'أنتم لستم وحدكم تعالوا نردد معاً: 'Jin Jiyan Azadî

أثار المؤتمر العالمي الثاني للمرأة في برلين تحت شعار "ثورتنا: تحرير الحياة"، حماساً كبيراً بين جميع نساء العالم، وأكد على ضرورة النضال المشترك للوصول إلى الحرية.

مقال بقلم: زهرة دوغان

تعرف جميع النساء المناضلات أن أوروبا ليست أرض "الحرية والديمقراطية" كما يقال. في هذا المكان حيث أرواح النساء محاصرة في جدران زجاجية غير مرئية، فإن عقد مثل هذا المؤتمر هو موقف ثوري قيم للغاية، ليس فقط للجغرافيا الكردية، ولكن أيضاً لنساء العالم كله. الحقيقة أن الانتفاضة الشعبية التي بدأت في شرق كردستان وإيران بعد مقتل جينا أميني على يد السلطات الإيرانية انتشرت في جميع أنحاء العالم. النساء الكرديات اللواتي رفعن شعار Jin Jiyan Azadî، لن تتخلين عن النضال.

في مواجهة المساعي الشعبوية المبنية في الدول الذكورية الليبرالية الجديدة الرامية إلى تشويه شعار Jin Jiyan" Azadî" من محتواها فإن عقد مثل هذا المؤتمر كان في محله. كان من المهم الإشارة إلى أن مبتكري هذه الفلسفة ما زالوا في صفوف الكريلا، يقاتلون من أجل حرية الناس ويسجنون لسنوات، وقد قدموا هدية لنساء العالم. كان من المهم أيضاً ألا ننسى أن هذا الشعار هو إرث ناكيهان أكارسال التي ضحت بـ 35 عاماً من أجل الحركة النسائية الكردية وقتلت في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، وآلاف الكرديات اللواتي قضين في سبيل هذه القضية.

ألقت المتحدثة باسم حركة المرأة الكردية في أوروبا (TJK-E) مليكة يشار الكلمة الافتتاحية وخاطبت النساء من مختلف المكونات، وقالت "القلوب أزالت المسافة بين الحدود واللغة والمناخ والجغرافيا، إيماننا ببعضنا البعض، الثقة، العمل معاً تحت نفس الشمس يكفي هذا المجتمع الذي يتحلى بكل هذه الشجاعة، أحييهم بكل حماس". قوبلت كلماتها بالدموع والتصفيق في القاعة. لأنه في تلك القاعة، جاءت مئات النساء من مسافات طويلة إلى المؤتمر، لأداء طقوسهن السنوية، وللتواصل مع النساء وتقويتهن وللقيام بمسؤولياتهن البعيدة عن بعضهن البعض، والعودة إلى ميادين نضالهن. إن وصف مليكة لذلك المجتمع بالمجتمع الشجاع أسعدت قلوب النساء.

شعرت أنه من خلال هذا المؤتمر تمكنا على الأقل من تخفيف آلام قلبنا الجريح الذي سلب منا بعد ناكيهان أكارسال. كما شهدت إصرار رفيقاتها، الذين يكملون ويواصلون نضالها من حيث تركته، جعلني فخورة ومعتزة مرة أخرى، لقد استمعت بكل جوارحي إلى النساء اللواتي ناضلن لسنوات في نفس ميادين ناكيهان أكارسال، رغم آلام قلوبهن، ومواقفهن الثابتة والراسخة، وأساليب المقاومة الجديدة التي قدموها لنساء العالم. عندما كنت أستمع إلى أقوال وكلمات ناكيهان أكارسال عن الثورة "إذا كنا نؤمن فإننا سنفعل"، تعلمت الكثير منهن واستمعت إليهن وهن تؤكدن الانتماء إلى هذا النضال في قرارة أنفسهن.

 

تحدثت النساء عن تجاربهن في النضال

عندما كنا نستمع إلى تجارب نضال مئات النساء اللواتي تختلف تعريفاتهن للديمقراطية والحرية عن بلدان بعضهن البعض، شهدنا مرة أخرى أنه على الرغم من تواجدنا في مناطق جغرافية مختلفة، إلا أن قصصنا متشابهة جداً. على سبيل المثال، عندما كنت أستمع إلى نيزول لونكو، وهي عضوة في  كومونا كونكا، من شعب المابوتشي الذين غزوا الأرجنتين وتشيلي، في المؤتمر، شعرت أن قصتها هي نفسها مثل قصة النساء اللواتي عشن قبلي بجيل أو جيلين... أثناء مخاطبتها مئات النساء في القاعة، فإن تصميمها وطريقة التعبير عن نفسها وكلماتها عن النسوية الأوروبية، كانت بمثابة دروس.

 

نيزول لونكو: علاقتنا بالطبيعة تتعرض للترهيب

قالت نيزول لونكو إنه قبل احتلال أرضهم، كانت الرائدات تشاركن في كل مجالات الحياة وقالت "نحن تحت الاحتلال منذ سنوات. يقولون إننا لا نؤمن بالله، نحن لسنا متحضرين، نحن ضد التكنولوجيا ومتخلفون. يتم ترويع علاقتنا بالطبيعة. إنهم يلومون نظرتنا إلى أنفسنا كجزء من الأرض. من خلال تعريفنا فإننا جاهلون وفلاحون، فإنهم يهدفون إلى التحديث وإخراجنا بسهولة من أرضنا بهذه الطريقة. لكني لا أعرف كيف أعيش في الطبيعة، بدون خضرة، وبدون تربة. لا يمكننا أن نفهم مثل هذه الحياة. هناك الكثير من الناس في العالم الذين يدخرون المال. يقضون حياتهم مع المدخرات. لا يمكننا أكل المال. العملات المعدنية قاسية، والأوراق الورقية مذاقها سيئ.

 

يبقى العالم صامتاً حيال احتلال أرضنا

عندما كنت طفلة، كانت والدتي في السجن. تعلمت المقاومة من والدتي. أحرق المستعمرون منزلي خمس مرات. في كل مرة أعيد بناء منزلي بيدي. نريد أن نعيش بحرية على أرضنا. لقد عانيت كثيراً، لكني أقول؛ ما لا يقتل الألم يجعله أقوى.

كان الجزء الأكثر فاعلية في خطاب نيزول لونكو هو العقلية الأوروبية المعيارية لـ "المساعدة" وانتقادها الخفي لعدم السلبية ونخبوية النسوية "هناك احتلال على أرضنا، والعالم يظل صامتاً حياله. تأتي منح UNO أحياناً لأن شعبنا فقراء. لكنهم لا يعرفوننا. على سبيل المثال، يأتون مع الحقن ويقولون "لنحقن الجميع". لم يتم تطعيمنا مطلقاً، ولا نريد أن يتم تطعيمنا.

 

يوجد الآلاف من أبناء المابوتشي في السجون

لكن في الوقت نفسه، فإن المنظور النسوي يمثل إشكالية. لا تفهموني خطأ، أنا لست ضد النسوية، لكني أريدكم أن تفهمونا بشكل أفضل. عندما تنظر إلينا، فإنك تصنع صورة لنا في ذهنك. عندما تنظر إلينا، تبدو وكأنك تنظر إلى لوحة. تعتقدون أننا مثيرون للاهتمام. بعبارة أخرى، النظرة الأوروبية تجاهنا مشابهة لمن يستغلوننا. لكني أريد تعاونكم. الآن الآلاف من أبناء المابوتشي في السجون. يرجى كتابة رسائل دعم لهم. واكتبوا أيضاً إلى دولتي الأرجنتين وتشيلي إنكم ضد استغلالنا".

 

ديلار ديريك لفتت الانتباه إلى الانتهاكات المستمرة

انتقاد نيزول لونكو للنسوية هو نقطة تنتقد أيضاً من قبل المرأة الكردية، الكاتبة والمختصة في علم الاجتماع ديلار ديريك التي أشارت بشكل مباشر إلى الحركة النسائية الكردية، قالت "لقد ازداد اهتمامكن بالحركة النسائية الكردية، والمقاتلات الكرديات بعد القضاء على داعش التي كانت تشكل خطر على الجميع. ورأيتم أن المرأة الكردية كانت تقاتل ضد هذا الخطر". كان هذا تقييماً مهماً أن نساء العالم عبرن عن أن مقاربتهن لنضال المرأة الكردية مهمة، لكن الحركة النسائية الأوروبية ليست فعالة ومجدية في مواجهة الانتهاكات، وقالت ديلار ديريك "الآن في ألمانيا يتم تجريم حركة الحرية الكردية، هل تعلمون ذلك؟ النساء اللواتي تعقدن هذا المؤتمر يجبرن على الإدلاء بشهادتهن في أقسام الشرطة كل يوم". وأشارت إلى أن الحركة النسوية في أوروبا يجب أن تكون في خضم تحقيق جذري حول بلدانهم، فهذه قضايا تحتاج إلى نقاش جاد ونتائج.

 

"النسوية الليبرالية تخلق النخبوية"

كما قالت ديلار ديريك، إن الحركة النسوية إلى التحقيق في كيفية استخدام الأسلحة والسيارات المدرعة والأسلحة الكيماوية المصنعة في بلادهم ضد الشعب الكردي والعديد من الشعوب الأخرى، أكثر من التعاطف الرومانسي. في هذه المرحلة، تعتبر كلمات ديلار ديريك هذه انتقاداً مهماً للنسوية "يجب أن تكون حركات تحرير المرأة في أوروبا أكثر نشاطاً. على النساء أن تسألن "ما هو الدور الذي يلعبه بلدي في تشكيل داعش والعديد من المنظمات الأخرى، كيف يتم تشكيل هذه التنظيمات؟" اليوم، يعرّف الجميع على أنه نسوي. ولكن هذا ليس صحيحاً. أكثر ما يميزنا بين النساء هو النسوية الليبرالية. النسوية الليبرالية تخلق ملامح النخبة. عندما عقدنا هذا المؤتمر لم نطلب فلساً واحداً من أي دولة ولا من أي شخص ثري ولا من أي حزب سياسي. لأننا كنساء مناضلات، لا نريد التحدث في ظل أموالهم.

 

"يجب أن نناضل معاً"

نحن مستقلون. مهمتنا هي الثورة، وحركة النسوية الليبرالية لا تسمح للحركة بالتشكل. عندما نقول ثورة، فإننا لا نتحدث عن شيء مجرد. علينا تحديد ثورة جديدة والابتعاد عن فكرة أوروبية. نحن حركة نضال جماعي، يجب أن نناضل معاً. يجب أن نحارب الإبادة الجماعية الأيديولوجية، فلا يمكن للنظام أن يسرق رموزنا وشعاراتنا. يتم إدراج نموذج المقاتلات الكرديات إلى هوليوود من باب الترفيه، لكن في الوقت نفسه، عندما يُقتلن بمواد كيماوية، لا أحد يتحدث عن ذلك. فلماذا يفعلون هذا؟ من ناحية أخرى، فإن قوتهم مطلوبة لاستخدامها خاصة من قبل الحركات اليمينية. كيف تستخدم الدول الحركات الاجتماعية لمصالحها الخاصة؟ أي الأنظمة النسوية هي في الواقع مناهضة للنظام، وتخدم منطق الدولة. أريد أن أسأل سؤالاً؛ هل نفهم حقاً المنطق الذي أوجد داعش؟ حتى لو كنتِ بعيدة عن الشرق الأوسط، فنحن كنساء يجب أن نسأل هذا السؤال: ما هو الشيء الذي خلق داعش؟ إذا لم نتمكن من العثور على إجابة لهذا السؤال، فستظهر تنظيمات مثل داعش في كل عصر".

 

ميادين نضال المرأة

من نضال شعب المابوتشي ضد تدمير أرضهم وهويتهم، إلى النضال النسوي في الأرجنتين، شعرت جميع النساء في القاعة بمدى صعوبة نضال النساء.

شاركت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي آسيا عبد الله، التي شاركت في المؤتمر من روج آفا، تجاربها وخبراتها مع الحركة النسائية الكردية أثناء الاستماع إلى قصص نساء الشرق الأوسط حول النظام القمعي على النساء والأقليات في بلدانهن. ظهرت فكرة مدى أهمية حياة المجتمع الديمقراطي ليس فقط للكرد، خاصةً بالنسبة للشرق الأوسط وبشكل عام للعالم كله. في الوقت نفسه، خلقت رسالة المقاتلات الكرديات اللواتي شاركن في المؤتمر بأشرطة فيديو من جبال كردستان وشرق كردستان وإقليم كردستان تفاعلاً كبيراً في القاعة.

كان من المفيد جداً أن نجتمع نحن النساء اللواتي تلقين قوة كبيرة من المؤتمر، في هذه الأماكن النيوليبرالية وما يسمى بالديمقراطية، مثل أوروبا، وأن نجتمع معاً في الاجتماعات القادمة بنفس التصميم على النضال تحت مظلة واحدة. مع هذا المؤتمر، تم تذكيرنا مرة أخرى بأنه يجب ألا ننسى أبداً أن لدينا الآلاف من الرفاق، فكلما كنا ضعفاء، سيتواصلون معنا ويقولون "لستم وحدكم، تعالوا نردد سوية شعار المقاومة: "Jin Jiyan Azadî.