اليوم العالمي للمرأة الريفية والتوعية بحقوقها ومكانتها
تستيقظ نساء القرى كل صباح وعليهن القيام بالمهام الشاقة في حياتهم اليومية التي تم تكليفهن بها كواجبات. المرض والألم والضعف والعجز والشيخوخة وما إلى ذلك ليس له معنى فهنا يجب العمل دوماً.
سارا محمدي
جوانرود - في أعقاب أزمة نقص الغذاء واتساع فكرة الوصول المستدام إلى الموارد الغذائية، تم الاهتمام بالمكانة المهمة للمرأة الريفية في الزراعة وإمدادات الغذاء ومكافحة الفقر، وعلى ذلك قامت المنظمة الدولية في 15 تشرين الأول/أكتوبر عام 2007 بتخصيص "اليوم العالمي للمرأة الريفية".
بحسب إعلان الأمم المتحدة فإن الهدف الأساسي هو التأكيد والاهتمام بدور وتأثير المرأة الريفية، وخاصةً نساء السكان الأصليين، في تحسين الوضع الزراعي والتنمية الريفية وزيادة الأمن الغذائي ومكافحة الفقر في القرى.
ما يقارب من ربع سكان العالم هم من النساء الريفيات، وحوالي واحدة من كل ثلاث نساء عاملات في العالم تعمل في الزراعة، ومن الواضح أن المرأة الريفية تلعب دوراً هاماً وحاسماً في الاقتصاد وسبل العيش لأسرتها، كما أن نساء الريف مسؤولات عن رعاية الأسرة، لكن المرأة الريفية في المجتمع الإيراني محرومة من حقوقها الأساسية بسبب عدم وجود قوانين وقائية.
وبحسب الدراسات التي أجريت فإن 76% من حالات الفقر المدقع في العالم أجمع، توجد في المناطق الريفية، وتواجه المرأة الريفية معايير تمييزية مختلفة على صعيد الأسرة والبنية الاجتماعية والثقافية، وعملها سواء في مجال العمل أو الزراعة والإنتاج أو في مجال القيام بالأعمال المنزلية، يرى أنه يجب أن يكون بدون مقابل.
وتستيقظ نساء القرية كل صباح سواء شئن ذلك أم لا، فعليهن القيام بالمهام الشاقة في حياتهن اليومية التي تم تكليفهن بها كواجبات. المرض والألم والضعف والعجز والشيخوخة وما إلى ذلك ليس له معنى هنا ويجب العمل فقط.
شهين. ر التي فقدت والدتها مؤخراً تقطن في إحدى القرى المحيطة بمدينة جوانرود تبلغ من العمر 36 عاماً، وتعيش في منزل متواضع مع أختها الكبرى كوليزار وشقيقتها الصغرى سوركول، التي تعاني من إعاقة ذهنية، ووالدهن الذي يبلغ من العمر 75 عاماً، وهي تمتهن الخياطة أيضاً.
وبصرف النظر عن عملها في القرية، من أجل إعالة نفسها وشقيقتيها، تروي قصة "معاناة الحياة الصعبة" التي تعيشها هي وأخواتها بالقول "نساء القرية لا ترتحن أبداً، يجب أن يقلقن دائماً بشأن كل شيء، وكيف يكون مستقبلهن، وعلى الرغم من إنهن مسؤولات عن كافة الأعمال المنزلية ورعاية الماشية والدواجن، وتعملن جنباً إلى جنب مع الرجال في الحقول، إلا أن الرجال دائماً يملكون كل شيء، فالنساء اللواتي تعملن أكثر من الرجال في القرى، لا يعاملن أبداً مثلهم".
وأضافت "العقلية الأبوية في كردستان عمرها آلاف السنين، لكن هذا الوضع أسوأ بكثير في القرى. نحن ثلاث أخوات، وإلى جانب الأعمال المنزلية ورعاية الماشية، نقوم أيضاً بأعمال زراعية من تجهيز الأرض حتى الحصاد، ولكن عندما يأتي موعد حصاد القمح مثلاً يحصل أخوتي الذكور على المال بعد أن يقدموا حجج مختلفة لوالدي، بينما نحن لا نحصل على شيء. أختي التي تعاني من إعاقة ذهنية تحصل على راتب بسيط من الرعاية الاجتماعية، وحتى هذه البطاقة استولى عليها أحد إخوتي، ويشتري الخضراوات من راتبها الذي هو حقها وحدها".
وأشارت إلى أنه في الماضي لم يُسمح لهن بالدراسة "قريتنا لا يوجد بها سوى مدرسة ابتدائية، وفي الماضي لم يسمح أهل قريتنا لبناتهم بالدراسة أكثر من الصف الخامس حتى يتمكن من مساعدة الأسرة في العمل، فمعظم الفتيات في قريتنا لا يقرأن ولا يكتبن، لكنني أخذت دروساً في الخياطة منذ بضع سنوات لإعالة نفسي وأخواتي، والآن أقوم بالخياطة للقرويين".
ولفتت إلى أنه "لأننا غير متزوجات، نتعرض دائماً للانتقاد من قبل عائلتنا والأشخاص من حولنا وينظرون إلينا بشفقة، لكن ربما لا يمكننا أن نتزوج أبداً، فالزواج ليس كل شيء، ونحن النساء، وخاصة نساء القرية، يجب أن نكون قادرات على الحصول على مصدر دخل لأنفسنا بخلاف العمل في القرية. حتى نتمكن من الاعتماد على أنفسنا عند الحاجة".
قدم خير. م امرأة تبلغ من العمر 65 عاماً تعيش في إحدى القرى المحيطة بمدينة جوانرود، ولديها 12 طفلاً، قالت أيضاً إن نساء القرية لا يسترحن أبداً وتعملن دائماً حتى تصبن بالانهيار أو الموت "منذ زواجي وأنا بعمر الـ 14 عاماً أعمل في الأراضي الزراعية وتربية المواشي، عدا عن العمل في المنزل والاعتناء بالأطفال".
وأضافت "أرعى قطيعاً من الأغنام والعديد من الأبقار والعجول، وقد عملت جنباً إلى جنب مع زوجي في العمل الزراعي. في الماضي، عندما لم يكن هناك غاز أو نفط، كانت النساء يجمعن الروث للوقود من بداية الربيع إلى نهاية الصيف، لكن لم أكسب شيء في هذه الحياة سوى المرض والتعب وإرهاق جسدي وروحي. في العام الماضي كان لدينا منزل في مدينة جوانرود، قال زوجي أنه سيبيع المنزل ويعطي الحصة لأبنائنا حتى يتمكنوا من معالجة جراح حياتهم، وبعد أن باع المنزل، اشترى منزلاً أصغر وعندما طلبت منه أن يسجل المنزل باسمي، بدأ شجاراً قائلاً أنا رجل كيف أسجل أملاكي باسم زوجتي، وأسجل المنزل باسمك وستطردينني من المنزل وأنا الآن في عمري 75 عاماً، ونسي أو تناسى أنني الوحيدة التي تعتني به. المرأة ليس لها أي حقوق في مجتمعنا، أنا أحب أطفالي، لكني على يقين أنه عندما يموت زوجي، سيقسمون كل شيء، حتى بيت القرية هذا، وسيطردونني، لكن إذا مت، فإنهم لا يجرؤون أبداً على فعل ذلك مع والدهم".
وأشارت إلى أن التمييز بين الجنسين واضح في المجتمع، وخاصة في القرى "زوجي أعطى ربع حصة البنات لأولادي، هذا التمييز بين الأولاد والبنات هو في الواقع اضطهاد للمرأة، لقد ساعدتنا بناتي في رعاية الماشية والعمل الزراعي مع أبنائي حتى تزوجن. مجتمعنا لا يعطيهن ولو نصف الميراث الذي أباحه الإسلام للمرأة. أنا شخصياً لم أحصل على أي ميراث من والدي، لأن أخي الأصغر أخبرني أنا وأختي أنه لن يعتني بوالدتي إذا لم نتنازل عن ميراثنا له، ولقد ناضلنا حتى لا تتشرد والدتنا التي أمضت حياتها كلها في تربيتنا. مات والدي عندما كان أخي الصغير في الرحم، وربتنا أمي وإخوتي الثلاثة بألف بؤس".
وكذلك والية مرادي (52 عاماً) التي تسكن في إحدى القرى المحيطة بمدينة رافانسار، لديها ابنتان وولد واحد، إحدى ابنتيها طالبة تمريض، والبنت الأخرى طالبة محاسبة في جامعة كردستان، وابنها في الصف الثاني عشر ويستعد لامتحان القبول هذا العام.
تقول "عندما كان ابني يبلغ من العمر 3 سنوات، توفي زوجي بحادث وأنا في ريعان شبابي، لكنني لم أستطع التخلي عن أطفالي، ولهذا السبب بقيت في القرية وربيت أطفالي من خلال رعاية الأبقار والأغنام والزراعة. كنت أزرع بمفردي وأحصد البازلاء أيضاً بمفردي، فأطفالي لم يكونوا كباراً بما يكفي، ليتمكنوا من مساعدتي في العمل، ورغم الكثير من الصعوبات والمشاكل التي حدثت لي في القرية، إلا أنني لم أحني ظهري تحت وطأة الصعوبات، وتمكنت من تربية أطفالي بأفضل طريقة".
وبينت أن "الناس من حولي دائماً يقولون أنكِ أخطأتِ بأنكِ وهبتي حياتك لأبنائكِ ولم تتزوجي، لكني لم أندم أبداً على القرار الذي اتخذته، وينبغي أن تكون المرأة قادرة على إعالة نفسها دون الاعتماد على الرجل. المرأة الريفية مثلي، التي لم يسمح لها بالدراسة والغير متعلمة، يجب أن تكون قادرة على الوقوف على أقدامها، لا توجد وظيفة أو عمل مخصص للرجال، على الرغم من أن العمل الزراعي وتربية الماشية شاق، ولكن يمكن للمرأة أن تفعل أي شيء إذا أرادت ذلك ولديها الإرادة".
أما عن تطويرها العمل فأوضحت "عندما توفي زوجي لم يكن لدينا سوى قطعتين صغيرتين من الأرض الزراعية، أما الآن فقد اشتريت ثلاث قطع كبيرة من الأراضي الزراعية بمجهودي الخاص، والآن يتم العمل الزراعي غالباً بالآلات الزراعية، ولم يعد الأمر كما كان من قبل، ولم أعد أزعج نفسي كثيراً، واكتفيت بإدارة الأمور وتوظيف العمال للعمل الزراعي حتى لا أضطر إلى العمل بنفسي".
وأكدت أنه في القرى، تتحمل النساء الجزء الأكبر من أعباء الحياة "بالإضافة إلى تحمل العبء الرئيسي للعمل الزراعي والاقتصاد الريفي، فإنهن تقمن أيضاً بجميع الأعمال المتعلقة بالأسرة والمنزل، فالمرأة الريفية، تقوم بأعمال إلزامية غير مدفوعة الأجر مثل رعاية الماشية والدواجن، وتوفير المياه، والاهتمام بمكان الإقامة، ونسج السجاد، وإنتاج الحليب واللبن، وإعداد الخبز، والحلب، وتنظيف المنزل، والطبخ، وغسل ملابس أفراد الأسرة، وتربية الأطفال، والكثير غير ذلك... حياة صعبة للغاية وعبودية تعيشها نساء الريف".
ولفتت إلى أنه "على الرغم من أن الكثير من بين هذه المعاناة المفروضة على النساء في إيران، سببها العقلية الأبوية، لكن السلطات انتهكت أبسط حقوق نساء الريف بطريقة قانونية ومؤسسية بالكامل من خلال إصدار قوانين رجعية ضد المرأة. لقد خلقت السلطات الإيرانية ظروفاً لا يمكن تصورها للمرأة الريفية من خلال تعزيز العقلية الأبوية في إيران، إلى جانب الفقر وآلاف المشاكل الأخرى التي فرضتها هذه السلطة على الناس، وخاصة القرويين".
ووفقاً لهذا التحليل وبالحديث مع النساء في القرية، يمكن القول إنه أينما وُضعت النساء على هذه الأرض، فإنهن تواجهن القواعد الأبوية والذكورية الاستبدادية، ولذلك على المرأة دائماً أن تبذل الجهد اللازم لتعيش حياة حرة مشتركة من أجل الحصول على حقوقها لأن الصراع ليس له نهاية.