القمة العالمية للشعوب منصة لنقل أصوات النساء اللواتي تواجهن الحروب

نظمت القمة العالمية للشعوب جلسة ناقشت فيها نضال النساء في فلسطين ولبنان والسودان ضد الإبادة والعنف الممنهج.

نغم كراجة

غزة ـ في إطار حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، نظّمت القمة العالمية للشعوب أمس السبت 7 كانون الأول/ديسمبر، جلسة بعنوان "النساء في مواجهة حرب الإبادة بفلسطين ولبنان والسودان".

جلسة القمة العالمية للشعوب كانت منصة لنقل أصوات النساء اللواتي تواجهن الحروب والعنف والاضطهاد وتسليط الضوء على النضال المشترك من أجل التحرر، والدور الريادي للنساء في مقاومة الظلم والاستعمار.

 

مريم أبو دقة: من غزة إلى العالم… المرأة تدفع الثمن الأكبر

افتتحت الجلسة الناشطة السياسية مريم أبو دقة بتقديم شهادتها عن الواقع المرير الذي تعيشه الفلسطينيات "في الوقت الذي ينشغل به العالم بمحاربة العنف ضد المرأة، فإن هذه القوانين الدولية التي وُضعت بعد الحرب العالمية الثانية من أجل حقوق الإنسان والمرأة والطفل، لا تنطبق على شعوبنا العربية، وخصوصاً الشعب الفلسطيني".

وأكدت أن القوانين الدولية، التي أظهرت نفسها كوسيلة لحماية الشعوب، تقف عاجزة عند مواجهة "الانتهاكات الإسرائيلية"، مضيفةً "منذ 76 عاماً ونحن نتعرض للقتل والتشريد والإبادة والتدمير، ونتعرض لكل الانتهاكات الإسرائيلية، رغم وجود قرارات دولية تؤكد حقوقنا كفلسطينيين".

وأوضحت أن المرأة الفلسطينية دفعت الثمن الأكبر في هذه الحرب حيث قُتلت أكثر من 16 ألف امرأة وفتاة، بينما تعيش الآلاف منهن في ظروف غير إنسانية وسط انعدام المقومات الحياتية الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الصحية. 

كما تطرقت إلى موقف شخصي عاشته عندما مُنعت من الحديث في فرنسا أثناء حضورها لمحاضرات نظمتها قوى تقدمية، وقالت "عندما حاولت الحديث عن مجازر في غزة، تعرضت للطرد، ورغم ذلك دافعت عن نفسي وأوصلت الحديث".

وأكدت مريم أبو دقة أن نضال المرأة الفلسطينية جزء من نضال الشعب الفلسطيني "كنساء فلسطينيات متأكدات أنه ليس لنا حرية ولا كرامة دون حرية الوطن وكرامته، والمرأة نصف المجتمع ومربية للنصف الآخر، نحن ندرك أنه لا يمكن تحقيق ثورة دون أن تكون النساء في مقدمتها".

وأشارت إلى الأطر النسوية العالمية التي شاركت في تأسيسها، مثل الجبهة العالمية لمقاومة الفاشية والعنصرية والصهيونية، ومؤتمر النساء القاعديات الذي يضم 40 دولة، مؤكدةً أن هذه الأطر تؤمن بأن الحرية تحتاج إلى تضحيات كبيرة، وأن النساء هن العمود الفقري لأي ثورة أو نضال. 

 

سكينة بسما: نضال المرأة اللبنانية امتداد للمقاومة العالمية

من جانبها تحدثت سكينة بسما، عضو الحزب الشيوعي اللبناني عن الدور المحوري الذي لعبته النساء في لبنان في مواجهة الاستهدافات الإسرائيلية على البلاد "على مر التاريخ تحملت النساء عبء الظلم الذي فرضته الأنظمة الاستعمارية والطبقية، هذه الأنظمة لم تكتفِ بنهب الأرض والموارد بل استهدفت الإنسان ذاته، وخاصة النساء عبر جعل أجسادهن وأعمالهن أدوات لاستمرار القمع وإعادة إنتاج الأنظمة ورأس المال".

وأوضحت أن النساء في الحروب يُنتزعن من بيوتهن وأحلامهن، وتُحول حياتهن إلى وقود للصراعات، مشددةً على أنهن لم تكنّ يوماً مجرد ضحايا بل كنّ دائماً في طليعة المقاومة "في وجه الاستعمار والظلم، قادت النساء الثورات، وخططن في الخفاء، وحاربن في الميدان من أروقة المصانع إلى ساحات القتال، كنّ شعلة أمل لشعوبهن".

وأضافت أن صراع اللبنانيات أثناء الهجمات الأخيرة على لبنان هو امتداد لصراع الفلسطينيات في استرجاع الأرض، وصراع السودانيات ضد جرائم الاغتصاب التي تُرتكب بحقهن، وصراع كل نساء العالم ضد التبعية والاضطهاد، مؤكدة أن الحركة النسائية هي جزء لا يتجزأ من الصراع الأممي لتحرير الشعوب المقهورة. 

 

حنين عاشور: صوت من غزة وسط الإبادة الجماعية

من غزة، قدمت حنين عاشور عضو اتحاد لجان المرأة العاملة الفلسطينية مداخلتها، مشيرةً إلى أن الحرب الأخيرة أسفرت عن ارتكاب 36 ألف مجزرة راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شخص، بينهم 13 ألف عائلة تم شطبها بالكامل من السجل المدني. 

وقالت حنين عاشور إن القوات الإسرائيلية تستهدف النساء والأطفال بشكل خاص، حيث إن 70% من الضحايا هم النساء والأطفال "في كل ساعة تقتل القوات الإسرائيلية اثنتين من الأمهات في كل ساعتين كما يُقتل خمسة أطفال في غزة، هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل قصص معاناة حقيقية تعيشها العائلات الفلسطينية كل يوم".

وأشارت حنين عاشور إلى الظروف الصعبة التي تعيشها النساء النازحات، حيث تفتقرن إلى أبسط مقومات الحياة، مثل المياه النظيفة والطعام والمرافق الصحية، مبينةً أن 66 ألف امرأة حامل تعانين من النزوح المتكرر، مما يعرض حياتهن وحياة أجنتهن للخطر. 

كما تطرقت إلى معاناة الأسرى الفلسطينيين، مشيرة إلى أن شقيقها المصاب بالسرطان يتعرض للتعذيب في السجون الإسرائيلية وأصيب مؤخراً بنزيف حاد جراء تعرضه للاغتصاب، وأبناءه يعانون من صدمة نفسية أثرت على قدرتهم على النطق، ورغم ذلك أكدت إيمانها بأن نضال الشعب الفلسطيني سيُكلل بالحرية وإعادة الإعمار. 

وحول أوضاع المرأة السودانية وصمودها، اختتمت الجلسة إحسان فيغاري، عضو قطاع الأطباء في الحزب الشيوعي السوداني، وصفت فيها معاناة النساء السودانيات في ظل الحروب والنزاعات المسلحة التي جعلت من أبسط احتياجاتهن الأساسية أمراً عسيراً، وأكدت أن النساء السودانيات تعشن في ظروف كارثية تفتقر إلى المياه والغذاء والرعاية الصحية، ورغم ذلك صمدن في وجه المعاناة.

وأشادت بنضال الفلسطينيات، واصفةً إياهن بأنهن قدوة لكل الشعوب المضطهدة، مبينةً أن الإحصائيات تشير إلى تعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف بأشكاله المختلفة، مضيفةً إلى أن شعار الحملة الذي يبرز مقتل امرأة كل عشر دقائق يعكس حقيقة العنف المنتشر عالمياً.

وأوضحت أن تدمير المستشفيات بنسبة 80% في السودان وفلسطين يعكس عمق المأساة الإنسانية، مشيرةً إلى أن غياب الإمدادات الطبية والإغاثية فاقم معاناة النساء في هذه المناطق، مؤكدة أن النضال النسوي سيبقى متواصلاً رغم كل الظروف، وأن النساء في العالم العربي يقدن خط المواجهة ضد الظلم والاستبداد.

وأضافت "نتعلم من نساء فلسطين الثبات الأسطوري الذي يسجل في صفحات التاريخ، في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بحملات لمناهضة العنف ضد المرأة، نجد أن النساء في أغلب البلدان العربية تتعرضن للعنف والتهميش بصورة ممنهجة".

 

صوت المرأة مقاومة لا تنطفئ

خلصت الجلسة إلى أن النساء في فلسطين ولبنان والسودان تجسدن أسمى صور الصمود والنضال حيث تحملن أعباء الحروب والقهر وواجهن مصيراً مشتركاً من المعاناة والإقصاء لكنهن في الوقت ذاته كنّ ولا تزلن في طليعة النضال من أجل الحرية والكرامة، المرأة ليست مجرد ضحية للحروب بل هي شعلة مقاومة لن تنطفئ مهما اشتدت الأزمات.