السودان... بعد ساعات من الاتفاق على هدنة جديدة القتال يتواصل

واصلت أعمال العنف والقتال في أنحاء الخرطوم بعد ساعات على تعهد الطرفين المتنازعين على السلطة في السودان بوقف إطلاق النار لمدة أسبوع اعتباراً من مساء الاثنين 22 أيار/مايو.

ميساء القاضي

الخرطوم ـ أسفرت الجولة الثانية من المباحثات بين طرفي النزاع في السودان، بوساطة سعودية أمريكية عن توقيع اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار لمدة أسبوع، وقابل لتمديد المدة، بالإضافة لإيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية وسحب القوات من المستشفيات والمرافق العامة.

ووفقاً لشهود عيان فإن الأجواء في العاصمة سادها هدوء لأول مرة منذ بدء القتال بعد توقيع الاتفاق فيما ذكر البعض أن طائرات حربية ما زالت تحلق في الأجواء لكنهم يقولون إنها ربما تحلق بغرض الاستكشاف إذ توقف إطلاق النار تماماً.

وأبدى مواطنون ارتياحهم الشديد لهذه الخطوة التي ستسمح لهم بالحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء بعد أن ظلوا عالقين في مساكنهم لأكثر من شهر في ظروف إنسانية صعبة، كما أفاد بعض السكان برغبتهم بالمغادرة قبل عودة القتال من جديد، فيما بدا البعض متشائمين من خرق هذا الاتفاق وأعلنوا عن قلقهم وتخوفهم من أن يتم خرقه كما حدث من قبل في مرات سابقة اتفق فيها الطرفان على الكثير من الهدن وتم اختراقها.

ولكن يبدو الأمر مختلفاً هذه المرة إذ ينص الاتفاق على إنشاء لجنة لمراقبة وتنسيق وقف إطلاق النار تتألف من 3 ممثلين لكل من الولايات المتحدة والسعودية والجيش السوداني وقوات الدعم السريع مهمتها التنسيق والاتصال مع طرفي النزاع والوسطاء والأطراف الدولية الإنسانية الفاعلة في السودان، بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار قصير الأمد وفي حال رصدت اللجنة وقوع خرق أو أي انتهاك لأحكام الاتفاق تحدد الإجراءات اللازمة للتعامل بتحديد الطرف الذي ارتكب المخالفة علناً وإخطاره بذلك والمطالبة بمحاسبة مرتكبي الانتهاك لا سيما في الجرائم والتجاوزات الجسيمة.

وبحسب الاتفاقية التي وقعها الطرفان والتي تدخل حيز التنفيذ بمجرد التوقيع عليها فإن الطرفان سيلتزمان في إبلاغ الفصائل التابعة لهم بشروط هذا الاتفاق وتوجيه قواتهما للامتثال لوقف إطلاق النار على أن يطبق النار في جميع أنحاء السودان.

وتتوقف خلال الهدنة جميع الأعمال العدائية بما في ذلك هجمات القناصة والهجمات الجوية واستخدام الطائرات العسكرية والطائرات بدون طيار أو أي أسلحة، كما يمتنعون عن استهداف البنية التحتية المدنية أو المراكز السكانية أو استغلال الهدنة لتقوية خطوط الدفاع وتوزيع الأسلحة والإمدادات العسكرية.

ويمكن لكلا الطرفين أن يقوما بتسهيل أنشطة إصلاح وترميم الخدمات الأساسية والبنية التحتية مثل مرافق الكهرباء والمياه والاتصالات وعمليات الإخلاء الطبي وتنقل الأفراد العزل الذين يحتاجون عناية طبية.

كما نص الاتفاق على تمسك الأطراف بإعلان جدة مع التزامهم بتهيئة الظروف وتوفير ضمانات أمنية لوصول الوكالات الإنسانية لتقديم الإغاثة وعدم إعاقة تدفق المساعدات الإنسانية داخل السودان وعبر الحدود وتزويد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمعلومات حول المحتجزين والأسرى الذين اعتقلوا أو احتجزوا نتيجة النزاع.

ومنذ بدء القتال منتصف نيسان/أبريل الماضي يعاني سكان العاصمة الخرطوم أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد إثر انقطاع المياه والكهرباء وعدم توفر الغذاء والدواء نسبة لإغلاق المحال أبوابها وصعوبة التنقل في الطرقات، ومن المتوقع أنه ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص يسكنون العاصمة الخرطوم لا يزالون محتجزين في منازلهم بسبب القتال والمعارك التي تدور في الشوارع والمناطق السكنية.

ويفتح هذا الاتفاق الجديد لهم نافذة الأمل من جديد على الحياة التي ظنوا لوقت ليس بالقصير أنها انتهت وأنهم في انتظار مصيرهم المحتوم بين جدران منازلهم ليدفنوا تحت أنقاضها أو في حدائقها الخلفية كما حدث لآخرين.

ويطالب العاملون في المجال الإنساني منذ أسابيع بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية والوقود والمواد الغذائية لمحاولة توفير بعض الخدمات التي تعاني بالفعل من تدهور لعقود.