السودان... تجدد الاشتباكات في ظل مخاوف من انعدام الأمن الغذائي
بعد انتهاء مدة آخر هدنة متفق عليها، تجددت الاشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسمع السكان أصوات قصف مدفعي ودوي انفجارات في كل من شرق النيل وشمال أم درمان.
مركز الأخبار ـ جاءت الهدنة القصيرة التي استمرت 24 ساعة فقط، في أعقاب سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار انتهكها طرفا النزاع في السودان، على إثر ذلك قالت الولايات المتحدة والسعودية إنهما تشعران "بخيبة أمل" بسبب الانتهاكات في بيان الإعلان عن الهدنة الأحدث، وهدد الوسيطان بتأجيل المحادثات.
انتهت صباح اليوم الأحد 11 حزيران/يونيو، الهدنة التي امتدت لمدة 24 ساعة بين طرفي النزاع في السودان، والتي دخلت حيز التنفيذ صباح أمس السبت، ومنحت الهدنة سكان الخرطوم متنفساً نادراً، وهدوءً نسبياً لم يشهدوه منذ بدء المعارك قبل نحو شهرين.
وشهد الأسبوع المنصرم منذ انتهاء سريان آخر وقف لإطلاق النار في الثالث من حزيران/يونيو قتالاً كثيفاً، إذ دارت بعض الاشتباكات في محيط قواعد عسكرية مهمة، كما تدمرت منشآت المياه والكهرباء والاتصالات.
كما وثق تقرير منصة "مرصد نزاع السودان"، ثماني هجمات "ممنهجة" لإحراق الممتلكات عمداً دمرت قرى في دارفور، وكذلك عدة هجمات على مدارس ومساجد وغيرها من المباني العامة في مدينة الجنينة في أقصى غرب البلاد والتي شهدت هجمات عنيفة وسط انقطاعٍ للاتصالات.
وأكد شهود عيان في الخرطوم لوسائل الإعلام سماع "أصوات القصف والاشتباكات بعد عشرة دقائق من انتهاء الهدنة"، مشيرين إلى سماع "قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة" في الخرطوم وضاحية أم درمان بشمال العاصمة، واشتباكات "بمختلف أنواع الأسلحة" في شارع الهواء بجنوب الخرطوم.
وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك منتصف نيسان/أبريل الماضي، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية.
وركزت الهدنة الأخيرة، كغيرها من الاتفاقات السابقة، على تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المقدر عددهم بنحو 45 مليون نسمة، ويحتاج أكثر من نصفهم إلى مساعدات في بلد كان أصلاً من الأكثر فقراً في العالم.
وقالت المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إيمان طرابلسي إن فرق الحماية التابعة للجنة في السودان تستقبل اتصالات دائمة للإبلاغ عن حالات فقدان واختفاء لإفراد في العائلات السودانية منذ بدء المعارك.
وفي حديثها للبي بي سي، أوضحت إيمان طرابلسي أن عمليات البحث عن المفقودين المبلغ عنهم مستمرة، لكنها تواجه الكثير من العقبات ومن أبرزها استمرار الاقتتال الذي يعيق عمليات التقصي، بالإضافة إلى شح الإمكانيات والموارد الطبية التي تعيق عمليات التعرف على الجثامين أو انتشالها.
وأشارت إلى عدم وجود أرقام دقيقة للمفقودين منذ بدء الاقتتال، ذلك أن الجهات الرسمية هي المخولة في تقديم المعلومات والمعطيات الدقيقة حول أعداد المفقودين، إلا أن ذلك ليست متاحاً حالياً بسبب تواصل القتال.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفاً عبروا إلى دول مجاورة.
ووفق ما تؤكده مصادر طبية، باتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة، ويُخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.
وبدورها ناشدت الهيئة النقابية لأطباء ولاية غرب دارفور المجتمع الدولي التحرك الفوري لإيقاف الانتهاكات وما سمتها بـ "المجازر اليومية" في مدينة الجنينة، مضيفةً أن الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة خلفت مئات القتلى والجرحى وتسببت في نزوح الآلاف.
وفي إطار المساعي الأفريقية لإيجاد حل للأزمة في السودان، تعقد في جيبوتي اليوم الأحد قمة ثلاثية مصغرة تجمع كلاً من رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت ورئيس لجنة الوساطة لدول "إيغاد" (IGAD) بشأن الأزمة السودانية، إلى جانب الرئيسين الكيني وليام روتو والجيبوتي إسماعيل عمر جيلي.
وقالت المتحدثة باسم رئيس دولة جنوب السودان ليلي مارتن للجزيرة إن القمة المصغرة ستبحث التقدم المحرز في توصيات قمة رؤساء دول الإيغاد التي انعقدت في 16 نيسان/أبريل الماضي، لبحث وقف دائم لإطلاق النار في السودان وفتح الممرات الإنسانية والدخول في حوار شامل لإيجاد حل للنزاع.