إطلاق التقرير السنوي لهيئة حقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب
أطلقت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب تقريرها السنوي لعام 2023، بحضور شخصيات لبنانية وعربية وعالمية وممثلين عن الهيئات الدولية والرسمية والمؤسسات الأمنية والمنظمات والجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ أطلقت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، أمس الخميس 30 أيار/مايو تقريرها السنوي لعام 2023، تحت عنوان "حماية وتعزيز حقوق الإنسان والوقاية من التعذيب التزام مطلق غير قابل للتقييد"، وذلك من خلال حفل أقيم في الضاحية الشرقية للعاصمة اللبنانية بيروت، بحضور شخصيات وممثلين عن الهيئات الدولية، الهيئات الرسمية، والمؤسسات الأمنية والهيئات والجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
ملخص للتقرير
يأتي إطلاق التقرير تطبيقاً لأحكام القانون رقم 62 تاريخ 27 تشرين الأول/أكتوبر 2016 (إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب) وتعديلاته لا سيما المادة 15 الفقرة "د" التي نصت على أن تضع كل من الهيئة واللجنة، كل في اختصاصها، تقريراً موحداً يتضمن برنامجها السنوي وإنجازاتها والصعوبات التي واجهتها، وترفع الهيئة تقريراً موحداً إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وينشر في الجريدة الرسمية، ويعود لمجلس النواب أن يناقش هذا التقرير.
هذا وقد أُنشئت الهيئة للعمل على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفق المعايير الواردة في الدستور اللبناني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والقوانين اللبنانية المتفقة مع هذه المعايير، بالإضافة إلى أداء المهام الخاصة المحددة في هذا القانون ولها في ذلك أن تتواصل بشكل مستقل مع الهيئات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان.
وحرص التقرير على عدم إيراد أية بيانات شخصية أو تفصيلية تكشف هوية الضحايا أو الشهود دون موافقتهم، وعلى ضوء ما توافر من معطيات، يبحث التقرير في حالة حقوق الإنسان في لبنان ويقدم استنتاجات رئيسية ولكن ليس بالضرورة شاملة ووافية بشأن انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، كما يفرد فصلاً لعرض أنشطة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وفصلاً آخراً لعرض أنشطة اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب.
ويعرض التقرير لبعض الحالات التي تم التحقيق بها، حيث يخلص التقرير إلى أن منع أعمال التعذيب وسوء المعاملة والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها أمام القضاء والتعويض لضحاياها ليست مسألة سياسة عامة فحسب، بل هي التزام مطلق وغير قابل للتقييد ملزم للدولة اللبنانية، بغض النظر عن التزاماتها التعاهدية، وأنه لا يمكن التذرع بأي ظروف استثنائية على الإطلاق لتبرير أي ممارسة من ممارسات التعذيب أو سوء المعاملة أو التغاضي عنها، وختم التقرير بالخلاصات والتوصيات، وأن الأنماط السائدة في تفاعل السلطات اللبنانية مع الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب لا تستوفي معيار "التعاون الكامل" الذي حدده القانون 62 / 2016.
"يجب احترام حقوق النساء والحد من الانتهاكات ضدهن"
وقالت أمينة سر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب رنا الجمل لوكالتنا إن "تعزيز ثقافة حقوق الإنسان يجب أن تتناول جميع فئات المجتمع من نساء وأطفال وفئات أكثر ضعفاً وشيوخ ومعوقين وغيرها، وبالنسبة للنساء فمن المؤكد أننا نعمل على احترام حقوقهن وتعزيز كرامتهن والحد من الانتهاكات التي ترتكب بحقهن، لكن هناك الهيئة الوطنية لشؤون المرأة التي تعمل بشكل تخصصي أكبر في هذا المجال".
وحول مضمون التقرير، فقد أوضحت أن "هذا التقرير يقرأ الواقع، ولا نستطيع التقدم إلى الأمام في مسألة حقوق الإنسان دون قراءة الواقع جيداً وتمحصه، والعمل على إيجاد الحلول والمعالجة، فهناك انتهاكات كثيرة ترتكب بحق الإنسان في لبنان وحتى في العالم أجمع".
وعن مهام الهيئة، فقالت "مهام الهيئة عديدة جداً أولها نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان من خلال دورات التوعية والندوات والمؤتمرات وورش العمل في المدارس والجامعات وغيرها، ومن خلال الإعلام أيضاً الذي يلعب دوراً مهماً جداً في هذا المجال، ومن خلال دور الهيئة التشريعي لاقتراح مشاريع القوانين وتعديلها حيث تدعو الحاجة، والتنسيق مع السلطة وأصحاب القرار لزيارة أماكن الاحتجاز والحرمان من الحرية والعمل على تحسينها وتأهيلها وغيرها من الأمور".
من جهتها، قالت المحامية فداء عبد الفتاح وقد شاركت ضمن لجنة الخبراء التي زارت السجون "الهيئة الوطنية التي دعت لهذا المؤتمر لإطلاق تقريرها السنوي، أضاءت على الانتهاكات الكبرى لحقوق الإنسان في كافة المجالات، خاصة بعد قيامها بمشروع له علاقة بزيارة مراكز الاحتجاز لدى قوى الأمن الداخلي وسجون الجيش اللبناني، وتم رصد العديد من هذه الانتهاكات التي لها عدة أسباب، والسبب الأساسي منها غياب دور الدولة اللبنانية في تسهيل الإمكانات التي تحمي تطبيق حقوق الإنسان في هذه الأماكن، كي نكون موضوعيين ولا نضع الحق على الأجهزة الأمنية، فعندما لا نعطي لهذه الأجهزة الحد الأدنى من إمكانات تسمح لهم بتطبيق هذه القواعد وحمايتها، بالتالي كيف يمكن محاسبتهم، هذا لا يعني أنه لا توجد أخطاء أخرى لها علاقة بضبط الأمور وتدريب العناصر المولجين بهذه المهام".
وأضافت "أما فيما يتعلق بحقوق المرأة، بالنسبة لي كرئيسة ومؤسسة جمعية تعنى بمحو الأمية القانونية، وهي ألف باء القانون، لا يمكن أن أقول حقوق المرأة وأصمت، فعندما تُنتهك الحقوق، تُنتهك بغض النظر عن الجنس، حقوقنا في هذا البلد منتهكة إلى حد كبير، نعم المرأة تكون العنصر الأضعف بسبب البيئة الاجتماعية والتركيبة والقوانين التي تحكمنا، ولكن أنا دائماً أنطلق بالحقوق من ناحية الإنسان بشكل عام".
بدورها قالت كارين حاج المسؤولة عن حقوق الإنسان من "المؤسسة الدولية الأمريكية للإدارة والسياسات العامة"، أنهم قاموا بتقديم الدعم المطلوب لإصدار هذا التقرير السنوي للعام الثاني من الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، "نود أن ننوه إلى أن محتوى التقرير مستقل تماماً، ويعبر عن آراء الهيئة، لكن بالتأكيد فإن مثل هذه التقارير التي تقيّم وضع حقوق الإنسان مهمة جداً، من أجل أن تتم متابعة هذه المراقبة وهذا التقييم وبحيث يشمل حقوق المرأة وحقوق الفئات المهمشة أيضاً".
وقالت مديرة المعهد العربي لحقوق الإنسان - فرع لبنان جمانة مرعي إنه من خلال وصف رئيس الهيئة لحقوق الإنسان بأنها "متدهورة" فهذا يعني أنه كل يوم تكون أسوأ من يوم، "في الحقيقة، ما يحكي قضايا حقوق الإنسان، ولا سيما اليوم، مع انهيار الدولة التي هي الحامية الأساسية للناس ولمصالحهم ولحقوقهم، والتي تراجع دورها جداً، إضافة إلى تنامي الخطاب الشعبوي الموجود في كل المناطق، وهناك تقوية لهذا الخطاب الشعبوي ليطال العديد من القضايا، وما يظهر في الصدارة اليوم أن هناك شعبوية في مواجهة أزمة اللجوء السوري في لبنان، وأنا أقول هناك شعبوية أكثر في مواجهة كل قضايا الحريات، هناك مواجهة للنساء ومواجهة لحرية الرأي والتعبير، هناك إرهاب مُمارس على الكثير من النشطاء في مجال حقوق الإنسان".
من جهتها، قالت عضو الهيئة واللجنة وممثلة نقابة الأطباء في بيروت جوزيان ماضي سكاف "في هذا التقرير أفيد عن برنامج لجنة الخبراء التي زارت مراكز الاعتقال لمدة ستة أشهر لزيارة السجون، وهذا القسم من التقرير كنت مسؤولة عنه مع رئيس الهيئة لجهة المتابعة والتنظيم فضلاً عن النتائج والتوصيات".
وحول الانتهاكات لحقوق الإنسان، أضافت "هناك العديد من الانتهاكات قد استمر لأيام في الحديث عنها، وهناك الكثير من العمل المطلوب، ولا وجود لحقوق الإنسان في السجون في لبنان"، موضحة أنه "لا يوجد الكثير من السجون للنساء من جهة، ومن جهة ثانية لا تؤمن حاجات المرأة الخاصة، من حاجات عائلية وصحية ونفسية، وبالتأكيد ليست موجودة للرجال، لكن للمرأة مستلزمات خاصة وليست متوفرة، وبحالة عامة فالسجون بحالة كارثية".