'اليوم العالمي للمرأة الريفية خطوة نحو العدالة الزراعية'
شددت لمياء قم الرجايبي، مديرة وحدة المرأة الفلاحة باتحاد الفلاحين، على أهمية تجاوز الطابع الرمزي ليوم العالمي للمرأة الريفية، مؤكدةً أن هذه المناسبة يجب أن تُستثمر كفرصة حقيقية لتقييم الإنجازات، ووضع خارطة طريق واضحة لتحسين أوضاعها وتعزيز دورها.

نزيهة بوسعيدي
تونس ـ يفوق عدد النساء الريفيات في تونس مليون و700 ألف امرأة ويمثلن نسبة كبيرة من اليد العاملة الفلاحية ويعملن غالباً كعاملات موسميات أو كعاملات بدون أجر منتظم.
يُحتفل سنوياً باليوم العالمي للمرأة الريفية في 15 تشرين الأول/أكتوبر، وفي هذا الخصوص قالت لمياء قمّ الرجايبي إنّ المنظمة الفلاحية تسعى إلى أن ترتقي المرأة الفلاحة من معيلة لعائلتها أو عاملة فلاحية إلى صاحبة مشروع صغير ثمّ إلى مستثمرة فلاحية، مشدّدةً على ضرورة تمكينها من امتلاك الأرض.
وأوضحت أنّ الإحصائيات تشير إلى أنّ النساء لا يمتلكن سوى 5% من الأراضي وهو ما يتطلب جهداً كبيراً في مجال توعية المرأة وتمكينها من الوصول إلى مواقع صنع القرار دون خوف من المطالبة بحقوقها في الملكية.
وعن تسوية الأوضاع العقارية، قالت إنّ اتحاد الفلاحين انخرط مؤخراً في مشروع جديد بالتعاون مع منظمة "أدلو"، بهدف مساعدة الريفيات والشباب على تسوية أوضاعهم العقارية، وتمكينهم من وسائل الإنتاج من أرض ومعدات وغيرها، مع إدماج التكنولوجيا الحديثة في الفلاحة.
وبيّنت أنّ هناك نقصاً كبيراً في وعي المرأة الريفية في كيفية الحصول على التمويل رغم توفره، إذ تجهل العديد من النساء طرق تقديم طلبات الدعم، وهو ما يستدعي تفعيل دور هياكل المساندة والتمويل والتأطير والتكوين.
وأشارت لمياء قمّ الرجايبي إلى أنّ التدريب يمثل عنصراً أساسياً في دعم المرأة الفلاحة، موضحةً أنّ الاتحاد نجح في تجربة المدرسة الحقلية التي تقوم على الانتقال إلى الأرض لتدريب النساء ومنحهن شهادات تخوّلهن الحصول على تمويلات.
وأضافت أنّه تمّ الاتفاق مع معهد البيداغوجيا والتكوين المستمر بسيدي ثابت لتحديد احتياجات المرأة الفلاحة من التدريب، مشيرةً إلى رغبتهن في تنظيم دورات قصيرة في مجالات مثل تربية الدواجن حيث يتم تمكين المرأة من الحصول على مدجنة صغيرة ثمّ تطويرها إلى مشروع أكبر.
وفي إطار تعزيز المبادرات النسائية، أعلنت عن تنظيم سوق من المنتج إلى المستهلك بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، وذلك يوم غد الخميس 16 تشرين الأول/أكتوبر، احتفالاً باليوم العالمي للمرأة الريفية، وتُعد هذه المبادرة فرصة قيّمة لتمكين المرأة الفلاحة من تسويق منتجاتها البيولوجية والمحلية بشكل مباشر إلى المستهلك، بما يعزز حضورها الاقتصادي ويثمن جهودها في القطاع الفلاحي.
كما أكدت أن الاتحاد أطلق مبادرة "سوق الفلاح التونسي"، التي تهدف إلى دعم المنتوج المحلي الأصيل، وتوفير فضاء يربط المنتج بالمستهلك دون وسطاء، معربةً عن أملها في استمرار هذه التجربة لما لها من انعكاسات إيجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
وأشارت لمياء قمّ الرجايبي إلى أهمية تعزيز التوعية الصحية في المناطق الريفية، مبيّنةً أن ضعف الوعي بأهمية المتابعة الطبية خلال فترة الحمل يُعدّ من أبرز الإشكاليات، إذ قد يؤدي إلى تعرّض الأجنة لتشوّهات صحية خطيرة.
وأوضحت أن اتحاد الفلاحين يضطلع بدور فاعل في تنظيم حملات توعوية تشمل التغطية الاجتماعية والصحية، وذلك من خلال العيادات المجانية المنتشرة في الأرياف، مؤكدةً أن من مسؤولية الاتحاد إيصال صوت المرأة الريفية إلى الجهات المعنية وصناع القرار.
ووجّهت نداءً إلى الحكومة وأصحاب القرار لدعم خطة الفلاحة العائلية التي يعمل عليها الاتحاد ضمن إطار عشرية الأمم المتحدة للفلاحة العائلية بين عامي (2019ـ2028)، وبيّنت أن هذه الخطة تتضمن سبعة محاور رئيسية، من بينها محور المرأة والشباب، داعيةً إلى إدراجها ضمن ميزانيات الدولة لضمان تنفيذها الفعلي وتحقيق أهدافها التنموية.
وأكدت لمياء قمّ الرجايبي أن المرأة الفلاحة تمثل الركيزة الأساسية للفلاحة العائلية، نظراً لاعتمادها على أساليب الزراعة التقليدية وابتعادها عن استخدام المواد الكيميائية، مما يسهم في الحفاظ على خصوبة التربة، وترشيد استهلاك المياه، والحدّ من آثار التغيرات المناخية.
وفي ختام حديثها، وجّهت دعوة واضحة إلى ضرورة تكثيف جهود الإرشاد النسائي الميداني، مشددةً على أهمية التنسيق والتكامل بين المجتمع المدني والدولة، موضحةً أن دور المنظمات يتمثل في تقديم المقترحات وتنظيم المبادرات، في حين تتحمل الدولة مسؤولية سنّ القوانين والتشريعات التي تدعم هذه الجهود وتضمن استدامتها.