'السينما يمكنها أن تغير القوانين وتنشر الوعي داخل المجتمع'

مديرة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية عزة الحسيني تشيد بدور الكتاب والمفكرون والمثقفون والجمعيات النسوية في طرح الإشكاليات المعقدة بالنسبة لقضايا المرأة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

رجاء خيرات

المغرب ـ اعتبرت المخرجة المصرية ومديرة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية عزة الحسيني، أن السينما أحد عناصر التأثير في النهوض بأوضاع النساء، باعتبار أنها فن جماهيري يؤثر على المجتمع ويوصل رسائل عديدة.

انطلقت فعاليات الدورة الـ 16 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا، الاثنين 13 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بمدينة سلا المغربية، ويستمر المهرجان لغاية 18 من الشهر ذاته، وذكرت المخرجة المصرية ومديرة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية عزة الحسيني على هامش مشاركتها في الفعاليات، أن السينما ليست وحدها من يساهم في تغيير العقليات ونشر الوعي، بل هناك الدور المهم الذي يلعبه الكتاب والمفكرون والمثقفون والجمعيات النسوية التي تحمل على عاتقها طرح الإشكاليات وإيجاد حلول للمشاكل المعقدة التي تواجه قضايا المرأة كتغيير بعض القوانين المجحفة في حقها.

وعن دور السينما المصرية ومدى ملامستها لقضايا المرأة، قالت إن هناك بعض الأفلام السينمائية التي لعبت دوراً مهماً في تغيير قوانين الأسرة، مثل فيلم "أريد حلاً" الذي لعبت بطولته الممثلة القديرة فاتن حمامة، لافتةً إلى أن هذا الفيلم أثناء عرضه كان قانون في الأحوال الشخصية ينص على ما يعرف بـ "بيت الطاعة"، وبموجب هذا القانون تجبر الزوجة على المكوث في بيت الزوجية في حال عدم حصولها على الطلاق، حتى وإن كانت لا ترغب في ذلك.

وأشارت عزة الحسيني إلى أن هذا الفيلم قد أثار انتقادات واسعة ووصل صداه إلى مجلس الشعب الذي ناقشه ونتيجة الضغط  الكبير تم تغير هذا القانون وأصبح من حق الزوجة أن تترك بيت الزوجية.

ولفتت إلى أن الهدف الأساسي من الفيلم لم يكن آنذاك هو تغيير القانون بقدر ما كان يحكي قصة امرأة موجودة في غالبية البيوت الزوجية تريد الحصول الطلاق لكن الزوج يجبرها على العيش معه بالرغم عنها، لكن قوة طرح فكرة الفيلم وحنكة كتابته والاداء المتقن والمبهر للممثلة فاتن حمامة كل ذلك أدى إلى تغيير القانون.

وأضافت "الشيء ذاته رأيناه في المسلسل التلفزيوني "تحت الوصاية" الذي عرض مؤخراً للممثلة منى زكي وسبقه مسلسل الممثلة نيلي كريم الذي ناقش قضية الطلاق والنفقة وغيرها، بالتالي فالسينما يمكن أن تغير القوانين المجحفة بحق المرأة، لكن دون تعمد أو اعتماد الخطاب المباشر، لأن هذا الأخير قد يفسد العمل الفني الذي تتميز به السينما أو التلفزيون أو المسرح".

وبينت عزة الحسيني أن وظيفة السينما ليست تغيير المجتمع إلا أنها تترك أثراً قد يساهم في التوعية بقضية ما والتأثير على الوعي العام وتغيير وجهة نظر المجتمع تجاهها.

وبشأن بعض القضايا التي تعتبر تابوهات بمصر وبعض المجتمعات العربية مثل قضية "ختان الفتيات" ومدى تناول السينما لها كمواضيع أساسية، أكدت أن "دور السينما في طرحها وفتح هذا الجرح يعد بالغ الأهمية، حيث تساهم في محاولة التنبيه والتوعية بضرورة معالجته من الجذور مثل قضية "ختان الفتيات" التي لا ننكر دور المجتمع المدني والحكومة حيث صدر في مصر قانون يمنع ختان البنات لكن لا تزال بعض الأسر في بعض الأوساط تمارس هذه العادة".

ونوهت عزة الحسيني إلى أن الرقابة يمكن أن تمنع بعض الأفلام التي تتناول هذه القضية بالرغم من أنها شاهدت أفلاماً أو وثائقية تطرح هذه القضية لكنها كانت تكتفي بالتلميح لها فقط.

أما المفارقات التي ذهبت إليها بعض الكاتبات والمفكرات المصريات من جرأة في تناول التابوهات مثل الكاتبة نوال السعداوي، وعدم تمكن السينمائيين من تناولها إلا في حالات قليلة جداً، قالت إن هذه القضايا المحرمة يمكن تناولها في المكتبات والمقالات وحتى المسرحيات، لكن في السينما ونظراً لتأثيرها الجماهيري المباشر والقوي، تصبح المسألة معقدة وغير متاحة، حيث أن الفنان/ـة مطالب بالتحايل على الموضوع حتى يستطيع أن يعرض قضية بمثل هذه الحساسية.

وأوضحت أنها كمعنية بالمجال السينمائي تتمنى لو يتسنى للسينما تناول هذه القضايا ومعالجتها لأنها تلامس حياة النساء وتعبر عن رغباتهن المحرمة.

وعن الآثار وردود الأفعال التي قد تخلفها بعض الأعمال السينمائية، استحضرت قضية سبق أن رفعها مواطن مصري ضد الممثلة المصرية الراحلة معالي زايد بسبب مشهد من الفيلم السينمائي "للحب قصة أخيرة"، حيث استنكرت عرض القضية على المحكمة التي قبلتها ونظرت فيها لسنوات، رغم أن النقابة والفنانين وقفوا إلى جانب الممثلة، لكن كون المحكمة تقبل مثل هذا النوع من القضايا فذلك يعتبر من وجهة نظر عزة الحسيني إهانة للفن والفنانين.

وعن رأيها في السينما المغربية، ترى أنها استطاعت أن تشق طريقها باحترافية في مجمل إنتاجاتها، معربة عن سعادتها بصعود مخرجات مثل مريم التوزاني وأسماء المدير وغيرهما، بوجهات نظر ورؤية جديدة للسينما والمجتمع، موضحةً أن السينما المغربية خلقت حركة جيدة في صالح السينما والمجتمع ككل.

وتشارك المخرجة المصرية عزة الحسيني في مهرجان بسلا الدولي لفيلم المرأة ضمن فقرة "نظرات متقاطعة لرجل وامرأة حول مسألة النوع في السينما"، حيث حاورت المخرج المغربي عهد بن سودة، كما ستشارك ضمن الندوة التي ستنظم على هامش المهرجان حول موضوع "صورة المرأة في السينما العربية".