التونسيات في الاقتصاد الأخضر... رائدات في ابتكار حلول بيئية

أكدت مشاركات في ورشة عمل حول الاقتصاد الأخضر والدائري، أن النساء أظهرن قدرة لافتة على الانخراط في هذا المسار، ليس فقط عبر بعث المشاريع، بل أيضاً من خلال ابتكار حلول بيئية مستدامة، بفضل فهمهن العميق للطبيعة ولغة الأرض.

زهور المشرقي

تونس ـ سلطت ورشة عمل نظمها مركز "كوثر" الضوء على دور النساء في تعزيز الاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، مؤكدةً أن هذه التوجه يمثل فرصة واعدة للحد من بطالة النساء ودعم ريادتهن في التنمية المستدامة.

نظّم مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث "كوثر" بالشراكة مع المؤسسة الأورومتوسطية لنساء البحر الأبيض المتوسط، ورشة عمل امتدت على مدار يومين، ناقش المشاركون خلالها سبل تعزيز ريادة الأعمال النسائية في منطقة البحر الأبيض المتوسط من خلال الاقتصاد الأخضر الدائري والذكاء الاصطناعي.

وشارك في الورشة نخبة من النساء الفاعلات في مجالات التنمية والبيئة، حيث أكدن أن المرأة تلعب دوراً محورياً في دعم الاستدامة البيئية، ليس فقط عبر الاستثمار، بل من خلال ابتكار حلول عملية للتحديات البيئية وتطويرها بما يتماشى مع الواقع المحلي.

وأكدت المشاركات أن النساء تلعبن دوراً حيوياً في تعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق التنمية عبر الاقتصاد الأخضر الدائري وتبرز قوتهن لا في الاستثمار فقط بل في خلق حلول الاشكاليات البيئية وتطوير الحلول بما يتماشى مع الواقع، خاصةً في ظل ارتفاع معدلات البطالة بين النساء والفتيات في تونس، مشيرات إلى أن هذا التوجه يفتح آفاقاً جديدة لخلق فرص عمل، ويساهم في بناء جيل من المستثمرات وصاحبات المشاريع  "مواصلة دعم النساء وتشجيعهن على الانخراط في هذا المجال من شأنه أن يساهم في تقليص الفجوة الاجتماعية والاقتصادية، والحد من البطالة في صفوفهن".

 

"يجب تعزيز قدرات النساء"

وقالت سكينة بوراوي المديرة التنفيذية لمركز "كوثر" إن الورشة ناقشت الحلول التي من الممكن القيام بها لدعم حضور النساء في مسار الاقتصاد الأخضر ليس في منطقة البحر المتوسط بل في العالم أجمع، معتبرةً أن النساء تعملن في هذا المجال وبيدهن الحلول وبحاجة فقط إلى أكثر وعي بمسؤوليتهن وقدرتهن، خاصة وأنهن تعملن بأساليب قديمة يعتمدها الجدود ما يستدعي دعمهن للاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والوسائل الجديدة على غرار الذكاء الاصطناعي الذي يجب أن يندمج مع خبرتهن.

وأكدت على ضرورة تعزيز قدرات النساء في الاقتصاد الأخضر، علاوة على أهمية توعية الممولين والمانحين بهذا الكنز الذي يمكن أن تستفاد منه النساء مع بعض التغييرات التي تحافظ على الهوية وفي نفس الوقت تٌدعمهن.

ولفتت إلى أن تجارب النساء المنخرطات في الاقتصاد الأخضر يجب أن تبرز وتخرج للنور لتكون أمثلة يُنسج على منوالها وهي عبارة على رسائل تشجيع وهو البعد الذي يعمله عليه مركز "كوثر" ومؤسسة "النساء المتوسطات" والتي تعمل مع المؤسسات الصغيرة والحكومات التي تريد العمل في الاقتصاد الأخضر.

 

 

"الاقتصاد الأخضر يمثل ركيزة من ركائز التنمية"

بدورها قالت الصحفية وباعثة مؤسسة "كوسموس ميديا" المختصة في مجال البيئة مبروكة خذير، أن الاستثمارات النسائية في مجالي الاقتصاد الأخضر والأزرق تكتسب أهمية بالغة خاصة في ظل التحديات المناخية والقضايا البيئية الراهنة، مشيرةً إلى أنها تسعى من خلال منصتها إلى إبراز المبادرات النسائية التي تستثمر في هذا المجال باعتبار أن الاقتصاد الأخضر يمثل ركيزة من ركائز التنمية المستدامة ويساهم في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعة " هذا النوع من الاقتصاد يدعم الممارسات الصديقة للبيئة، ويشكل فرصة لتعزيز دور المرأة في التنمية".

وأشارت إلى تجربتها في برنامج "حارسات الأرض" الذي تستضيف فيه نساء فاعلات في الاقتصاد الأخضر، حيث لاحظت مدى حرص المرأة على حماية البيئة وتحويل المشاريع الخضراء إلى أدوات فعالة في خدمة التنمية.

وأوضحت أن النساء أثبتن خلال السنوات الأخيرة كفاءتهن وفاعليتهن في مجال الاقتصاد الأخضر وحماية البيئة، حيث يتزايد توجههن نحو هذا المسار من خلال تأسيس تعاضديات وتشاركيات ضمن منظومة الاقتصاد الدائري وإعادة التدوير، مستفيدات من التقنيات الحديثة في الاستثمار والتنمية، لافتةُ إلى أن المرأة في منطقة البحر الأبيض المتوسط برزت بشكل لافت في إطلاق مشاريع مبتكرة في هذا المجال، مما يستدعي تسليط الضوء على هذه التجارب لتكون مصدر إلهام وتحفيز لبقية النساء في مختلف المناطق.

واعتبرت مبروكة خذير أن نسب البطالة تمس النساء أكثر من الرجال وقد يكون توجههن اليوم نحو الاقتصاد الأخضر يساهم في تنمية وضعيتهن للحد من البطالة ويمكن أن يكون رسالة للشابات واليافعات والفتيات للتوجه نحو هذه المشاريع "أصبح من الواضح اليوم أن الاعتماد على النموذج التقليدي لم يعد مجدياً في تحسين وضيعة النساء والدليل على ذلك استمرار ارتفاع معدلات البطالة في صفوفهن، لقد اقتصر دور المرأة لفترة طوية على كونها عاملة أو مزارعة وهو تصور محدود لا يعكس قدراتها الحقيقية، وقد آن الأوان لأن تتولى النساء زمام المبادرة، وتصبحن صاحبات مشاريع، وتنخرطن بفعالية في مسار الاقتصاد الأخضر، الذي لا يمنحهن فقط القوة والتمكين، بل يعزز أيضاً حضورهن في المجتمع ويساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة".

 

 

"النساء تحققن نجاحات ملموسة"

أما مفيدة الوسلاتي وهي رئيسة مجمع التنمية الفلاحية "جنان" بسيدي ثابت، أكدت أن المجتمع الذي تأسس عام 2018 أنطلق بمشاركة 12 امرأة وبلغ اليوم عدد المنخرطات فيه 50 امرأة وقد ساهم هذا المجمع بشكل فعال في تعزيز قدرات النساء وتشجيعهن على العمل لا سيما وأنهن تنتمين إلى منطقة فلاحية تفتقر إلى الموارد وفرص العمل، ورغم بساطة الإمكانيات استطاعت النساء عبر المجمع الاستثمار في أراضيهن وتحقيق نجاحات ملموسة.

وأشارت إلى أن المجمع يوفر فرص عامل للنساء نظراً لانتظامهن في العمل، حيث بدأت المبادرات بمشاريع صغيرة ثم تطورت تدريجياً لتشمل إنتاج المواد الغذائية الصحية، مستفيدة من مكونات طبيعية متوفرة في البيئة المحلية، مؤكدةً أنهن برغم ذلك كانت لديهن مشاكل في التسويق، وكانت الانطلاقة مع مركز "كوثر" الذي ساعد في تكوين النساء من ناحية تحسين المهارات والجانب التقني لمساعدة النساء في بعث مشاريعهن.

والجدير بالذكر أن نسبة النساء الناشطات اقتصاديا في تونس وصلت إلى 27.9 % فقط برغم أن نصف السكان هن نساء، كما تبلغ نسبة البطالة في صفوفهن 21.3 % مقارنة بـ 13% فقط في صفوف الرجال، علاوة على أن النساء تعملن عادة في أعمال هشة وغير آمنة ولا تحفظ حقوقهم الاقتصادية من تأمين صحي واجتماعي وغيرها على غرار العاملات في الفلاحة مثلا أو بعض المصانع.

وكانت دراسات أثبتت أن الاقتصاد التونسي تأثر بنسبة 2.1 % بالتغيرات المناخية من الناتج المحلي الإجمالي، وتعمل الدولة على تطوير ريادة الأعمال النسائية منها تلك في الاقتصاد الأخضر.