الأسر.

وأوضحت أنهم أطلقوا عدد من الحملات من بينها "بدون أجر"، التي رصدت عمل الكثيرات دون مقابل مادي يذكر وأنهم قاموا بعقد جلسة حوارية للنقاش حول إشكالية العمل الغير مأجور ووقفوا على أسبابه وحجم ما يلقيه على كاهل النساء من أعباء تضعهن في قبضة العنف الاقتصادي، فضلاً عن حملة "مش ذنبي إني أم" والتي من خلالها تم جمع شهادات حول معاناة النساء خلال فترات الحمل، والرضاعة، ورعاية الأطفال ومعاناتهن من الوصم والتضييق والحرمان من الحقوق بسبب ذلك، وأيضاً حملة "الأجر العادل حق" والتي رصدت حجم التمييز الذي عانت منه النساء والتباين الفج فيما يتقاضونه من أجر مع الرجال.

وقالت عضو المجموعة التنفيذية بمبادرة "مؤنث سالم" أن الشهادات جاءت موضحة لحجم الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في بيئات عملهن، معتبرة أن الاتفاقية تحقق جانب ليس بقليل من هدف المبادرة الاستراتيجي الهادف للوصول لـ "بيئة عمل آمنة خالية من التمييز والعنف والممارسات التي تنال من حقوقهن".

 

 

 

حماية النساء من العنف والتحرش يزيد معدل إنتاجهن وعلى العكس

ومن جهتها أوضحت رئيس مجلس أمناء مؤسسة وسائل الاتصال من أجل التنمية "آكت"، الدكتورة عزة كامل، أن قوة العمل تتكون ضمن مجموعة من المنظمات والمبادرات النسوية التي تستهدف العمل من أجل التصديق على اتفاقية  190c  المعلنة من قبل منظمة العمل الدولية والتي تركز على حماية النساء من العنف والتحرش في فضاء العمل وهو أمر هام لكون النساء والفتيات تتعرضن لانتهاكات جسيمة سواء كان داخل العمل أو في محيطه.

وأكدت أن ما يمارس على النساء من عنف وتحرش يؤثر بالتبعية على حجم إنتاجيتهن بل وعلى قدرتهن على المواصلة في سوق العمل، معتبرة أن الكثيرات تركن العمل بفعل تأثرهن بعالم العمل الغير آمن لهن.

وبينت أن الوقت قد حان للعمل من أجل بناء مجال عمل آمن للنساء، وواقع يضمن لهن الحقوق ويحول دون ما يحدث لهن من وصم وابتزاز في حال تقدمها بشكوى، مؤكدة أن النساء بالفعل بحاجة لتلك الاتفاقية لأن آفة العنف والتحرش تضاعفت من قبل أصحاب السلطة على النساء مما تجعلهن في قبضة الصمت أو الابتزاز وهو الأمر الذي يحتاج لتدخل من أجل حمايتهن.

 

 

التوعية ببنود الاتفاقية له أهمية من أجل دخولها حيز التنفيذ

وقالت الناشطة النسوية والمديرة التنفيذية لمبادرة سوبر وومن، آية منير إن مجموعة العمل تستهدف بدرجة كبيرة التوعية ببنود الاتفاقية لأنها تحتوي على الكثير من المواد التي تدعم قدرة النساء على العمل الآمن وتحميهن من الممارسات التي تنال من حقوقهن، فضلاً عن العمل على تشجيع المهتمين بمساحات النساء الآمنة للقبول بها والعمل من أجل تصديق الحكومات عليها.

واعتبرت أن مجموعة العمل التي انطلقت أمس الجمعة ستقوم بالتشبيك على مستوى المجموعات المهتمة بعالم عمل النساء من أجل واقع أفضل لهن، مضيفة أنهم سيقدمون عرض مبسط للاتفاقية لرفع معدل الوعي بها من خلال فعاليات وجلسات للتعريف ببنودها أكثر.

وقالت أنه لا مفر من التصديق على الاتفاقية 190c، لأنها آلية لحماية النساء في عالم العمل لكون القانون لا يلزم المؤسسات بوضع سياسات لحماية النساء من التحرش والانتهاكات التي تتعرضن لها، بداية من تأسيس المكان وصولاً للمعاملات خارج نطاق العمل.

 

 

وأوضحت رئيسة المؤسسة المصرية لرعاية الأسرة هالة عبد القادر أنهم يعملون في منطقة إمبابة وأن آخر مشاريعهم تتعلق بالمسافة الآمنة للنساء والفتيات، وأنهم لمسوا أن من أتين للشكوى إليهن كانوا النساء العاملات ومنهن مثلاً الرائدات الريفيات العاملات على طرق الأبواب وأيضاً الموظفات.

وبينت أن أغلبهن تعانين من نقص ما في مساحة أمانهن وأنهم لمسوا أن بعض النساء تصدقن أن دورهن الإنجابي بالفعل يشكل عورة وجهة العمل يحق لها انتهاك حقوقها، معتبرة أن العمل على تغيير الثقافة يعد الأهم إلى جانب القوانين والاتفاقيات لكون الانتهاكات راسخة في وعي الكثيرين وبحاجة لتغيير حتى يتم تحسين الواقع بشكل جذري وفعال.

وناقشت عضوة البرلمان المصري، النائبة سميرة الجزار، عدد من البنود الموجودة في الاتفاقية 190c، وطرحت مجموعة من التساؤلات المتعلقة بتنفيذها، مؤكدة أنها تولي قضايا العمل والنساء اهتمام كبير وترى في الاتفاقية نافذة أمل تحمي النساء مما يمارس عليهن من انتهاكات.