الصحفيون التونسيون: حرية التعبير مكسب ثوري فقدناه

يتخوف الصحافيون/ت في تونس من تدهور غير مسبوق لحرية التعبير نتيجة القوانين القمعية التي جاءت لتقييد حرية الصحافة.

تونس ـ نظمت نقابة الصحفيين التونسيين وقفة تضامنية مع الصحفيين المسجونين زياد الهاني وشذى الحاج مبارك وخليفة القاسمي، أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، بمشاركة صحفيين حملوا الشارة الحمراء تعبيراً عن غضبهم إزاء ما وصلت إليه حرية الصحافة والإعلام في البلاد نتيجة القانون 54 ومسار التضييقات على الحريات التي كانت نتاجاً لثورة 2011.

دعت نقابة الصحفيين التونسيين كافة الصحفيات والصحفيين بالمؤسسات الإعلامية الخاصة والعمومية والجمعياتية، اليوم الأربعاء 10 كانون الثاني/يناير، لارتداء الشارة الحمراء بمقرات عملهم/ن طيلة اليوم.

وقالت الناشطة السياسية منية العرفاوي، إنه "يوم حزين في تاريخ الصحافة التونسية في ظل انتكاسة لحرية التعبير ووضع يحاول الصحفي التعايش معه منذ عامين"، لافتةً إلى أن أبرز مكاسب الثورة انحدر بشكل مقلق مع التضييق المتعمّد على الحريات التي تم خنقها.

وأضافت "هذه صرخة غضب ليست الأولى لكن الوضع اليوم لم يعد يحتمل، وكل الخطوات النضالية التي نقوم بها مرشحة للتصعيد ولسلك أساليب مقاومة جديدة بعد أن تبين أن هذه المنظومة هي منظومة مُعادية للحريات في العمق وتسعى إلى ترهيب الصحفيين/ات وتكميم الأفواه وهذا لن يقبله الصحفي/ـة".

واعتبرت منية العرفاوي التي كانت بدورها ضحية  للقانون 54 بعد أن تقدم ضدها وزير الشؤون الدينية الحالي إبراهيم الشائبي مرتين بشكوى على خلفية مقال صحفي مرفوق بعدد من التدوينات، أن النضال بشتى أشكاله سيكون خطوة الصحفيون/ات الفترة المقبلة من أجل استرجاع حرية التعبير، مشيرةً إلى أن المعركة "هي افتكاك للحرية المنهوبة التي وهبتها الثورة التونسية ومن ثم باتت هدفاً للسلطة".

 

 

بدورها أفادت عضو نقابة الصحفيين التونسية، خولة شبح، أن الوقفة تطالب بإطلاق سراح الموقوفين على ذمة التحقيق واستبعاد النصوص القانونية المُقيدة لحرية الصحافة والتعبير على غرار القانون 54 ومجلة الاتصالات والمجلة الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب الذي يحاكم به الصحفي في تونس.

ولفتت إلى أن الملاحقات ضد أبناء السلطة الرابعة انطلقت من القضاء الخاص إلى القضاء العدلي وزُج بثلاثة صحفيين وراء القضبان "يحاكم اليوم الصحفي زياد الهاني بتهمة إزعاج الغير عبر مواقع الاتصال العمومية على معنى مجلة الاتصالات القديمة التي كانت قبل الثورة ولا تزال السلطة تحيل الصحفيين عليها".

وأكدت أن حرية الصحافة أمام خطر ملموس خاصة مع انخراط القضاء في ملاحقة الصحفيين/ات خارج إطار قانون عملهم، مشيرةً إلى أن الوقفة جاءت للمطالبة بتفعيل النصوص التشريعية المنظمة لقطاع الصحافة واستبعاد كل التشريعات التي تتضمن عقوبات سالبة للحرية يجد فيه الصحفي نفسه مهدداً بالسجن.

واعتقلت السلطات ما لا يقل عن 20 صحفياً ومحامياً، وطلبة وغيرهم من المنتقدين، وتم اتهامهم والتحقيق معهم بسبب تصريحاتهم العلنية على الإنترنت أو في وسائل الإعلام.

واعتمدت السلطات على الفصل 24 من القانون عدد 54، الذي ينص على غرامة تصل إلى 50 ألف دينار (حوالي 16 ألف دولار أمريكي) والسجن خمس سنوات لاستخدام شبكات الاتصال "لإنتاج، أو ترويج، أو نشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة " أو "التشهير بالغير" أو "تشويه سمعته" أو "الاعتداء على حقوق الغير" أو "الإضرار به مادياً أو معنوياً" أو "التحريض على الاعتداء عليه" أو "الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني" أو "بثّ الرعب" أو "الحث على خطاب الكراهية". تُضاعَف عقوبة السجن إذا اعتُبرت أنها تستهدف "موظفاً عمومياً" أو "شبهه".

 

 

والجدير ذكره أن القانون عدد 54 يلزم شركات الاتصالات بتخزين البيانات المتعلقة بهوية المستخدمين وحركة الاتصالات والبيانات الوصفية بشكل منهجي لمدة عامين على الأقل (الفصل 6)، ويخول السلطات، بناءً على أمر قضائي بمصادرة الأجهزة الشخصية وتتبع الأفراد واعتراض اتصالاتهم لـ "كشف الحقيقة" (الفصل 9).

ويناضل المجتمع المدني من أجل إلغاء هذا المرسوم أو إدخال أي تعديلات عليه، مندداً بانتهاك الخصوصية عبر تسجيل البيانات الخاصة ومراقبتها.