الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأسواء فيما يتعلق بالتمييز القانوني والوصول إلى العدالة

رغم ما وصلت إليه المرأة اليوم وفي إطار ما يعيشه العالم وصعود القوى الاستبدادية المعادية للديمقراطية، لا تزال العديد من الحكومات في الشرق الأوسط تعتبر المرأة أقل شأناً من الرجل ولا زالت تمارس التمييز بينهما في العديد من القضايا.

مقال بقلم الباحثة والكاتبة الأردنية أمل محي الدين الكردي

 

تعتبر دول الشرق الاوسط وشمال إفريقيا من أكثر المناطق تهميشاً للنساء والتمييز ضدهم، ووفق التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، والتي أضافت إلى الأسباب الأساسية الأحكام التي دعمتها العادات والتقاليد الاجتماعية والمفاهيم الدينية الخاطئة لأن تحليلهم للدين جاء عن عدم التحليل الديني الصحيح.

وهناك الكثير من الأزمات التي تتراجع معها قضايا النساء وخاصةً في المناطق المختلفة التي تشهد حروباً ونزاعات ونضيف عليها القتل والاعتقالات والاخفاء القسري، كما أن الإصلاحات على سلم الأولويات المختلفة وذلك بسبب أن الأولويات لقضايا أخرى.

إضافة إلى الواقع الاقتصادي للمرأة الذي يزيد الأمور تعقيداً وطريقة تمكينها اقتصادياً وخاصة اذ رافقت هذه المعاناة عدم الحماية القانونية والاستفادة من الخدمات الأساسية مثل الضمان الاجتماعي والسياسات المالية والتأمين الصحي، إلى جانب هاجس الخوف وعدم الأمان الشخصي وخاصة بقضايا التحرش والعنف. ويزداد العنف في الشرق الاوسط بسبب تراكمات مختلفة من الوضع المادي والاجتماعي والسياسي وعدم ايجاد مظلة وحماية قانونية واجتماعية لهن.

ولكن هناك خصوصية لكل دولة حسب الظروف وما تحكمها من تحديات متفاوتة، على سبيل المثال تتضاعف معاناة النساء في اليمن حيث تواجه النساء القرارات المستجدة والتي تخالف القوانين الدولية المرعية حيث التدخل في الحريات الشخصية للنساء مثل الملابس والتنقل وغيرها الكثير. والتعرض إلى الانتهاكات الجسدية قد تصل إلى حد الاغتصاب والاعتداءات الجنسية عدا عن الوصايا من المحارم عليهن أو التخلي عنهن. وهذا الثمن الأكبر للسياسات الحكومية والأنظمة غير الديمقراطية والإجحاف والتمييز بالقوانين للأحوال الشخصية.

وأن اضفنا مثالاً أخر نضيف لبنان فقد أظهرت الدراسات أن معظم التبليغات عن العنف كانت ضحاياه من النساء والتي تتراوح أعمارهن من 12-21 وهذا يزداد حدة كلما ضعفت الثقة بين النساء ومحيطهن العائلي ونظم الحماية الموفرة لهن.

ووفقاً للتقارير الأخرى نضيف سوريا هناك الكثير ممن تعرضن للاغتصاب والقتل والاخفاء القسري في مناطق مختلفة من البلد أو حتى من الأهالي تحت منظومة الدين والعادات والتقاليد المختلفة.

وتوكد الدراسات الخاصة والمختلفة للشرق الأوسط بأن 177 دولة والتي تهدف إلى قياس حالة المرأة وواقعها الحقوقي ودورها في تحقيق السلام وتعزيز الأمن في مختلف الدول عبر مؤشرات مختلفة والذي يعتمد على ركائز متنوعة لوضع المرأة على سبيل المثال التعليم، والأمن، والتمثيل البرلماني، وفيات الأمهات، الحماية القانونية والقرب من النزاعات المسلحة والتي تندرج تلك العوامل تحت ثلاث أبعاد: الدمج (الاقتصادي والاجتماعي، السياسي)، العدالة (التمييز الرسمي وغير الرسمي)، والأمن (على المستويات الفردية والمجتمعية )، ونضيف في البعد الأمني معيار العنف السياسي الذي يستهدف النساء، والقرب من الصراع من خلال تقدير نسبة النساء اللواتي تعشن على بعد 50 كم من النزاع المسلح.

ووفقاً للتقارير، فإن أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الأسواء خاصة فيما يتعلق بالتمييز القانوني والوصول إلى العدالة.

الحديث يطول ولكن المرأة الأردنية تعاني أيضاً، ولا زالت الكثيرات منهن أسيرات العادات والتقاليد المجتمعية التي تعرضهن للتعسف وتعطل تمكينهن ومنحنهن الحقوق الأساسية، وندعو إلى زيادة مشاركة المرأة في كل القطاعات علماً أن معظم النساء تعملن في قطاع التعليم والصحة والعمل الاجتماعي وهناك من تتقاضين أجر أقل من الذكور بقطاعات مختلفة. علماً أن المرأة الأردنية أثبتت مكانتها ودورها القيادي في مختلف الصعد ويجب عليها زيادة قدراتها لثبت دورها أكثر في المجتمع.

ولا شك بأن هناك تشوهات تشريعية تعوق مسيرة المرأة الأردنية تكمن في القوانين الجنسية والعمل والتقاعد المدني مما يؤثر على الوظائف العليا في الدولة، وفي المقابل نقول أن الحكومة الأردنية أجرت الكثير من التعديلات الدستورية حيث جرى تعديل الفصل الثاني من الدستور الاردني بإضافة كلمة الاردنيات وخاصة بالمشاركة السياسية ليصبح حقوق الأردنيين والأردنيات كما تم إضافة فقرة جديدة إلى المادة السادسة من الدستور تنص على أن تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يكفل تكافؤ الفرص على أساس العدل والانصاف وحمايتها من كل أشكال العنف والتمييز.

إما الحركات النسائية في الأردن قد لعبت دوراً فاعلاً في تحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي، إذ تلقي الضوء على المخرجات الاجتماعية والسياسية لهذه الحركة، بما فيها تحرير النساء وجعل سياسات الدولة والمجتمع أكثر مراعاةً واستجابةً لقضايا النوع الاجتماعي والمساواة في الحقوق بين الجنسين. وهناك مجموعات من المنظمات النسائية وناشطات تلعبن دوراً بارزاً من المنظمات النسائية بدول الجوار ويتم التنسيق والتعاون فيما بينهن.

حيث أثبتت المرأة الأردنية ريادتها في القيادة وحققت من الأهداف ما كان يصعب تحقيقه، وهذا ما كان إلا بمساعدة المجتمع المحيط لإتاحة الفرصة للمرأة في شتى المجالات، ومشاركة المرأة الأردنية السياسية الفاعلة ونجاحها المستمر يعود إلى قدراتها على تنمية مهاراتها والعمل على اكتساب الخبرات التي تمارسها بصور ابتكارية مختلفة، ولا شك بأن الفترة الأخيرة تمكنت المرأة الاردنية من الوصول إلى المراكز المهمة حيث شملت النقابات المهنية، والتمثيل البرلماني ومراكز صنع القرار ورسم السياسات العامة والتمثيل الخارجي للأردن والإصرار على تشكيل الوعي واستبدال المفاهيم السلبية عن المشاركة السياسية بالمفاهيم الايجابية وساعد ذلك بإطار الحماية التي كفلها الدستور.

اليوم تعد الأحزاب السياسية من التنظيمات السياسية المهمة التي تؤثر على استمرارية الديمقراطية وجناح رئيسي لصورة المشاركة السياسية وللتعبير عن الاهتمامات والاحتياجات العامة، فالمرأة اليوم تجتهد بمشاركتها البناءة بصناعة سياسية مؤثرة على الدولة من أجل الوصول إلى ما تصبو إليه.