أصوات حقوقية تدعو إلى رفع التمييز والنظرة الدونية عن المطلقات في المغرب

أجمع فاعلون/ات حقوقيون/ات، على أنه برغم التطور الذي تعرفه مسألة تمكين النساء المغربيات، إلا أن النظرة النمطية لا تزال تحكم تعامل المجتمع مع المرأة المطلقة، داعين إلى رفع الحيف والتمييز والنظرة الدونية عن النساء المطلقات في المغرب.

حنان حارت

المغرب ـ قدمت جمعية حقوق وعدالة بمشاركة سفارة مملكة النرويج بالمغرب، نتائج مشروع "إدماج النساء المغربيات المطلقات في وضعية صعبة"، الذي تم العمل عليه لمدة ثلاث سنوات متتالية.

يهدف المشروع الذي أعلن عن تفاصيله في ندوة صحفية، نظمت أمس الجمعة 1 كانون الأول/ديسمبر بمدينة الدار البيضاء، إلى رفع التمييز والنظرة الدونية عن النساء المطلقات في وضعية صعبة، وتوعية المجتمع بالتحديات التي تواجههن في ظل الرفض المجتمعي لطلاقهن في بعض الأحياء.

وعن فكرة المشروع أوضحت المشرفة على مشروع إدماج النساء المغربيات المطلقات في وضعية صعبة بجمعية حقوق وعدالة أمال الأمين أن "الجمعية تتضمن مركز استماع للنساء في وضعية صعبة، وأن أغلب الوافدات وبالأخص المطلقات، لوحظ أنهن تعشن الاضطهاد والتمييز من طرف المجتمع الذي يراهن وصمة عار، من هذا المنطلق انبثقت الفكرة وقررت الجمعية عقد شراكة مع السفارة النرويجية للعمل على النساء المطلقات في وضعية صعبة".

وأضافت "النساء المطلقات في المغرب، بغض النظر عن انتماءهن الاجتماعي، تواجهن التمييز من طرف المجتمع وأسرهن، اللاتي ترفض بأن تكون بناتهن مطلقات".

ولفتت إلى أن المجتمع يصدر مجموعة من الأحكام عن المرأة المطلقة والتي سبق تجهيزها، حيث تقف المطلقة عاجزة أمام الوسيلة الناجعة لتغيير هذه الأحكام، فتختار عادة أن تصدق أو تتماشى مع هذه الأحكام لتؤمن أنها تشبهها فعلاً.

وأوضحت أنه "في مجتمعاتنا يلقى كل حمل الطلاق على ظهر المطلقة وحدها، وكأن الزوج معفى من هذه المسؤولية تماماً، فتضطر أحياناً أمام الضغوطات التي يمارسها المجتمع إلى الصبر والصمت والخضوع للعنف للحفاظ على بيت الزوجية".

وقالت إن المجتمع بأحكامه يعاقب المرأة المطلقة على ذنب لم ترتكبه، فتقع تحت نظرة قاسية بحكم ثقافة المجتمع والفهم الخاطئ لأعرافه.

وحول أهمية الدعم النفسي للنساء المطلقات أكدت "تواجه المرأة المطلقة العديد من الاضطرابات النفسية بسبب نظرة المجتمع لها، حيث تتعرضن للإحباط وتعانين مشاعر الحرمان، والتوتر والقلق"، مشيرةً إلى أن النساء المستفيدات في إطار المشروع تمت مرافقتهن من طرف أخصائية نفسية من أجل إعادة الثقة في النفس، كما استفادت عائلاتهن من الوساطة الأسرية من أجل تقبل المرأة المطلقة، وكذلك الأطفال تمت مرافقتهم "نعرف مدى تأثرهم نتيجة انفصال الأبوين، لهذا المرافقة النفسية مهمة بالنسبة لهم من أجل تهيئهم لعيش حياة سليمة".

وأوضحت أن المشروع استفادت منه 36 امرأة مطلقة في وضعية صعبة، واستفادت كذلك 61 امرأة في وضعية صعبة من سلسلة تكوينات من أجل تمكينهن وإدماجهن بسوق العمل، كما ساعدت الجمعية 30 امرأة من أجل الاندماج في سوق العمل، وكذا مواكبة 5 نساء في إنشاء مقاولاتهن في ميادين الطبخ والخياطة والحلاقة والتجميل، كما استفادت 36 امرأة مطلقة في وضع صعب من 74 جلسة عمل جماعية نفسية بالموازاة مع الجلسات والتتبع الفردي مع الإخصائية النفسية.

وبينت آمال الأمين أن المشروع ركز على شق الترافع "لا يمكن النجاح في مساعدة النساء المطلقات دون الرجوع إلى ما هو قانوني وبالخصوص مدونة الأسرة والتي قدمت في شأنها جمعية حقوق وعدالة مقترحات وتوصيات للجنة المكلفة بتعديل المدونة وشملت التوصيات قضية الولاية الشرعية والنفقة والحضانة وغيرها".

 

 

ومن جانبها أوضحت فاعلة مدنية أسماء عبد الهادي أن العمل على رفع النظرة الدونية للنساء المطلقات، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاعتبارات التي لها علاقة بوضعية هذه الفئة من النساء.

وأضافت "صحيح أن هناك ضمانات قانونية يضمنها المشرع المغربي؛ ولكن على مستوى التنزيل هناك إشكاليات كبيرة، وأي قانون بدون سياسات عمومية اجتماعية تضمن للنساء ولوج الخدمات الاجتماعية في أبسط الحقوق سيكون قانون تشوبه مجموعة من المعوقات".

وحول دور المجتمع المدني وانخراطه في إيجاد الحلول قالت أنه يلعب دوراً حيوياً في تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال التوعية، والدفاع عن الحقوق، والمراقبة، والتعاون والشراكة، ولكن في حالات كثيرة يبقى المجتمع المدني عاجزاً أمام إيجاد الحلول، ولكن المؤسسات الحكومية تبقى هي المسؤولة عن إيجاد الحلول.

وأشارت إلى أن هناك حالات كثيرة يتم طردها من بيت الزوجية فيكون مآلها الشارع رفقة أطفالها، بعدما يرفض أهلها استقبالها "على الدولة التفكير في هذه الحالات وإيجاد حلول لها مثلا العمل على افتتاح أماكن للإيواء التي تكون مخصصة لهذه الفئة من النساء وفق شروط معينة، فهناك تجارب ويمكن الاستفادة منها".

كما اعتمدت الجمعية على الرسوم الكاريكاتيرية خلال حملاتها التحسيسية والتوعوية بالتحديات التي تواجهها النساء المطلقات في وضعية صعبة في مجتمع لا يتقبل طلاقهن، وعرضت جمعية حقوق وعدالة، شهادات صادمة لنساء مطلقات تفيد تعرضهن لمعاناة الابتزاز الجنسي ورفض المجتمع وضغط الأسرة وأعباء الأطفال.