إنصاف المرأة في العملية الانتخابية... نتاج نضال دؤوب

تعتبر نساء إقليم شمال وشرق سوريا الانتخابات خطوة تاريخية نحو نموذج ديمقراطي تقتدي به كافة نساء العالم.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ تمثل انتخابات البلديات في إقليم شمال وشرق سوريا بالنسبة للنساء خطوة تاريخية في صفحات نضالها لأنها تساهم في ترسيخ ثقافة المساواة بين الجنسين، وترقي كفاحها لنموذج تقتدي به كافة نساء العالم.

تترقب النساء في إقليم شمال وشرق سوريا بروح ومعنويات عالية اقتراب الـ 11 من حزيران/يونيو، الذي يمثل بالنسبة لهم خطوة تاريخية في درب نضال تحرير المرأة، ونموذج مثالي نحو تحقيق المساواة بين الجنسين.

وسيشهد إقليم شمال وشرق سوريا في الـ 11حزيران/يونيو انتخابات البلديات، والتي ستجرى للمرة الأولى في مقاطعاتها السبعة، وما يمنح المرأة الشغف لاستقبال هذا اليوم هو الإنصاف بين الجنسين في العملية الانتخابية إذا تتمتعت المرأة بنسبة مشاركة 50 بالمئة.

 

التحالف بين الحركات النسائية ضمان لتحقيق المناصفة

اعتبرت مريم عثمان عضو منسقية مجلس تجمع نساء زنوبيا في المقطعات الأربع المحررة (الطبقة، الرقة، منبج، دير الزور) العملية الانتخابية في الإقليم حدث تاريخي "سابقاً الشعب بشكل عام والمرأة بشكل خاص لا تمتلك حق التصويت والاقتراع بينما الآن رأينا نجاح تجربة العملية الانتخابية وبمشاركة المرأة".

ولفتت إلى النضال الذي خاضته المرأة لتصل إلى هذه الإنجازات "ارتقت المرأة لمستوى أصبحت قادرة فيه على أداء هذه الخطوة بعد مسيرة كبيرة من الكفاح والنضال، فالمرأة ناضلت على مدى سنوات من أجل حقها في الاقتراع واليوم تطبق إرادة المرأة الحرة على أرض الواقع في إقليم شمال وشرق سوريا، وهذا النموذج جدير الاحتذاء به من قبل كافة بلدان العالم".

وتطرقت إلى واقع المرأة خلال سنوات الأزمة السورية "في فترة سيطرة مرتزقة داعش كانت تعاني المرأة من شتى أنواع الاضطهاد، عبر استعبادها كجارية وسبية تباع وتشترى، بينما الآن نشهد الفارق بين الفترتين وتحول تاريخي فاليوم في مناطقنا تخرج المرأة لتعبر عن إرادتها بكامل حريتها واستطاعت تخطي كل معاناة الأعوام الماضية، وباتت النموذج الذي يحتذى به العالم أجمع من خلال التنظيم المبني على تحرير المرأة، فشعار jin jiyan azadî الذي انطلق مع ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا ليصبح شعار عالمي خير مثال على ذلك".

وعن دور تجمع نساء زنوبيا ومؤتمر ستار اللذان مثلا هوية المرأة في المنطقة وتحالفاً مع الأحزاب السياسية لخوض العملية الانتخابية بينت أنه "التمثيل الحقيقي لإرادة المرأة الحرة نشهده اليوم من خلال تحالف تجمع نساء زنوبيا ومؤتمر ستار مع الأحزاب السياسية كحزب سوريا المستقبل وحزب الاتحاد الديمقراطي، فهذا التحالف يمثل المعنى الحقيقي لإرادة المرأة عبر هويتها المتجسدة في هذه الحركات النسائية الناتجة من أيديولوجية تحرير المرأة".

ونوهت إلى دور وحدات حماية المرأة في تحقيق مكتسبات ثورة المرأة ودور تجمع نساء زنوبيا ومؤتمر ستار في الحفاظ عليها الآن عبر نضالها في الميدان السياسي والاجتماعي والدبلوماسي في برلمانات دولية وقيادتها للعملية الانتخابية لتكون مثالاً تقتدي به نساء العالم "وحدات حماية المرأة استطاعت تنظيم نفسها وحققت إنجازات عبر تسطيرها لأعظم البطولات في ساحات المعارك ودحر أخطر تنظيم إرهابي في العالم المتمثل بداعش".

وأكدت "نحن اليوم نسعى إلى تمثيل الكونفدرالية النسائية الديمقراطية من خلال تمثيل المرأة بتواجدها مناصفة مع الرجل فنحن نتحدث عن نموذج الرئاسة المشتركة فهو النموذج الوحيد والأول الذي يمثل المساواة بين الجنسين، فكل الحركات النسائية التي قامت في المناطق الأوروبية والتي تنادي بالديمقراطية ترى بأن المرأة تمثل من خلال نموذج الرئاسة المشتركة المعنى الحقيقي للمساواة وتمثلها على أرض الواقع، وآخر ما حققته المرأة وتناضل من أجل إنجاحه هو إشراك المرأة بالعملية الانتخابية عبر ترشيح ذاتها والإدلاء بصوتها دون أن تتعرض لأي ضغط في اختيار الشخصية التي تمثلها لأن إرادتها هي التي تدفعها لاختيار ممثلتها".

وقالت أن النضال المشترك بين النساء هو الذي سيسطر تاريخ حرية المرأة "نضالنا جميعاً هو من أجل هدف مشترك، فمساعينا ليس فقط تحرير المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا بل تنظيم كافة نساء العالم وهذا الأمر لن يتحقق إلا إذا توحدت النساء وكنا يداً بيد لتحقيق هذا الهدف، فاليوم نحن كنساء نسطر تاريخ المرأة فكما قال القائد عبد الله اوجلان تاريخ عبودية المرأة لم يكتب ولكن تاريخ حرية المرأة سيكتب فاليوم نحن كنساء بفكر حر وإرادة قوية نكتب تاريخنا ونمثله بالمعنى الحقيقي بإنشاء الكونفدرالية النسائية الديمقراطية بمبادئ وأيديولوجية المرأة الحرة".

 

 

 

الانتخابات هي خطوة لتعافي المجتمع

وبدورها قالت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة منبج في إقليم شمال وشرق سوريا عذاب العبود، بعد انسداد أفق الحل للأزمة السورية التي كانت نتيجة تدخلات خارجية وتعنت أطراف داخلية لإيجاد حلول تخدم مصلحة الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية، وأيضاً التمثيل العادل للمكونات، كانت نواة الحل ثورة 19 تموز في إقليم شمال وشرق سوريا، هذه الثورة التي كان نتاجها مشروع الإدارة الذاتية الذي يعطي حقوق كافة المكونات والشرائح الاجتماعية ومن بينهم المرأة التي حصلت على التمثيل العادل في جميع مجالات الحياة، ومنها نظام الرئاسة المشتركة الذي كان بروح أخوة الشعوب والتعايش المشترك، إلى جانب دستور ينظم الحياة العامة أكثر ويرمم الشرخ الموجود بين فئات المجتمع، وينظم العلاقات بين المكونات وبين الإدارة الذاتية ألا وهو العقد الاجتماعي الذي تم التصديق عليه خلال الفترة الماضية، والذي كان نموذج الحل لكافة معاناة الشعب السوري ولإعادة صياغة الدستور السوري الحالي".

وتطرقت عذاب عبود إلى المحاولات الدولية لحل الأزمة السورية "جميع المحاولات الدولية فشلت في تقديم حل للأزمة السورية، وحتى الجهات الداخلية فشلت في استيعاب المرحلة ما عدا مناطق الإدارة الذاتية التي استطاعت استيعاب المرحلة رغم كافة التحديات، والذي امتاز بتنظيمه رغم ضعف إمكانيته، وهذا ما جعله رقماً صعباً في جميع المعادلات الدولية".

وعن التحديات التي اجتازتها الإدارة الذاتية أوضحت "نحن في شمال وشرق سوريا رغم الضغوط المتكررة والتهديدات الجدية والهجمات الدائمة على مناطقنا من جميع الأطراف وخاصة من قبل الدولة التركية، ومحاولات تفكيك الحاضنة الشعبية لدى الإدارة الذاتية ومحاولات حكومة دمشق بإعادة ذهنية الاستبداد الذي عانى منها الشعب السوري لأكثر من نصف قرن، خطينا خطوات ساهمت في التغيير، وكانت انتخابات البلديات هي منعطف مهم في إعادة المسار الصحيح لحقيقة السياسة ووظيفتها في المجتمع والتي تمثل إدارة المجتمع".

وأكدت أن "الانتخابات في شمال وشرق سوريا تدل على مدى إصرار المجتمع السوري على التغيير لبناء نظام ديمقراطي يكون القرار والدور الأكبر للشعب السوري، ونحن على يقين بنجاح هذه التجربة"، مشددة على أن "ذلك سيساهم في تعافي المجتمع من نظام كان السياسية في حكر على فئة معينة".

 

 

 

خطوة تساهم في إعادة ثقة الشعب بإرادته

فيما قالت عضو المفوضية العلية للانتخابات ممثلة عن مقاطعة منبج شهريبان جاويش "تجربة الانتخابات للمرة الأولى ستخاض في إقليم شمال وشرق سوريا بكافة مقاطعتها، وستكون هذه الانتخابات ديمقراطية وفق قانون الانتخابات في الإقليم".

وأوضحت عملية الانتخابات التمهيدية التي أجريت مؤخراً "الانتخابات التي أجريت هي انتخابات داخلية لترشيح كل حزب لممثله وترفع قائمة أسماء المرشحين للمفوضية العلية للانتخابات، وايضاً بإمكان الشخصيات المستقلة تشريح أنفسهم من نساء ورجال".

ولفتت شهريبان جاويش إلى مهام مفوضية الانتخابات "تتشكل مفوضية الانتخابات في المقطعات من ممثلين عن مجلس العدالة الاجتماعية لثقة الشعب بعدالتهم، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى، وجميع الأعضاء محايدين ولا ينتمون لأي حزب، وقد أدوا القسم بمتابعة العملية الانتخابية ليضمنوا نزاهتها، عبر متابعة عمل الصناديق في يوم الاقتراع وفرز الأصوات لإعلان النتائج"، مؤكدة أن "هذه الخطوة إيجابية لأنها ستعيد ثقة الشعب بإرادته لأن هو من سيختار ممثليه، وستجرى العملية الانتخابية للبلديات كل عامين مرة واحدة وبإمكان المواطن تغير المرشح في حال لم يقدم الخدمة المطلوبة لهم".