انطلاق الدعاية الانتخابية في سوريا مع تغييب تمثيل حقيقي للنساء

رغم إعلان اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري عن إغلاق باب الترشح وبدء الدعاية الانتخابية، فإن الأرقام تكشف عن فجوة صارخة في تمثيل النساء.

مركز الأخبار ـ تستعد الحكومة السورية المؤقتة التي يديرها جهاديي هيئة تحرير الشام، لأول تجربة انتخابية وفق تشكيل الهيئات الناخبة في ظل غياب معايير الشفافية، التوازن الاجتماعي، وضمان العدالة الجندرية في تمثيل السوريين داخل البرلمان.

أغلقت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري اليوم الاثنين 29 أيلول/سبتمبر، باب الترشح لعضوية المجلس، معلنة انطلاق مرحلة الدعاية الانتخابية وسط جدل متصاعد حول استبعاد أسماء من القوائم النهائية وتدني نسبة تمثيل النساء.

 

أرقام هزيلة وتفاوت مناطقي صارخ

وقد بلغ عدد المرشحين لعضوية مجلس الشعب 1578 مرشحاً، بينهم فقط 221 امرأة أي بنسبة لا تتجاوز 14%، مع تفاوت كبير بين المدن، ما يعكس استمرار التهميش البنيوي للمرأة في الحياة السياسية، رغم الخطاب الرسمي الذي يروج لـ"التوازن الاجتماعي" و"التنوع الثقافي"، حيث سجلت دمشق أعلى نسبة تمثيل نسائي بـ31.9%، بينما تراجعت النسبة بشكل حاد في مدن مثل إدلب، حماة، ودير الزور، التي لم تتجاوز فيها نسبة النساء 5%، وفق مصادر محلية، وهو ما يفضح غياب الإرادة السياسية لضمان تمثيل نسائي عادل في جميع المناطق.

وقد اكتفت اللجنة بالإشارة إلى أن النسبة "مشجعة"، دون أي التزام بمعالجة الفجوة أو ضمان الحد الأدنى من التمثيل النسائي في الهيئات الناخبة، وبررت استبعاد أسماء من القوائم النهائية بـ "أمور تقنية" تتعلق بالتوزع السكاني والاختصاص العلمي، متجاهلة أن هذه المعايير قد تستخدم لتصفية الأصوات النسائية أو المعارضة تحت غطاء التوازن، كما أن التبرير بأن الشطب لا يمس "مكانة الأشخاص أو ولائهم الوطني" يفتقر إلى الشفافية، خاصة في ظل غياب آلية واضحة للطعن أو المراجعة.

وتتضمن مدونة السلوك التي ألزمت بها اللجنة المرشحين بنوداً ضد استخدام الخطاب التحريضي والطائفي، لكنها لا تتضمن أي ضمانات لحماية النساء من التمييز أو العنف السياسي، ولا تشير إلى آليات لمساءلة الحملات التي تهمش النساء أو تستخدم خطاباً ذكورياً اقصائياً، فغياب بند واضح حول المساواة الجندرية يضعف مصداقية المدونة كإطار أخلاقي.

ورغم وصف اللجنة لهذه الانتخابات بأنها "تجربة أولى على مستوى سوريا"، فإنها لم ترفق التجربة بأي إصلاحات بنيوية تضمن مشاركة النساء والفئات المهمشة، الاكتفاء بالإعلان عن بدء الاقتراع في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، دون أي إجراءات لضمان بيئة آمنة وشاملة للنساء، يجعل من العملية الانتخابية تكراراً لنمط سلطوي يعيد إنتاج التمثيل الذكوري.

وتزامناً مع العملية الانتخابية، وثقت منظمات حقوقية ونسوية سلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها جهاديي هيئة تحرير الشام بحق النساء، خاصة في الساحل السوري، حيث شهدت المنطقة مجازر جماعية في آذار/مارس الماضي، راح ضحيتها المئات من المدنيين، بينهم نساء وأطفال. 

والجدير ذكره أن العملية الانتخابية الحالية كما عرضتها اللجنة العليا تفتقر إلى رؤية نسوية حقيقية تضمن مشاركة النساء كفاعلات سياسيات لا مجرد رموز، التمثيل العددي لا يكفي والمطلوب بحسب الناشطات والسياسيات هو التزام سياسي واضح بإزالة العوائق البنيوية أمام النساء، وضمان أن تكون الانتخابات أداة للعدالة الجندرية لا مجرد واجهة ديمقراطية شكلية.